المنتدى الرسمى لمحبى عماد متعب


https://i.servimg.com/u/f20/09/00/19/15/welcom10.jpg
قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم - صفحة 3 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم - صفحة 3 829894
ادارة المنتدي قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم - صفحة 3 103798

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

المنتدى الرسمى لمحبى عماد متعب


https://i.servimg.com/u/f20/09/00/19/15/welcom10.jpg
قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم - صفحة 3 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم - صفحة 3 829894
ادارة المنتدي قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم - صفحة 3 103798

المنتدى الرسمى لمحبى عماد متعب

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
المنتدى الرسمى لمحبى عماد متعب

أول منتدى خاص بالنجم عماد متعب على شبكة الإنترنت www.Emadmet3b.fr-bb.com


5 مشترك

    قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم

    mostafa metab
    mostafa metab
    عاشق سوبر
    عاشق سوبر


    عدد المساهمات : 431
    العمر : 36

    قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم - صفحة 3 Empty رد: قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم

    مُساهمة من طرف mostafa metab السبت يناير 31, 2009 12:29 am

    يوشع بن نون عليه السلام
    نبذة:
    ورد أنه الفتى الذي صاحب موسى للقاء الخضر. وهو النبي الذي أخرج الله على
    يديه بني إسرائي من صحراء سيناء، وحاربوا أهل فلسطين وانتصروا عليهم.
    سيرته:
    لم يخرج أحد من التيه ممن كان مع موسى. سوى اثنين. هما الرجلان اللذان
    أشارا على ملأ بني إسرائيل بدخول قرية الجبارين. ويقول المفسرون: إن
    أحدهما يوشع بن نون. وهذا هو فتى موسى في قصته مع الخضر. صار الآن نبيا من
    أنبياء بني إسرائيل، وقائدا لجيش يتجه نحو الأرض التي أمرهم الله بدخولها.
    خرج يوشع بن نون ببني إسرائيل من التيه، بعد أربعين سنة، وقصد بهم الأرض
    المقدسة. ,كانت هذه الأربعين سنة -كما يقول العلماء- كفيلة بأن يموت فيها
    جميع من خرج مع موسى عليه السلام من مصر، ويبقى جيل جديد تربى على أيادي
    موسى وهارون ويوشع بن نون، جيل يقيم الصلا ويؤتي الزكاة ويؤمن بالله
    ورسله. قطع بهم نهر الأردن إلى أريحا، وكانت من أحصن المدائن سورا وأعلاها
    قصورا وأكثرها أهلا. فحاصرها ستة أشهر.
    وروي في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ‏(غزا نبي من
    الأنبياء فقال لقومه لا يتبعني رجل قد ملك ‏ ‏بضع ‏ ‏امرأة وهو يريد أن ‏
    ‏يبني ‏ ‏بها ولما ‏ ‏يبن ‏ ‏ولا آخر قد بنى بنيانا ولما يرفع سقفها ولا
    آخر قد اشترى غنما أو ‏ ‏خلفات ‏ ‏وهو منتظر ولادها قال فغزا ‏ ‏فأدنى ‏
    ‏للقرية ‏ ‏حين صلاة العصر أو قريبا من ذلك فقال للشمس أنت مأمورة وأنا
    مأمور اللهم احبسها علي شيئا فحبست عليه حتى فتح الله عليه قال فجمعوا ما
    غنموا فأقبلت النار لتأكله فأبت أن ‏ ‏تطعمه ‏ ‏فقال فيكم ‏ ‏غلول ‏
    ‏فليبايعني من كل قبيلة رجل فبايعوه فلصقت يد رجل بيده فقال فيكم ‏
    ‏الغلول ‏ ‏فلتبايعني قبيلتك فبايعته قال فلصقت بيد رجلين أو ثلاثة فقال
    فيكم ‏ ‏الغلول ‏ ‏أنتم ‏ ‏غللتم ‏ ‏قال فأخرجوا له مثل رأس بقرة من ذهب
