غلاء تذاكر..تشديد أمني..مشاغل الحياة...عفواً..الأهلي يستحق كل التضحيات !
أضحكني وبشدة الانتقادات التي إنساقت إليها جماهير النادي الأهلي خلال الفترة الماضية بعد أداء هو الأسوء للشياطين الحمر منذ فترة طويلة .. بل هو الأسوأ منذ عودة مانويل جوزيه لقيادة الفريق في ديسمبر 2004 فالفريق يؤدي كره خالية من المتعة في الفترة الماضية وتخلق المشاكل والاخطاء على مدافعي الفريق وخط وسطه كما غاب مهاجمي الفريق عن التهديف المتوقع من خط هجوم يضم افضل مهاجمي مصر.
وأنا لن أقوم بالدفاع عن لاعبي الفريق الأحمر وسأترك جانبا جميع الأسباب التي من الممكن أن تبرر سوء الأداء أمام الاسماعيلي او بترول اسيوط او بتروجيت فهي على الرغم من كثرتها إلا أنها من المستحيل أن تقنع أي عاشق من عشاق القلعة الحمراء بهذا المستوى الهزيل الذي ظهر عليه لاعبي الفريق مما جعل الجماهير الحمراء تصف الأداء بانهيار الفريق
وتناست الجماهير الحمراء المهزلة التي حدثت في لقاء الاسماعيلي من جماهير تعد هي الأكبر في العالم على حد وصف المعلق العربي "عصام الشوالي" والذي وصف جماهير الأهلي بأنها تتفوق في العدد على جماهير اليوفنتوس العالمي وصاحب أكبر الشعبيات في العالم مؤكدا أن شعبية اليوفنتوس والتي تتجاوز الـ14 مليون لا يمكن مقارنتها بأي حال من الأحوال بشعبية الأهلي والتي تتخطى الـ60 مليون مشجع في جميع أنحاء القطر المصري.
على الرغم من عدد جماهير الأهلي نجد ظاهرة قد إستشرت في الفترة الأخيرة تسمى بـ"التشجيع التجاري" .. وتعتمد هذه الظاهرة على ذهاب الجماهير إلى الملعب في المباريات الحاسمة والمصيرية فقط بالإضافة إلى مباريات الزمالك في الدوري العام ليصبح لدينا في نهاية الموسم أربع أو خمس مباريات كاملة العدد في الوقت الذي تعاني فيها مدرجات الفريق من الخواء طوال الموسم وطوال مباريات الفريق الأفريقية والمحلية.. والغريب في الامر ان الامر قد امتد ايضا الى مباراة الاسماعيلي والتي شهدت اسوأ حضور جماهيري في مباريات الاسماعيلي وهو امر لم يحدث من قبل.
والمضحك أن جماهير الأهلي تريد أن تحاسب لاعبي الفريق على سوء الأداء في المباريات الاخيره .. وهو الأمر الذي يشبه قيام طالب لم يحضر الإمتحان نهائيا بمحاسبة زملائه الذين حضروا الإمتحان وفشلوا في النجاح.
نعم يا جماهير الأهلي .. نحن كلنا فاشلون ويجب أن يعرف الجميع أن مسئولية الفشل في مباريات الفريق الاخيره هي مسئولية مشتركة بين الجماهير وبين لاعبي الفريق .. فمن يطالب اللاعبين ببذل مزيد من الجهد والعرق من أجل إسم الفانلة في المباريات هو نفس الشخص الذي يرفض أن يبذل بعض الجهد من أجل أن يذهب إلى إستاد القاهرة ومساندة الفريق في المباريات التي يعتقد الجميع أنها مضمونة لصالح الشياطين الحمر.
ومن يتعجب من أداء اللاعبين في المباريات وتكاسلهم في الملعب وعدم بذلهم الجهد الكبير هو نفس الشخص الذي يفضل مشاهدة المسلسل العربي على مساندة أكبر صانع للفرح في حياة كل أهلاوي والفريق الذي أسعدنا مئات الدقائق خلال مواسم هما الأفضل في تاريخ النادي الأحمر.
كيف نطالب لاعبي الفريق بالأداء القوي في المباريات وهم يشاهدون المدرجات خاوية على عروشها من الجماهير .. وكيف نطالب نجومنا بتحقيق الحلم ونحن نرفض أن نشاركهم مسئولية نفس الحلم .. وكيف نتمنى منهم الأداء القوي في الملعب وقد أصبح أداءنا القوي وصيحاتنا المفزعة دائما أمام شاشات التلفزيون .. كيف نعتقد أن لاعبي الفريق لا يشعرون بطعم المرارة في حلوقنا بعد كل تعادل ونحن نمسح تلك المرارة بالمشروبات الغازية ونحن نجلس على الأريكة المريحة في التكييف بعيدا عن ضوضاء الملعب.
