كان الكثيرون بعائلة دكتور سليم يعتقدون أن الطفل صالح سيتألق في الرسم بالفرشاة.. غير أن هذه الهواية سرعان ما تحولت
إلي كرة القدم، لما بدأ يمارسها في حوش مدرسة الاورمان النموذجية، وهو في التاسعة من عمره.. إلي أن قرأ في لوحة
الإعلانات بالمدرسة أن فريق المدرسة يحتاج إلي لاعبين جدد تقدم واختاره (سيد أفندي) ضابط المدرسة ليلعب في الفريق.
وفي المباراة النهائية بين الأورمان والجمعية الخيرية الإسلامية- وكان رئيس فريقها المرحوم عبد العزيز همامي ظهير مصر والأهلي
بعد ذلك – وقعت عينا المرحوم حسين كامل كشاف الأهلي على صالح (وكان قد بلغ 11 سنة من عمره) وعرض عليه الانضمام
إلي فريق الأشبال الذي كونه مختار التيتش لأول مرة.
لمع صالح – بمواظبته ومواهبه- حتى لعب في الفريق الأول سنة 1948 – أي وعمره 18 سنة – وبدأ في مركز الجناح الأيسر
ولعب أول مباراة رسمية مع النادي المصري ببورسعيد .. واستهان به جمهورها، وقال له البعض: أخرج العب بعيد يا شاطر.. ثم
تحولت الاستهانة إلي تصفيق وإعجاب، لما أحرز صالح هدفا صعباً في الزاوية الضيقة قبيل نهاية المباراة.
السفر الى انجلترا
ديلي أكسبريس لندن تكتب عن صالح
وقد استلفت صالح سليم أنظار الصحافة الخارجية في المباريات التي كانت تتابعها لمصر في الخارج أو في القاهرة. وفي مناسبة
زيارة نادي توتنهام هوتسبيرز الإنجليزي للقاهرة لمقابلة منتخب الزمالك والأهلي في نوفمبر 1962، كتبت عنه جريدة "ديلي
اكسبريس" اللندنية عمودا بعنوان: المايسترو يسخن استعداداً للسبيرز.. قالت فيه عن صالح "انه نجم السينما ولاعب الكرة الذي
يضع فيه المصريون أملهم في غزو مرمى توتنهام.. وهو عند مصر في منزلة ستانلي ماتيوس عند انجلترا .ممتاز في ضربات الرأس
ويذكرنا بلاعبنا الكبير تومي لوتون
صالح سليم (32 سنة ) هو كابتن مصر والأهلي، الذي فاز ببطولة الدوري 12 سنة متتالية .. وهو كذلك كابتن المنتخب الذي
سيقابل توتنهام.. وقد أطلقت عليه الجماهير لقب "المايسترو" بعد أول مباراة دولية لعبها منذ عشر سنوات مضت
الإحتراف في النمسا
عن لسان المرحوم صالح سليم وللكاتب عبد المجيد نعمان
في موسم 62/1963، تلقيت من فريتز المدرب النمسوي السابق للأهلي برقية ثم خطاباً مطولاً يعرض فيه أن أنضم لنادي جراتز
الذي قرر – لسوء النتائج- تغيير إدارته وجهاز تدريبه، ومن الاعبين اثنين أجنبيين أنا أحدهما إذا وافقت.
ورأيت أن أوافق لأعرف حقيقة مستواي الدولي بعد أن عرفته على المستوى المحلي.. لبيت الدعوة.. وكان الدوري الأول قد انتهى
والدوري متوقفاً في شهري ديسمبر ويناير بسبب سقوط الجليد، ليبدأ الدوري الثاني في فبراير.
بعد وصولي، أشركوني في عدة مباريات تجريبية، وقد تسبب اختلاف طبيعة أرض الملاعب عنها في مصر في أنني بدأت أشعر –
لأول مرة – بما يشبه الشد في عضلات الساقين.. وعولجت على الفور بالتدليك تحت الماء لأول مرة.
رحلته مع مجلس الإدارة
رحلته الفنية
اجتذبت شهرة صالح وشعبيته المنتجين السينمائيين إليه.. وكان أولهم صديقه المخرج عز الدين ذو الفقار بعد أن مثل فيلم السبع
بنات، اختاره لبطولة فيلم الشموع السوداء أمام نجاة الصغيرة .. بدلاً من صديقه عمر الشريف النجم العالمي الذي اعتذر لارتباطه
بعدة أفلام لشركة كولومبيا.
