راجعين بقوة الســـلاح
راجعين نحرر الحمى
راجعين كما رجع الصباح
من بعد ليلة مظلمــة
فكانت رباعياته التي حاولت أن تبحث عن الخلل:
يا عندليب ماتخافش من غنوتك
قول شكوتك واحكي على بلوتك
الغنــــوة مـش حتمــوتك إنمــا
كتم الأغاني هو اللي ح يموتك
في ذكراه نستعيد رائحة زمن قد نختلف في بعض تفاصيله، لكننا لا نختلف على عبقه.
زكي
* * * * *
الساخر الكبير (صلاح جاهين)
مثل قطعة من وطن.. أو قطعة من حب.. أو قطعة من زهر.. أو مثل ابتسامة خرجت ولم تعد الشفاه مزمومة مرة أخري يأتي صلاح جاهين..
ذلك الوجه الذي مهما حاولت الريشة أن ترسمه فإنها تنتقص من حقه، فكتابات ورسومات صلاح جاهين مثل قصيدته "القاهرة في ألف عام".. حياة كاملة لهذا البلد ترسم أناتها وضحكاتها..ثورتها وتحريرها ثم انكسارها.
عاش صلاح جاهين مثلما عاشت مصر.. كانا معاً مترافقين لحظة بلحظة وليلة بليلة ودمعة بدمعة، أحبها وهي في عز عنفوانها مقتدياً بجده الصحفي الكبير أحمد حلمي الذي لم يتبق منه سوي ميدان وشارع في حي شبرا وأغنية شعبية رغم أن أحمد حلمي ترأس تحرير جريدة اللواء، وكان الصديق المقرب للزعيم مصطفي كامل ومحمد فريد، وكانت في بيت صلاح جاهين صورة كبيرة له بتوقيعه وعليها إهداء لجده أحمد حلمي وقد عاشت ثورة 1919 في أعماق صلاح جاهين رغم أنه من مواليد 1930 لكن اسطوانات سيد درويش والتاريخ الذي كان يسكن بيتهم جعلوه مفتوناً بثورة 1919 .
كانت طفولة صلاح جاهين تحمل شقاوة وحنية لا مثيل لها -حسب وصف شقيقته بهيجة-التي تقول: كان يكره العدوانية ولا يميل إلي الصخب وكان جريئاً لدرجة أن هناك صديقاً للعائلة اسمه الدكتور محمد العناني جاء إلي بيتنا مرة وكان صلاح في الثالثة من عمره فوقف علي كرسي وقال كاني ماني ودكان الزلباني.. والدكتور العناني..
وبهيجة كانت تخطف اللعب من صلاح وتضربه، فتحاول أمهما أن تضربها فيقول لها صلاح: ما تضربيهاش.. هي لسه صغيرة.. وكانت تصغره بعامين.
وجد صلاح أمامه مكتبة ضخمة تركها جده أحمد حلمي فقرأ فيها المتنبي والجبرتي ومدرسة أبوللو وشوقي، ولعل هذا هو سر اتجاهه للفصحي أما سر اتجاهه للعامية فيقول صلاح جاهين في حوار تليفزيوني مع الشاعر (فاروق شوشة) لم يذع ولم ينشر ولدينا نسخة منه أنا الحقيقة كنت في حالي وبعدين لقيت جريدة مكتوب فيها حتة صغيرة علي عامود في آخر الصفحة بإمضاء (فؤاد حداد) ولما قرأتها لقيتها مكتوبة بالعامية ومكتوبة بألفاظ عادية يعني كده من حديث كل يوم لكن مشحونة بمشاعر كبيرة جداً من وجهة نظر رقيقة وفي نفس الوقت معرفش مشحونة بإيه يعني، فأنا أعجبتني النغمة دي جداً ومن وقتها قررت أني مش ح اكتب إلا باللهجة دي.