كيف يشعر لاعبي الفريق بالحماس والخوف على الفريق وهو يرون مدرجات الفريق خالية من الجماهير .. خالية من عشاق القلعة الحمراء الذي كان هديرهم يحرك الصخر في الماضي .. وبعد أن كانت جماهير الأهلي هي اللاعب رقم واحد في مباريات الفريق أصبحت اللاعب رقم 19 والذي لا يدخل حتى قائمة البدلاء ويشاهد المباراة من منازلهم بحثا عن الراحة وهربا من المشوار وغلاسة الامن و دخان السجائر الخانق.
كنا في الماضي كل شكوتنا من جماهير النادي الأهلي إنها تحضر المباريات ولا تساند الفريق طوال التسعين دقيقة .. وكان كل النقاد يلاحظون أن الجماهير تقوم بالتشجيع لمدة ساعتين قبل المباراة وتتوقف عن التشجيع وقت بداية المباراة .. ومع إحترامي الشديد للجميع فهذه الجماهير رغم سلبية مساندتها للفريق إلا أنها كانت متواجدة في الملعب عند الحاجه إليها .. كانت تقوم بدورها في وقت الأزمات وأثناء سير المباراة في غير صالح الأهلي .. ولكن مع الوقت تحولت سلبية الجماهير في الماضي إلى هروب من الحضور في المباريات تحت شعار "التشجيع التجاري" حيث أصبح الجمهور على ثقة بأن اللاعبين يستطيعوا الفوز بالمباراة سواء حضرت الجماهير أم لم تحضر .. وأصبحت على ثقة بأن لاعبي الفريق قادرين على التعامل مع أحلك الأزمات في غياب
الجماهير.
هذا التشجيع التجاري جعلنا نتحسر على جماهير الأهلي في الماضي والتي كانت تحضر بمعدل ثابت في جميع المباريات بدون التركيز على أهمية المباريات .. حيث أن المباريات الهامة لها معاملة خاصة ويجب على الجماهير أن تذهب إلى الملعب قبل المباراة بثماني ساعات كاملة من أجل الحصول على مكان في المدرجات أما من يصل إلى الملعب قبل المباراة بساعتين فمكانه يكون دائما في طريق العودة إلى المنزل من أجل اللحاق بالمباراة في التليفزيون.
وأتذكر أني في نهائي 1993 أمام أفريكا سبور العاجي توجهت إلى الإستاد بعد صلاة الجمعة مباشرة رغم أن المباراة كانت تحت الأضواء الكاشفة وعلى الرغم من ذلك كان مكان جلوسي في المدرجات خلف المرمى لأني فوجئت في الساعة الثانية بأن الملعب كامل العدد ولا يوجد أماكن فارغة إلا في المدرجات التي خلف المرمى.. وهو نفس ما تكرر معي في نهائي البطولة الذي أقيم بين الأهلي وبين صن داونز الجنوب أفريقي.
أما الآن فقد اصبح الحصول على مكان في مدرجات مباريات الأهلي أسهل بمراحل كثيرة من البحث عن مكان شاغر أو مقعد في أي كافية وقت إذاعة المباريات .. وكأن مشاهدة الأهلي لا تجوز إلا بوجود الشيشة والكابتشينو.
وقد يعتقد البعض أن الحديث عن المباريات النهائية غير ذو جدوى والمقارنة بينها وبين مباريات الدوري ليس أمرا منطقيا .. ولكن المتابع لجماهير الأهلي كان يجدها في مدرجات الدوري بمعدل ثابت في جميع المباريات .. ومازال الكثيرون يتذكرون مباراة الأهلي والترسانة في نهاية الثمانينات والتي كاد الإقبال الجماهيري عليها أن يتسبب في كارثة بعد أن امتلئ إستاد القاهرة بأكثر من 120 ألف أهلاوي يساندوا الفريق ولم يجد البعض أماكن لهم في أرضية المدرجات فتسلقوا أعمدة الإنارة.. وكادت أن تحث كارثة لولا فضل الله وستره.
والجميع يعرف جيدا أن الذهاب إلى مباريات الأهلي في الدوري سابقا كان يجب أن يتم قبل بداية المباراة بساعة كاملة من أجل الحصول على مكان في منتصف مدرجات الدرجة الثانية التي تقابل منتصف الملعب وإلا سيكون مصيرك بجوار الراية الركنية .. أما الآن فدخول الملعب قبل المباراة بدقائق يضمن لك مكان في منتصف مدرجات الفريق وبسهولة شديدة.
والغريب أن جماهير النادي الأهلي تعرف جيدا هذه الأمثلة وتعرف كيف كانت تقف خلف الفريق في الماضي قبل أن ينتشر وباء "التشجيع التجاري" والذي يعتمد على حضور مباراتي الزمالك في الدوري ومباريات الدور قبل النهائي والنهائي في دوري أبطال أفريقيا .. وعلى الرغم من معرفة كل عاشق للقلعة الحمراء بتاريخ الجماهير الحمراء .. إلا أن الجميع يكتفي بمصمصة الشفايف والتحسر على الزمن الجميل الذي مضى .. ويكمل "كيس اللب" الذي يوجد أمامه مكتفيا بالحسرة على جماهير الأهلي التي لا تذهب إلى المباريات.