وقد تولى عز الدين تدريب صالح ثلاثة شهور على التمثيل والإلقاء... ومع هذا – وبرغم وسامته وانه فوتوجنيك- فانه لم ينجح لا في
الشموع السوداء ولا في السبع بنات،أو الباب المفتوح.. والسبب الأول هو أنه في حياته العادية لا يعرف كيف يمثل.. ما في قلبه
على وجهه، وعلى لسانه.
وبرغم إصرار أصدقائه السينمائيين: عز الدين وصلاح ذو الفقار وفاتن حمامة واحمد رمزي وفريد شوقي وجمال الليثي على أن
يعطي نفسه فرصة رابعة إلا أنه رفض.. خاصة بعد أن تجمعت لفيلم الباب المفتوح كل أسباب النجاح: القصة للأديبة لطيفة الزيات،
والإخراج لبركات،والتصوير لوحيد فريد.. والبطلة سيدة الشاشة فاتن حمامه.. ومع هذا لم ينجح هو.
صالح الانسان
لم اكن اتوقع ان تكون مهمتي في الكتابة عن الجانب الشخصي لحياة المايسترو صالح سليم بهذه الصعوبة فقد عشقت الرجل من خلال النادي الاهلي لاني كنت دائما اري الاهلي من خلاله واراه من خلال الاهلي فكلاهما كيان واحد يعشقه كل اهلاوي.
لم اكن اتوقع ان تكون مهمتي في الكتابة عن الجانب الشخصي لحياة المايسترو صالح سليم بهذه الصعوبة فقد عشقت الرجل من خلال النادي الاهلي لاني كنت دائما اري الاهلي من خلاله واراه من خلال الاهلي فكلاهما كيان واحد يعشقه كل اهلاوي.
لكن من خلال البحث و القراءة عن الجانب الشخصي لحياة العبقري صالح سليم اتضح لي ان المهمة صعبة وانني بصدد الكتابة عن شخصية تجمع بحورا عميقة من التجارب الانسانية والخبرات الحياتية قلما تجتمع في شخص واحد , قلما توجد بهذا العمق و هذه المصداقية وأدركت ان الحديث عن انجازاته انما هو تسجيل للتاريخ الذي لن تنسى ذاكرته هذه الانجازات مهما طال الامد , لكن الحديث عن شخصه فيحتاج الى صفحات و صفحات تملأ كتبا تبرز بكل دقة اسرار نجاح هذا الرجل ليتعلم منها اجيال و اجيال قادمة , لذلك سأبذل قصارى جهدي لاعرضها بايجاز.
صالح الخجول: من منا لا يعرف وجه صالح سليم , هذا الوجه الصارم الحازم في قسماته , هذه النظرة الحازمة الجادة , هذه العزة وهذا الاباء المنحوت في قسمات وجهه , لكن قليلون هم من رأوا الخجل والحياء والتواضع المستتر خلف هذه القسمات الجادة , فكل من أقترب من المايسترو يعلم جيدا عنه خجله الشديد عند مصافحة شخص لا يعرفه او عند سماع كلمات الثناء من محبينه والتي كان أهلا لها , كان شديد التواضع , اذا دخل مكان عام تجده يتسلل في هدوء حرصا منه على عدم المغالاة في استقباله , ورغم هذا التواضع كان دائما مركز اهتمام الناس من حوله في أي مكان وهو ما كان يبهجه و يرهقه في ذات الوقت , يبهجه احساسه بحب الناس و يرهقه خجله من مواجهة هذا الحب الجارف منهم حتى انه كان يعجز عن الرد على كلمات الاطراء ويكتفي بالابتسام من شدة الخجل .
صالح الضاحك: كنت اعتقد دائما ان وجه المايسترو لا يعرف الضحك , لكن فوجئت عند اقترابي من شخصيته انه انسان خفيف الظل , ربما لا يبتسم امام الكاميرا في وسائل الاعلام لخجله , لكن مع اصدقائه دائما ضاحكا , ولم يكن يضحك وحده وانما احيانا كثيرة كان يجبر كل من حوله على الضحك حتى تسيل من اعينهم الدموع , كل ضحكاته كانت نابعة من نفسه و لم تكن ضحكا على احد او من احد و سخريته دائما كانت من مواقف تعرض لها في حياته كسخريته من موافقة يوم ميلاده 11 سبتمبر 1930 مع يوم تفجيرات نيويورك وان الناس لن تنسى هذا التاريخ ابدا لانه يوم ميلاد صالح سليم.