ورغم أن كل إبداعات صلاح جاهين تستحق التأمل والتوقف سواء دواوينه (كلمة سلام) 1955 والذي كتب له كمال عبد الحليم مقدمة رائعة، وموال (عشان القناة) 1965 وعن (القمر والطين) 1961 و(قصاقيص ورق) عام 1966 و(أنغام سبتمبرية) 1984.. أو رباعياته الفلسفية الشعرية الرائعة التي كتبها أول مرة في شارع قصر العيني وهو ذاهب إلي مجلة صباح الخير -حسب رواية ابنه الشاعر بهاء جاهين- وترددت في خاطره كلمات تقول:
مع أن الناس من أصل وطين
وكلـهم نازلين مغمضيـن
الدقائق والشهور والسنين
تلاقي ناس أشرار وناس طيبين
عجبي
ووصل المجلة فالتقي برئيس تحريرها (أحمد بهاء الدين) وأسمعه رباعيته ليأخذ رأيه فطلب منه أحمد بهاء أن يكتب رباعية كل أسبوع لتنشر في صباح الخير، ولما طلب منه هيكل أن ينتقل إلي الأهرام رسام كاريكاتير عام 1962 توقف عن كتابة الرباعيات حتى عاد عام 1966 رئيساً لتحرير مجلة صباح الخير فأكمل الرباعيات وبعد حرب 1967 عاد مرة أخري إلي الأهرام.
من إبداعاته أوبريت الليلة الكبيرة والقاهرة في ألف عام الذي لم يحقق النجاح المتوقع.. وكتب خلي بالك من زوزو، ليستمر في دور العرض عامين ونصف العام ثم أميرة حبي أنا ثم المتوحشة الذي سقط ولم يحقق نجاحاً ثم شفيقة ومتولي.. أقول رغم آلاف الإبداعات لصلاح جاهين فإننا نحاول هنا أن نركز علي سخرياته فهو واحد من أعظم الساخرين..
ودوره في السخرية مثل دوره المتميز في الشعر الذي قال عنه (سيد خميس): لقد أنزل صلاح جاهين الشعر الحقيقي من سماء التفاصح (التعقيد اللغوي والمعنوي) مسترداً للناس بعض شعرهم الحقيقي المسروق والمستنكر المبعد عن ديوان الشعر الرسمي لأحقاب تاريخية طويلة.. كما نفض عن الشعر الحقيقي تراب الواقع وغلظته وتشوهه، ليعيد للصورة الشعرية الواقعية جماليتها المنسية.. وصلاح منذ بداياته امتلك ناحية الشعر وأوصله لدرجة أكثر من البساطة تأمل قوله في أول دواوينه كلمة سلام:
أربع إيدين علي الفطار
أربع شفايف يشربوا الشاي باللبن
ويبوسوا بعض ويحضنوا نور النهار
بين صدرها وصدره وبين البسمتين
ويحضنوا الحب اللي جمعهم سوا علي الفطار
ويحضنوا الشمس اللي بتهز الستار
وتخش من بين الخيوط وبعضها مع الهوا
سأله (زكريا الحجاوي) ذات يوم عن سر اتجاهه إلي الشعر فقال صلاح: لأنني أريد أن أقول تيرلم تيرلم.. تيرلم.. وبالفعل قال صلاح ترلم ترلم، وقال أيضاً (بان عليه حبه) لنجاة.. و(ياما قلبي قاللي لأ) لفايزة أحمد و(أنا هنا يا ابن الحلال) لصباح وغيرهن.
ومن حقه أن يقول تيريلم فهو الولد الوحيد علي ثلاث بنات، ووالدته كانت تهتم به وعلمته القراءة والكتابة والحساب أيضاً.. بل يروي ابنه بهاء عنه كان يروي لي كيف كانت تحمله وتقف به في الشباك وتقول له: شايف السما زرقا إزاي يا صلاح؟ شايف السحاب أبيض إزاي؟ وأرضعته أمه أيضاً فيما أرضعته الوطنية.. كانت أمه ممن خرجن في ثورة 1919 وزارت بيت الأمة أملاً في رؤية سعد زغلول بعد عودته من المنفي فلم تجد إلا سترة له معلقة علي مشجب فاحتضنتها في وجد وتقديس.