لذلك يجب علينا قبل نحاسب نجوم فريقنا على "الأداء التجاري" في الملعب وعدم حماسهم في المباريات.. يجب علينا أن نحاسب أنفسنا على "التشجيع التجاري" الذي أصبح هو السمة الغالبة بين جماهير القلعة الحمراء وأصبحت تنافس الجماهير الأخرى في الغياب عن المباريات بعد ان اصبحنا نعتمد على وجود رابطة الالتراس فقط في المدرجات وهي الرابطة الوحيدة التي ماتزال تحافظ على الذهاب الى المدرجات حتى الأن.
وعلى الرغم من المرارة التي أصابتني في الفترة الماضية بسبب الجماهير التي أصبح غيابها عن المدرجات علامة إستفهام كبيرة فشل الجميع في الوصول إلى حل لها وأنا معهم بالطبع .. بل أكاد أجزم أن الخبراء قد عجزوا حتى عن معرفة حتى أسباب غياب الجماهير عن الملاعب رغم الإنتصارات المتتالية .. وعلى الرغم من حاجة الفريق في الظروف الحالية إلى كل عاشق وكل مساند للقلعة الحمراء في ظل الإجهاد والإصابات المتتالية في الفترة الأخيرة.. وكل ما أستطيع أن أقوله أن الفريق في حاجة إلى كل مشجع يساند اللاعبين في الملعب وليس أمام شاشات التلفزيون.
يجب على كل أهلاوي النظر إلى الحلم الكبير والذي نبحث عنه جميعا والذي نسعد له كلنا .. فالطريقة الوحيدة للقضاء على الأداء التجاري في المباريات السهلة هو ترك التشجيع التجاري ومساندة الفريق في المباريات السهلة قبل المباريات المصيرية .. فالعجيب أن جميع النقاط التي خسرها الأهلي في هذا الموسم كانت في المباريات السهلة التي تغيب عنها جماهير الفريق.
النادي الأهلي لم يخسر مباراة مصيرية في العام الماضي بسبب الإقبال الجماهيري الكبير في تلك المباريات وهي الجماهير التي تعرف كيف تحرك اللاعبين في الأوقات التي يتسرب الملل فيها إليهم .. وتعرف كيف تثير الحماسة بداخلهم إذا ما هبط الأداء قليلا.
ويجب أن يعرف الجميع ان الفريق بأكمله يعاني ولديه من المشاكل ما يكفيه وهو في امس الاحتياج الى حماسة الجماهير في المباريات القادمة والتي تشعل النار في عروق اللاعبين وتجعلهم يلعبوا حتى الثواني الاخيره من المباراة .. وإلا أصبحنا جماهير لا نستحق أن نشجع نادي القرن في أفريقيا .. وأصبح لزاما على مجلس إدارة النادي الأهلي تجديد دماء الجماهير والبحث عن جماهير جديدة .. كما جددت دماء الفريق منذ عامين وإستقدمت نجوم الكرة في مصر.
الاهلي في حاجه الى جميع عشاقه كي يقفوا خلفه في المباريات القادمة فهل تتحرك جماهير الاهلي "أفضل جمهور في القارة" من غفوتها وتتحرك من اجل مساندة الفريق في المباريات القادمة فلو كان الفريق يعاني من نقص فجماهير الاهلي تستطيع اكمال النقص ولو كان لاعبي الفريق يعانوا من بعض المشاكل فجماهير الاهلي قادرة على حل كل المشاكل اذا ساندت الفريق في المدرجات وليس من خلف شاشات التلفزيون
و في النهاية، إذا كان هدفنا هو العالمية، و الأهلي إدارياً و فنياً نجح في تحقيق المعادلة الصعبة و أوجد لنفسه مكاناً و شهرة عالمية، يجب على الجمهور و كل من يعشق القلعة الحمراء أن يحذو حذوه، و أن يكون عالمي في تشجيعه، فلم نرى جمهور الريال و المانشستر و الإنتر و اليوفي و ليون يتقاعس يوماً عن آداء واجبه تجاه فريقه، سواء أدى بشكل جيد أو لا...فالعالمية هي بأن يظهر الأهلي و خلفه طوفان أحمر كعادته في المدرجات، فلن يعترف أحد بعالمية فريق خلفه 40 مليون بقلوبهم و أمنياتهم فقط.
و مهما تكن الأسباب من غلاء أسعار، لتشديد أمني على الأبوب، أم ظروف الحياة ..فمنذ متى يكون نيل المطالب بالتمني ؟ و كم من صعوبات تخطاها الأهلي من أجل إسعاد جماهيره، و جاء الآن الوقت لرد الجميل..حتى لا يكون الجمهور الذي تسبب في شهرة الأهلي و نجاحه..هو المتسبب في إنهاء الأسطورة.