صالح سريع الغضب : كان المايسترو رغم وجهه الهادئ على اتم الاستعداد للشجار في أي وقت , فبسرعة البرق ينقلب هذا الرجل الهادئ الى بركان غضب , كانت كل شجاراته بسبب اعتزازه الشديد بنفسه واحترامه الشديد لذاته فلم يكن يقبل او يسمح لأحد بأن ينال من هذا الاعتزاز وكان يعلم ان سرعة الغضب و العصبية هما اهم اخطائه لم يكن يجهلها او ينكرها بل انه كان يعتز بها و مقتنع تماما انه لو عادت به الحياة الى الوراء فلن يغيرها لانها جزئ من شخصيته التي طالما اعتز بها فقد كان مؤمنا ان نجاحه يكمن في حبه لحياته كما هي.
صالح عاشق الموسيق: كانت الموسيقى تطربه و يخصص لها جزءا من وقته , فكان المايسترو عاشقا للموسيقى اللاتينية متذوقا لانغام السامبا والرومبا البرازيلية و التانجو الارجنتينية كما كان يطربه النغم الشرقي الاصيل فكان يهوى صوت الشيخ سيد درويش و يذوب عشقا على نغمات " انا في انتظارك " بصوت ام كلثوم وكانت مكتبته الموسيقية عامرة بالاسطوانات التي كان دائما يراها وسيلة لتغذية روحه و مصدرا لاستمتاعه بحياته وقدرته علي الاستغناء عن وجود الاخرين حوله ووسيلة للتأمل والغوص في اعماق نفسه
صالح الفنان:من منا لا يعرف الشاعر الكفيف احمد صالح وحكايته في فيلم الشموع السوداء , من منا لم يصدقه و يتعاطف معه , كان أداء صالح سليم لهذا الدور عبقريا بكل المقاييس وبأراء جميع النقاد السينمائيين الى وقتنا هذا و يكفي ان هذا الفيلم اعتبر مؤخرا من اهم 100 فيلم قدمتهم السينما المصرية في تاريخها , علاقة صالح بالسينما جاءت من صداقته الوطيدة برفيقيه عمر الشريف و أحمد رمزي حيث كانت صداقتهم مضربا للمثل و دخول صالح مجال التمثيل لم يكن مغامرة فقد مثل 3 افلام مع 3 مخرجين من كبار مخرجي السينما , الشموع السوداء مع عز الدين ذو الفقار , والباب المفتوح مع هنري بركات , و السبع بنات مع عاطف سالم , فبالتأكيد كانت لرؤية هؤلاء المخرجين الكبار ما في قسمات وجه صالح المميزة ما دفعهم للاستعانة به كممثل محترف , لكن لانشغال المايسترو بحبه الاول كرة القدم و سفر صديقه عمر الشريف للخارج قرر التفرغ التام للكرة والتوقف عن التمثيل
[size=9]صالح وفن الطهي: قد يكون بعيدا عن تصوري ان افكر ان المايسترو فنان حتى في الطهي , لكن الحقيقة ان صالح كان ذو مواهب متعددة حتى في المطبخ , فقد كان يجيد اعداد اطباق السمك رغم انه لا يأكله , كذلك معظم اكلات المطبخ الايطالي كان يجيد عملها اجادة تامة , وكان يعشق الفاصوليا البيضاء والجبن بمختلف انواعه والفول المدمس على الطريقة المصرية و التونة كانت هي الصنف الوحيد من الاسماك التي يفضلها.
سمات شخصية: من السمات العامة في شخصية المايسترو انه كان يكره التليفزيون فقد كان يعتبره مثل حبات المنوم لذلك كان لا يشاهد التليفزيون إلا قبل موعد نومه بقليل ليساعده على النوم بسرعةكما لم يحب التحدث في الهاتف لوقت طويل و يمل منه بسرعة لذلك كان استخدام الهاتف بالنسبة له في حالات الطوارئ لا غير يومه كان يبدأ في السادسة صباحا و من أقواله المعروفة " انه يكره ان يبدأ العالم من حوله يوم جديد بينما لا يزال هو في الفراش "
صالح رجل الأعمال: بعد اعتزال صالح لكرة القدم عمل في هيئة قناة السويس للملاحة حتى عام 1974 بعدها شارك اخوه عبد الوهاب سليم في مشروع للنسيج لكن لم يلقى النجاح المنتظر, فقرر الانتقال لعالم الاستيراد و التصدير من خلال شركة "سليمكو" التي أسسها لهذا الغرض, ولم تدم هذه الشركة طويلا فبدا العمل بعدها كوكيل لعدة شركات عالمية في مختلف المجالات مثل شركات المقاولات و الكهرباء و غيرها ومن الطريف جدا ان صالح كان وكيلا لشركة المقاولات التي نفذت مشروع الصالة المغطاة بالنادي الزمالك
[/size]