    قال فوضعوه في المال وهو ‏ ‏بالصعيد ‏ ‏فأقبلت النار فأكلته فلم تحل
    الغنائم لأحد من قبلنا ذلك بأن الله تبارك وتعالى رأى ضعفنا وعجزنا فطيبها
    لنا) ويرى العلماء أن هذا النبي هو يوشع بن نون، فقد كان اليهود لا يعملون
    ولا يحاربون يوم السبت، وعندما خشي أن يذهب النصر إذا توقف اليهود عن
    القتال، فدعى الله أن يحبس الشمس. واخْتـُلِفَ في حبس الشمس المذكور هنا,
    فقيل: ردت على أدراجها, وقيل: وقفت ولم ترد, وقيل: أبطئ بحركتها, وكل ذلك
    من معجزات النبوة .
    صدر الأمر الإلهي لبني إسرائيل أن يدخلوا المدينة سجدا.. أي راكعين مطأطئي
    رءوسهم شاكرين لله عز وجل ما من به عليهم من الفتح. أمروا أن يقولوا حال
    دخولهم: (حِطَّةٌ).. بمعنى حط عنا خطايانا التي سلفت، وجنبنا الذي تقدم من
    آبائنا.
    إلا أن بني إسرائيل خالف ما أمرت به قولا وفعلا.. فدخلوا الباب متعالين
    متكبرين، وبدلوا قولا غير الذي قيل لهم.. فأصابهم عذاب من الله بما ظلموا.
    كانت جريمة الآباء هي الذل، وأصبحت جريمة الأبناء الكبرياء والافتراء.
    ولم تكن هذه الجريمة هي أول جرائم بني إسرائيل ولا آخر جرائمهم، فقد عذبوا
    رسلهم كثيرا بعد موسى، وتحولت التوراة بين أيديهم إلى قراطيس يبدون بعضها
    ويخفون كثيرا. حسبما تقتضي الأحوال وتدفع المصلحة المباشرة، وكان هذا
    الجحود هو المسؤول عما أصاب بني إسرائيل من عقوبات.
    عاد بنو إسرائيل إلى ظلمهم لأنفسهم.. اعتقدوا أنهم شعب الله المختار،
    وتصوروا انطلاقا من هذا الاعتقاد أن من حقهم ارتكاب أي شيء وكل شيء..
    وعظمت فيهم الأخطاء وتكاثرت الخطايا وامتدت الجرائم بعد كتابهم إلى
    أنبيائهم، فقتلوا من قتلوا من الأنبياء.
    وسلط الله عليهم بعد رحمة الأنبياء قسوة الملوك الجبارين، يظلمونهم
    ويسفكون دمائهم، وسلط الله أعدائهم عليهم ومكن لهم من رقابهم وأموالهم.
    وكان معهم تابوت الميثاق. وهو تابوت يضم بقية مما ترك موسى وهارون، ويقال
    إن هذا التابوت كان يضم ما بقي من ألواح التوراة التي أنزلت على موسى ونجت
    من يد الزمان. وكان لهذا التابوت بركة تمتد إلى حياتهم وحروبهم، فكان وجود
    التابوت بينهم في الحرب، يمدهم بالسكينة والثبات، ويدفعهم إلى النصر، فلما
    ظلموا أنفسهم ورفعت التوراة من قلوبهم لم يعد هناك معنى لبقاء نسختها
    معهم، وهكذا ضاع منهم تابوت العهد، وضاع في حرب من حروبهم التي هزموا فيها.
    وساءت أحوال بني إسرائيل بسبب ذنوبهم وتعنتهم وظلمهم لأنفسهم. ومرت سنوات
    وسنوات. واشتدت الحاجة إلى ظهور نبي ينتشلهم من الوهدة السحيقة التي
    أوصلتهم إليها فواجع الآثام وكبائر الخطايا.
    __________________
    mostafa metab
    mostafa metab
    عاشق سوبر
    عاشق سوبر


    عدد المساهمات : 431
    العمر : 36

    قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم - صفحة 3 Empty رد: قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم

    مُساهمة من طرف mostafa metab السبت يناير 31, 2009 12:32 am

    داود عليه السلام

    نبذة:

    ‏‏آتاه الله العلم والحكمة وسخر له الجبال والطير يسبحن معه وألان له
    الحديد، كان عبدا خالصا لله شكورا يصوم يوما ويفطر يوما يقوم نصف الليل
    وينام ثلثه ويقوم سدسه وأنزل الله عليه الزبور وقد أوتي ملكا عظيما وأمره
    الله أن يحكم بالعدل.

