رمضان كريم وكل عام وانتم بخير. أخيرا أطلقت وزارة النقل حملة إعلانية للتوعية بأن المال العام ملك لكل مواطن. ويارب تجيب نتيجة، فالتوعية بدون أدني شك هي الخطوة الأولى على الطريق الصحيح للحفاظ على المال العام. وياريت لو تلقي هذه الإعلانات التنويرية مزيدا من الضوء على سلوك المفسدين في الأرض من الذين نهبوا البلد وأشطوها.
زمان كنت واحد من ركاب القطار أسبوعيا تقريبا بين القاهرة والزقازيق والأسكندرية ومدن أخرى وطالما أتذكر هوايتي المفضلة وهي الجلوس بجوار النافذة لمشاهدة الحقول الخضراء الفسيحة وحيوانات الحقل وطالما كنت أذهب عند أقربائي في ريف مصر الجميل من فرط حبي وعشقي له.
كنت أركب القطار واستمتع بالجلوس جوار النافذة لأشاهد الحقول الخضراء واشم رائحة العيش الفلاحي والفطير المشلتت التي لاتضاهيها رائحة في الغرب كله.
صحيح في الغرب أرى مناظر بديعة من مساحات خضراء وأنهار وبحيرات وطرق وكبار وأشعر بداخلي بحزن خافت متمنيا أن تصبح مصر مثل أمريكا في التقدم والتطور والإصلاح والسلوك الفردي المبرمج على الحفاظ على المال العام والممتلكات التي يستفيد منها الجميع.
منذ أيام قليلة كنت أركب القطار في ولاية فرجينيا الأمريكية خط "فريدريكسبيرج - واشنطن" وكانت أول مرة أركب فيها القطار "القشاش" الأمريكي وهو قطار مكيف بدورين غاية في النظافة وحماماته أفضل 100 مرة من حمامات كثير من الطائرات التي ركبتها. وكنت أقول لنفسي ياليت القطار "التوربيني" في مصر ربع قشاش أمريكا! في كل لحظة كنت أسأل نفسي ليه قطارات مصر ليست كقطارات أمريكا من حيث النظافة والنظام وإجراءات السلامة وموظفيها الذين يبتسمون في وجهك ويتمنون لك رحلتك ممتعة؟ وليه أغلبية ركاب مصر ليسوا كركاب أمريكا من حيث النظام واحترام المال العام والحفاظ عليه لأنهم وأولادهم يستفيدون به كل يوم؟
على فكرة، نادرا ما يمر الكمسري أو محصل التذاكر ليسألك عن التذكرة. هناك ثقة في أن كل شخص معه تذكرة. فلن يجرؤ أحد على الركوب بدونها حتى ولو حيفوته القطار. ومن يكتشف بالصدفة أنه بدون تذكرة (مزوغ يعني مثل نصف ركاب قطارات مصر المحروسة) يضع نفسه في موقف لا يحسد عليه وكأنك جردته من ملابسه أمام الناس! كمسري القطار القشاش الكهربائي لا يقطع تذاكر. الراكب يحصل على التذاكر من محل بقالة أو من أجهزة الكومبيوتر الموجودة بالمحطة - وبالمناسبة ليس كل محطة بها موظف. هناك محطات كثيرة بلا موظفين، فهي محطات أوتوماتيكية مزودة بأجهزة الكومبيوتر للحصول على التذكرة. تمنياتي بنجاح حملات التوعية.
ولكن أين حملة التوعية من أنفلونزا الخنازير؟
غريب أن هذه الحملة الإعلانية لوزارات مختلفة على التلفزيون، ليس فيها وزارة الصحة في وقت يقترب فيه الشتاء والمدارس على الأبواب ومصر بحاجة إلى حملة صحية مكثفة لتوعية الناس بكيفية التعامل مع أنفلونزا الخنازير. وأكيد وزارة الصحة على علم بأن المصاب قد لايعبأ في كثير من الأحيان بمسألة نشر الفيروس وتجده ويظل يقابل أصدقاءه ويأخذهم بالحض ويبوسهم ع الخدين ويصافحهم.
كثير من الأمهات يفكرن في عدم إرسال أطفالهن إلى المدارس خوفا من إصابتهم، خاصة وإن الفصول في مصر تكتظ بالتلاميذ فوق العدد القانوني، وبالتالي مع قلة التهوية يكون نفس الأطفال في كل مكان، ولك أن تتخيل لو بينهم مصاب بالفيروس.
وزارة الصحة عليها مسؤلية بالغة الأهمية للتوعية من أنفلونزة الخنازير، خاصة في الريف المترامي بأنحاء الجمهورية وفي الصعيد. الشفافية أيضا مهمة. هنا في أمريكا المجلس العلمي الرئاسي أوضح للناس أن نصف الأمريكيين (حوالي مئة وخمسين ميلونا) سيصاب بفيروس أنفلونزة الخنازير هذا العام وأن عدد الوفيات منه قد يصل إلى تسعين ألف حالة. حتى الأن أكتر من خمسمئة وخمسين أمريكي ماتوا من الفيروس