يضيف بهاء: إن الله يسّر الوالد (صلاح جاهين) لما خلق له، فشاء أن يلف مصر من أعلاها إلي أدناها لكي يتشربها وجدانه كلها بصعيدها ودلتاها، وهو بعد صغير فقد كان والده شأنه شأن الموظفين العموميين في تلك الفترة ينتقل كل عامين أو يزيد أو يقل، من بلدة لأخرى، ومن محافظة لأخرى، كان أبوه وكيلاً للنيابة لكنه كان وكيلاً من نوع عجيب في جلسات المحكمة، وفي انتظار مرافعته كان يرسم القضاة والمتهم والمحامي والشهود، وكانت زوجته تصنع تماثيل من الطين وتحرقها في فرن المنزل، وقد عملت قبل زواجها مدرسة للغة الإنجليزية في مدرسة السنية وفي الفترة القصيرة التي عملت فيها، كانت تكتب كل عام مسرحية لحفلة المدرسة وتخرجها وتصنع لها الملابس.. وقد خلد (صلاح جاهين) حبّها في قصيدة كتبها في أحد أعياد ميلاده في 25 ديسمبر عام 1960 بعنوان ميلاد قال فيها:
بعد ولادتي في الزمن ثلاثين سنة
صبحت تاريخ زي السيوف والسقايين،
زي الشراكسة والشموع والسلطنة
زي الخيول.. ضاعت سنين في السنين.
ولكن للفنان حسين بيكار قصة مع والد صلاح جاهين حين كان والد صلاح يرغب في أن يدرس ابنه الحقوق لكن صلاح كان يري نفسه في الفنون الجميلة.
يقول بيكار: جلست في مكتبي أستمع من بعيد إلي أصداء الصخب المنبعث من مرسم قسم التصوير الذي كنت أرأسه، وقد اختلطت أصوات الطلبة والطالبات محدثة خليطاً من الضجيج يتنافي مع جلال المكان الذي ينبغي أن يحاط بغلالة من الصمت الوقور الشبيه بمحاريب العبادة والصلاة..
وفجأة وأنا أحاول إبعاد هذا الضجيج من وجودي، إذا بطالب قصير القامة يقترب مني بحذر شديد ويقول: اسمي صلاح جاهين سنة أولي تصوير وجئت أستشيرك في مشكلة تقلقني لدرجة أفقدتني توازني.. فأنا أحب والدي لدرجة التقديس، وكانت أمنيته أن أسلك نفس الطريق الذي سلكه، فألحقني بكلية الحقوق التي قضيت فيها عامين مرغماً لأن اهتمامي كله كان منصرفاً إلي الفن.. فقررت أن أنسلخ من كلية الحقوق وألتحق بكلية الفنون الجميلة، الأمر الذي كان يرفضه أبي تماماً.. ولهذا تجدني في غاية الحرج لا أريد أن أحبط والدي، كما لا أريد أن أكبت مشاعري الصادقة التي تتصاعد يوماً بعد يوم لدرجة الهوس!!
بهرتني شجاعة هذا الطالب وتشبثه بهدفه النبيل، فقلت له: هل في إمكانك أن تحدد لي موعداً ألتقي فيه مع والدك؟
وفي اليوم التالي جاء صلاح بصحبة والده، الذي جلس فوق مقعده كأنه أحد تماثيل كهنة آمون.. بادرته بقولي: أرحب بك كوالد لواحد من أكفأ الطلبة الذين أتنبأ له بمستقبل يشرفك ويشرف مصر، والفن يا سيدي المستشار ليس مهنة يتبرأ منها الإنسان، فهناك من عمالقة التاريخ من يتربعون فوق قمة المجد والشهرة أمثال مايكل أنجلو ورمبرانت في الخارج وأمثال محمود مختار ومحمود سعيد في مصر، بينما لا نري في المهن الأخرى مهما تعاظمت من يحتل هذه المكانة في قلب ووجدان الجماهير.. إن مكان صلاح جاهين في الفن، ولا شيء غير الفن.