    سيرته:
    حال بنو إسرائيل قبل داود:
    قبل البدء بقصة داود عليه السلام، لنرى الأوضاع التي عاشها بنو إسرائل في تلك الفترة.

    لقد انفصل الحكم عن الدين..فآخر نبي ملك كان يوشع بن نون.. أما من بعده
    فكانت الملوك تسوس بني إسرائيل وكانت الأنبياء تهديهم. وزاد طغيان بني
    إسرائيل، فكانوا يقتلون الأنبياء، نبيا تلو نبي، فسلط الله عليهم ملوكا
    منهم ظلمة جبارين، ألوهم وطغوا عليهم.

    وتتالت الهزائم على بني إسرائيل، حتى انهم أضاعوا التابوت. وكان في
    التابوت بقية مما ترك آل موسى وهارون، فقيل أن فيها بقية من الألواح التي
    أنزلها الله على موسى، وعصاه، وأمورا آخرى. كان بنو إسرائيل يأخذون
    التابوت معهم في معاركهم لتحل عليهم السكينة ويحققوا النصر. فتشروا وساءت
    حالهم.

    في هذه الظروف الصعبة، كانت هنالك امرأة حامل تدعو الله كثيرا أن يرزقها
    ولدا ذكرا. فولدت غلاما فسمته أشموئيل.. ومعناه بالعبرانية إسماعيل.. أي
    سمع الله دعائي.. فلما ترعرع بعثته إلى المسجد وأسلمته لرجل صالح ليتعلم
    منه الخير والعبادة. فكان عنده، فلما بلغ أشده، بينما هو ذات ليلة نائم:
    إذا صوت يأتيه من ناحية المسجد فانتبه مذعورا ظانا أن الشيخ يدعوه. فهرع
    أشموئيل إلى يسأله: أدعوتني..؟ فكره الشيخ أن يفزعه فقال: نعم.. نم..
    فنام..

    ثم ناداه الصوت مرة ثانية.. وثالثة. وانتبه إلى جبريل عليه السلام يدعوه: إن ربك بعثك إلى قومك.

    اختيار طالوت ملكا:
    ذهب بنو إسرائيل لنبيهم يوما.. سألوه: ألسنا مظلومين؟
    قال: بلى..
    قالوا: ألسنا مشردين؟
    قال: بلى..
    قالوا: ابعث لنا ملكا يجمعنا تحت رايته كي نقاتل في سبيل الله ونستعيد أرضنا ومجدنا.
    قال نبيهم وكان أعلم بهم: هل أنتم واثقون من القتال لو كتب عليكم القتال؟
    قالوا: ولماذا لا نقاتل في سبيل الله، وقد طردنا من ديارنا، وتشرد أبناؤنا، وساء حالنا؟
    قال نبيهم: إن الله اختار لكم طالوت ملكا عليكم.
    قالوا: كيف يكون ملكا علينا وهو ليس من أبناء الأسرة التي يخرج منها الملوك -أبناء يهوذا- كما أنه ليس غنيا وفينا من هو أغنى منه؟
    قال نبيهم: إن الله اختاره، وفضله عليكم بعلمه وقوة جسمه.
    قالوا: ما هي آية ملكه؟
    قال لهم نبيهم: يسرجع لكم التابوت تجمله الملائكة.

    ووقعت هذه المعجزة.. وعادت إليهم التوراة يوما.. ثم تجهز جيش طالوت، وسار
    الجيش طويلا حتى أحس الجنود بالعطش.. قال الملك طالوت لجنوده: سنصادف نهرا
    في الطريق، فمن شرب منه فليخرج من الجيش، ومن لم يذقه وإنما بل ريقه فقط
    فليبق معي في الجيش..

    وجاء النهر فشرب معظم الجنود، وخرجوا من الجيش، وكان طالوت قد أعد هذا
    الامتحان ليعرف من يطيعه من الجنود ومن يعصاه، وليعرف أيهم قوي الإرادة
    ويتحمل العطش، وأيهم ضعيف الإرادة ويستسلم بسرعة. لم يبق إلا ثلاثمئة
    وثلاثة عشر رجلا، لكن جميعهم من الشجعان.

