بقلم مجدي الجلاد
جريده المصري اليوم
جريده المصري اليوم
تهنئة قلبية خالصة لجميع أعضاء تنظيم الإخوان المسلمين داخل مصر وخارجها على نجاح مسلسلهم «الجماعة» على شاشات التليفزيون..!
هذه تهنئة واجبة.. ومهما كان الخلاف، أو الاختلاف، فإن التهنئة من شيم
الكرام.. والدولة طول عمرها كريمة مع «الإخوان».. ربما لأن النظام الحاكم
لا يستطيع العيش دونهم.. وربما لأنهم يجيدون إبرام الصفقات سوياً..
فالنظام يريد الكرسى.. والإخوان يسعون إلى التغلغل والانتشار والمزيد من
«الجنود المخلصين».. تركوا للنظام الكرسى.. فترك لهم الناس.. إنها قسمة
عادلة..!
.. ويبدو أن للإخوان فى جعبتنا هدية كل 5 سنوات.. أى كل انتخابات
برلمانية.. فى انتخابات عام 2005 قدم التليفزيون المصرى برنامجاً أسبوعياً
ظل يشتم الإخوان ويلعنهم على مدى 5 حلقات متتالية.. خطة البرنامج حددت
مسبقاً بمحاوره وضيوفه، بحيث يضرب «الإخوان» فى مقتل.. وكانت المحصلة
تعاطف الناس مع الطرف الضعيف، الذى لم يعطه البرنامج فرصة الردّ، ناهيك عن
عشق المواطن لكل من يهاجمه الإعلام الرسمى سواء التليفزيون أو الراديو أو
الصحافة الحكومية.. نجحت الخطة العبقرية «حصل الإخوان على 88 مقعداً فى
مجلس الشعب لأول مرة فى تاريخهم.. ومات البرنامج إلى يومنا هذا»..!
مع الفارق الكبير.. جاء مسلسل «الجماعة» 2010.. عمل درامى رائع كتبه
المبدع وحيد حامد.. السيناريو يقوم على السيرة الذاتية لمؤسس الجماعة حسن
البنا وصولاً إلى أحوال التنظيم الراهن.. ولـ«وحيد» موقفه المعروف ضد
التيار الدينى الأصولى.. لذا فللوهلة الأولى يبدو المسلسل متحاملاً على
«الإخوان».. غير أن النظرة المنصفة والعميقة تكشف أنه أفضل عمل درامى
قَدَّم هذه الجماعة.. بل إنه أسهم بقوة فى الترويج لها بين قطاعات فشل
«الإخوان» فى الوصول إليهم على مدى عقود طويلة..!
الدراما مثل السحر.. تتسرب إلى الدم دون أن تشعر.. والإخوان فى دراما
وحيد حامد الراقية ظهروا بشراً لهم أخطاؤهم وخطاياهم.. فقال المشاهد «ومن
منا لا يخطئ».. ولكنهم ظهروا أيضاً أصحاب رسالة وتضحيات رغم أنهم انتهجوا
أسلوب العنف.. والناس تشاهد الدراما بأحاسيسها لأن الأبطال يتحركون أمامهم
دماً ولحماً.. لذا يهمل المرء الوقائع التاريخية والأحداث التى تحتمل
اختلاف الروايات، ويندمج ويتعاطف مع الشخصيات.. ينسى الإدانات التاريخية
ويرتبط بالنماذج الإنسانية.. فهل عرفتم لماذا ازداد الطلب خلال الأيام
الأخيرة على مذكرات الشيخ حسن البنا؟!.. إن أجيالاً كثيرة لم تعرف عن
الرجل شيئاً، لأنها لا تقرأ.. فنجح المسلسل فى تقديم «البنا وجماعته» إلى
مصر وكل من يتحدث العربية حتى فى غرف النوم.. كان عدة آلاف يقرأون عن
«الإخوان» وصراعهم مع السلطة.. فشاهدهم مئات الملايين على الشاشة يقولون
«الله ورسوله»!
الناس سوف تنسى إدانات الوقائع والأحداث والتاريخ.. ولن تبقى سوى عبارة
«الله ورسوله».. شىء مذهل أن يجهل النظام والنخبة معاً أن مزاج الشارع
المصرى أصبح دينياً.. كيف حدث هذا؟! ليس هذا هو السؤال.. المهم أن مسلسل
«الجماعة» جاء على مزاج الشارع.. ومزاج «الإخوان» أيضاً..!