ارتسمت سمات الامتعاض علي ملامح الوجه المتجهم، ورحل الرجل دون أن يطلعني علي قراره الأخير!!
في اليوم التالي توجهت كعادتي إلي المرسم، بحثت عن صلاح بين زملائه فلم أعثر له علي أثر.. وفي اليوم اللاحق أيضاً كان المرسم خالياً منه، وتوالت الأيام دون أن أرى صلاح منهمكاً في رسم النماذج التي كان يقبل عليها بنهم شديد.. وعلمت من زملائه أنه عاد إلي كلية الحقوق إرضاءً لوالده.. ولكنه لم يلبث فيها إلا بعض الوقت حتى انسلخ منها أيضاً وانقاد إلي قدره الذي حدده له التاريخ!!
وتألق نجم صلاح جاهين في جميع الميادين، في الشعر، في رسم الكاريكاتير، في التأليف الغنائي والمسرحي وغني ومثل قال جاهين لأبيه بعد ذلك إنه سيفخر بابنه، وبالفعل حدث هذا ومع أكبر رأس في البلد، مع الرئيس (جمال عبد الناصر) نفسه، فقد عين والد صلاح رئيساً لمحكمة الاستئناف العليا، وذهب ليؤدي اليمين الدستورية أمام عبد الناصر فهمس وزير العدل في أذن الرئيس عبد الناصر بعد ذلك بأن هذا والد صلاح جاهين فابتسم عبد الناصر وعاد ليسلم عليه مرة أخري بكلتا يديه باهتمام أكبر من الأول.. ولما عاد والد صلاح إلي البيت قال لصلاح وهو سعيد: معقولة وصلت المسألة لأن أعرّف بك.
جاءت بوادر السخرية مبكراً عند صلاح جاهين إذ يروي صديقه (هبة عنايت) إنه اكتشف-وهما طلبة في فصل دراسة واحد بمدرسة أسيوط الثانوية- فيه شاعر فصحي يلتزم القافية والوزن وقال صلاح أبياتاً من الشعر الفكاهي تلاها عليّ وكتبتُها في حينه، ومنها:
جاءت سنية للدكان باسمة.. عريانة الرأس كي تبتاع منديلاً،
زغزغتها فاستبوخت عملي.. قلت ماذا؟..قالت بس جاك نيلة.
كان صلاح من الذين لا يعرفون الكثير عن العبقرية والإلهام في العمل الفني، ولكنه كان من الذين يعرفون أكثر عن العمل الشاق في الإبداع، كما كان الكاتب الروسي الفذ أنطون تشيخوف يقول عن نفسه، ولثقافته المتنوعة وتذوقه للفن الرفيع في الموسيقي والرسم والمسرح، ولفرط تهذيبه وخجله، وعرف صلاح أنني وسيد منضمان لأحد التنظيمات اليسارية السرية التي تقف علي يسار التنظيم اليساري الذي يتعاطف مع توجهاته، وبدلاً من أن ينفر منا وهو النجم الساطع في سماء الصحافة والفن ونحن لا نزال في بدايات الطريق، احتضننا بمودته وعاطفته الرحيبة، وكان نقدنا لبعض رسوماته أو شعره أو مواقفه والذي لا يخلو من حماقة التطرف يزيد من حنوه علينا ومناقشتنا وتشجيعنا، واحترام رأينا في إنتاجه الفني الذي كان دائم الوسوسة بشأنه، كان يعرض علينا تجاربه الفنية في بداياتها فإذا اكتملت عرضها علي الكاتب الكبير أحمد بهاء الدين الذي كان صلاح يعتبره ضميره الثقافي والسياسي (سمي ابنه البكر الشاعر بهاء جاهين علي اسمه) بعد صدور الميثاق الوطني.