    كان عدد أفراد جيش طالوت قليلا، وكان جيش العدو كبيرا وقويا.. فشعر بعض
    -هؤلاء الصفوة- أنهم أضعف من جالوت وجيشه وقالوا: كيف نهزم هذا الجيش
    الجبار..؟*********!

    قال المؤمنون من جيش طالوت: النصر ليس بالعدة والعتاد، إنما النصر من عند
    الله.. (كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ
    اللّهِ).. فثبّتوهم.

    وبرز جالوت في دروعه الحديدية وسلاحه، وهو يطلب أحدا يبارزه.. وخاف منه
    جنود طالوت جميعا.. وهنا برز من جيش طالوت راعي غنم صغير هو داود.. كان
    داود مؤمنا بالله، وكان يعلم أن الإيمان بالله هو القوة الحقيقية في هذا
    الكون، وأن العبرة ليست بكثرة السلاح، ولا ضخامة الجسم ومظهر الباطل.

    وكان الملك، قد قال: من يقتل جالوت يصير قائدا على الجيش ويتزوج ابنتي..
    ولم يكن داود يهتم كثيرا لهذا الإغراء.. كان يريد أن يقتل جالوت لأن جالوت
    رجل جبار وظالم ولا يؤمن بالله.. وسمح الملك لداود أن يبارز جالوت..

    وتقدم داود بعصاه وخمسة أحجار ومقلاعه (وهو نبلة يستخدمها الرعاة).. تقدم
    جالوت المدجج بالسلاح والدروع.. وسخر جالوت من داود وأهانه وضحك منه، ووضع
    داود حجرا قويا في مقلاعه وطوح به في الهواء وأطلق الحجر. فأصاب جالوت
    فقتله. وبدأت المعركة وانتصر جيش طالوت على جيش جالوت.
    mostafa metab
    mostafa metab
    عاشق سوبر
    عاشق سوبر


    عدد المساهمات : 431
    العمر : 36

    قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم - صفحة 3 Empty رد: قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم

    مُساهمة من طرف mostafa metab السبت يناير 31, 2009 10:54 am

    جمع الله الملك والنبوة لداود:
    بعد فترة أصبح داود -عليه السلم- ملكا لبني إسرائيل، فجمع الله على يديه النبوة والملك مرة أخرى.

    وتأتي بعض الروايات لتخبرنا بأن طالوت بعد أن اشتهر نجم داوود أكلت الغيرة
    قلبه، وحاول قتله، وتستمر الروايات في نسج مثل هذه الأمور. لكننا لا نود
    الخوض فيها فليس لدينا دليل قوي عليها. ما يهمنا هو انتقال الملك بعد فترة
    من الزمن إلى داود.

    لقد أكرم الله نبيه الكريم بعدة معجزات. لقد أنزل عليه الزبور (وَآتَيْنَا
    دَاوُودَ زَبُورًا)، وآتاه جمال الصوت، فكان عندما يسبّح، تسبح الجبال
    والطيور معه، والناس ينظرون. وألان الله في يديه الحديد، حتى قيل أنه كان
    يتعامل مع الحديد كما كان الناس يتعاملون مع الطين والشمع، وقد تكون هذه
    الإلانة بمعنى أنه أول من عرف أن الحديد ينصهر بالحرارة. فكان يصنع منه
    الدروع.

    كانت الدروع الحديدية التي يصنعها صناع الدروع ثقيلة ولا تجعل المحارب حرا
    يستطيع أن يتحرك كما يشاء أو يقاتل كما يريد. فقام داوود بصناعة نوعية
    جديدة من الدروع. درع يتكون من حلقات حديدية تسمح للمحارب بحرية الحركة،
    وتحمي جسده من السيوف والفئوس والخناجر.. أفضل من الدروع الموجودة أيامها..

    وشد الله ملك داود، جعله الله منصورا على أعدائه دائما.. وجعل ملكه قويا
    عظيما يخيف الأعداء حتى بغير حرب، وزاد الله من نعمه على داود فأعطاه
    الحكمة وفصل الخطاب، أعطاه الله مع النبوة والملك حكمة وقدرة على تمييز
    الحق من الباطل ومعرفة الحق ومساندته.. فأصبح نبيا ملكا قاضيا.

    القضايا التي عرضت على داود:
    يروي لنا القرآن الكريم بعضا من القضايا التي وردت على داود -عليه السلام.

    فلقد جلس داود كعادته يوما يحكم بين الناس في مشكلاتهم.. وجاءه رجل صاحب حقل ومعه رجل آخر..

    وقال له صاحب الحقل: سيدي النبي.. إن غنم هذا الرجل نزلت حقلي أثناء
    الليل، وأكلت كل عناقيد العنب التي كانت فيه.. وقد جئت إليك لتحكم لي
    بالتعويض..

    قال داود لصاحب الغنم: هل صحيح أن غنمك أكلت حقل هذا الرجل؟

    قال صاحب الغنم: نعم يا سيدي..

    قال داود: لقد حكمت بأن تعطيه غنمك بدلا من الحقل الذي أكلته.

    قال سليمان.. وكان الله قد علمه حكمة تضاف إلى ما ورث من والده: عندي حكم آخر يا أبي..

    قال داود: قله يا سليمان..

    قال سليمان: أحكم بأن يأخذ صاحب الغنم حقل هذا الرجل الذي أكلته الغنم..
    ويصلحه له ويزرعه حتى تنمو أشجار العنب، وأحكم لصاحب الحقل أن يأخذ الغنم
    ليستفيد من صوفها ولبنها ويأكل منه، فإذا كبرت عناقيد الغنم وعاد الحقل
    سليما كما كان أخذ صاحب الحقل حقله وأعطى صاحب الغنم غنمه..

    قال داود: هذا حكم عظيم يا سليمان.. الحمد لله الذي وهبك الحكمة..

    وقد ورد في الصحيح قصة أخرى: حَدَّثَنِى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنِى
    شَبَابَةُ حَدَّثَنِى وَرْقَاءُ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ
    عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «
    بَيْنَمَا امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ
    بِابْنِ إِحْدَاهُمَا . فَقَالَتْ هَذِهِ لِصَاحِبَتِهَا إِنَّمَا ذَهَبَ
    بِابْنِكِ أَنْتِ . وَقَالَتِ الأُخْرَى إِنَّما ذَهَبَ بِابْنِكِ .
    فَتَحَاكَمَتَا إِلَى دَاوُدَ فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى فَخَرَجَتَا عَلَى
    سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ فَأَخْبَرَتَاهُ فَقَالَ
    ائْتُونِى بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَكُمَا . فَقَالَتِ الصُّغْرَى
    لاَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ هُوَ ابْنُهَا . فَقَضَى بِهِ لِلصُّغْرَى ».
    قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَاللَّهِ إِنْ سَمِعْتُ بِالسِّكِّينِ
    قَطُّ إِلاَّ يَوْمَئِذٍ مَا كُنَّا نَقُولُ إِلاَّ الْمُدْيَةَ.

    فتنة داود:
    وكان داود رغم قربه من الله وحب الله له، يتعلم دائما من الله، وقد علمه
    الله يوما ألا يحكم أبدا إلا إذا استمع لأقوال الطرفين المتخاصمين.. فيذكر
    لنا المولى في كتابه الكريم قضية أخرى عرضت على داود عليه السلام.

    جلس داود يوما في محرابه الذي يصلي لله ويتعبد فيه، وكان إذا دخل حجرته
    أمر حراسه ألا يسمحوا لأحد بالدخول عليه أو إزعاجه وهو يصلي.. ثم فوجئ
    يوما في محرابه بأنه أمام اثنين من الرجال.. وخاف منهما داود لأنهما دخلا
    رغم أنه أمر ألا يدخل عليه أحد. سألهما داود: من أنتما؟

    قال أحد الرجلين: لا تخف يا سيدي.. بيني وبين هذا الرجل خصومة وقد جئناك لتحكم بيننا بالحق.

    سأل داود: ما هي القضية؟ قال الرجل الأول: (إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ
    وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ). وقد أخذها مني. قال
    أعطها لي وأخذها مني..