رأي صلاح أن نعد ورقة عن المفهوم الاشتراكي للأدب والفن، وفاتح الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل في الأمر، فرحب بالفكرة وأجهدنا أنفسنا في صياغة الورقة المطلوبة (سيد حجاب وصلاح وأنا) وذهب صلاح بالورقة بناء علي توجيهات هيكل، إلي السيد حسين الشافعي عضو مجلس قيادة الثورة والمسئول عن الاتحاد الاشتراكي.
وتتجلي قمة السخرية عند صلاح جاهين في رسومه الكاريكاتورية وقد تناول قضايا في السبعينيات والثمانينيات مازالت تعيش بيننا حتى الآن.. ولو نشرت هذه الرسومات اليوم لما أحسست بفرق الزمن فيها فمثلاً كاريكاتير فيه مراقب وطالب في لجنة امتحان، والطالب يسأل المدرس:
- يا بيه يا بيه يا بيه.
- عايز إيه.
- ميدو بالألف والا بالهيه؟
- ليه؟
- عايز أكتب اسمي علي ورقة الإجابة!
وستدهش حين تجد كاريكاتيراً عن المياه الملوثة عبارة عن رجل يضبط لبّانأ يملأ فنطاس اللبن من طلمبة مياه حبشية ثم يقول:
-بس أنا ما أخلطش اللبن بمية البندر أبداً.. أحسن يتلوث ويحمض!
وهناك كاريكاتيرات عديدة يعبر عن دخول خطوط التليفونات في بعضها وهي مشكلة لا زلنا نعاني منها ومنها واحد بيقول لواحد:
- افتكرت قابلتك فين.. في مكالمة تليفونية، والخطوط سايحة علي بعض!.
وهكذا ظل صلاح جاهين حتي رحيله في 25 ديسمبر 1986 شرساً في معاركه طيباً وبسيطاً في حياته.. وقد وقف كثيراً بجوار سعاد حسني وساندها في تخطي جميع أزماتها وكانت تعتبره أباها الروحي وتأخذ رأيه في كل شيء يخص حياتها سواء علي المستوي الشخصي أو الفني.. وقد زارته سعاد في موسكو عام 1972 حين كان يعالج في مصحة نفسية بسبب الاكتئاب وبقي فيها 5 أشهر.. وقد أصيب صلاح بالاكتئاب مرتين، الأولي بعد نكسة 1967 وكان قد هوجم بشراسة من النقاد بعد أن كتب خلي بالك من زوزو، والدنيا ربيع، والحياة بقي لونها بمبي.
وفي آخر حياته عاودته نوبة الاكتئاب مرة أخري.. ولم يستطع الفكاك منها.. وراح يتذكر حياته كلها في شريط يمر أمامه ومنها الثورة وعبد الناصر الذي شطب اسمه من قائمة الاعتقالات خمس مرات مهما فسّر له من حوله، ثم علاقته بإخوته وزوجتيه الاثنتين وابنه بهاء.. ثم سعاد حسني وكل شيء.. كل شيء مر بحياته و.. وترك كلماته لبهاء:
أوصيك يا ابني بالقمر والزهور
أوصيك بليل القاهرة المسحور
وإن جيت في بالك اشتري عقد فل
لأي سمرا.. وقبري إوعك تزور..
عجبي
خرج ابن آدم م العدم قلت: ياه
رجع ابن آدم للعدم قلت ياه
تراب بيحيا.. وحي بيصير تراب
الأصل هو الموت ولا الحياة؟
عجبي
* * *