    وقال داود بغير أن يسمع رأي الطرف الآخر وحجته: (لَقَدْ ظَلَمَكَ
    بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ).. وإن كثيرا من الشركاء يظلم بعضهم
    بعضا إلا الذين آمنوا..

    وفوجئ داود باختفاء الرجلين من أمامه.. اختفى الرجلان كما لو كانا سحابة
    تبخرت في الجو وأدرك داود أن الرجلين ملكان أرسلهما الله إليه ليعلماه
    درسا.. فلا يحكم بين المتخاصمين من الناس إلا إذا سمع أقوالهم جميعا،
    فربما كان صاحب التسع والتسعين نعجة معه الحق.. وخر داود راكعا، وسجد لله،
    واستغفر ربه..

    نسجت أساطير اليهود قصصا مريبة حول فتنة داود عليه السلام، وقيل أنه اشتهى
    امرأة أحد قواد جيشه فأرسله في معركة يعرف من البداية نهايتها، واستولى
    على امرأته.. وليس أبعد عن تصرفات داود من هذه القصة المختلقة.. إن إنسانا
    يتصل قلبه بالله، ويتصل تسبيحه بتسبيح الكائنات والجمادات، يستحيل عليه أن
    يرى أو يلاحظ جمالا بشريا محصورا في وجه امرأة أو جسدها..

    وفاته عليه السلام:
    عاد داود يعبد الله ويسبحه حتى مات… كان داود يصوم يوما ويفطر يوما.. قال
    رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم عن داود: "أفضل الصيام
    صيام داود. كان يصوم يوما ويفطر يوما. وكان يقرأ الزبور بسبعين صوتا،
    وكانت له ركعة من الليل يبكي فيها نفسه ويبكي ببكائه كل شيء ويشفي بصوته
    المهموم والمحموم"..

    جاء في الحديث الصحيح أن داود عليه السلام كان شديد الغيرة على نساءه،
    فكانت نساءه في قصر، وحول القصر أسوار، حتى لا يقترب أحد من نساءه. وفي
    أحد الأيام رأى النسوة رجلا في صحن القصر، فقالوا: من هذا والله لن رآه
    داود ليبطشنّ به. فبلغ الخبر داود -عليه السلام- فقال للرجل: من أنت؟ وكيف
    دخلت؟ قال: أنا من لا يقف أمامه حاجز. قال: أنت ملك الموت. فأذن له فأخذ
    ملك الموت روحه.

    مات داود عليه السلام وعمره مئة سنة. وشيع جنازته عشرات الآلاف، فكان
    محبوبا جدا بين الناس، حتى قيل لم يمت في بني إسرائيل بعد موسى وهارون أحد
    كان بنو إسرائيل أشد جزعا عليه.. منهم على داود.. وآذت الشمس الناس فدعا
    سليمان الطير قال: أظلي على داود. فأظلته حتى أظلمت عليه الأرض. وسكنت
    الريح. وقال سليمان للطير: أظلي الناس من ناحية الشمس وتنحي من ناحية
    الريح. وأطاعت الطير. فكان ذلك أول ما رآه الناس من ملك سليمان
    mostafa metab
    mostafa metab
    عاشق سوبر
    عاشق سوبر


    عدد المساهمات : 431
    العمر : 36

    قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم - صفحة 3 Empty رد: قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم

    مُساهمة من طرف mostafa metab السبت يناير 31, 2009 10:56 am

    سليمان عليه السلام

    نبذة:
    آتاه الله العلم والحكمة وعلمه منطق الطير والحيوانات وسخر له الرياح
    والجن، وكان له قصة مع الهدهد حيث أخبره أن هناك مملكة باليمن يعبد أهلها
    الشمس من دون الله فبعث سليمان إلى ملكة سبأ يطلب منها الإيمان ولكنها
    أرسلت له الهدايا فطلب من الجن أن يأتوا بعرشها فلما جاءت ووجدت عرشها
    آمنت بالله.

    سيرته:
    (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ) ورثه في النبوة والملك.. ليس المقصود
    وراثته في المال، لأن الأنبياء لا يورثون. إنما تكون أموالهم صدقة من
    بعدهم للفقراء والمحتاجين، لا يخصون بها أقربائهم. قال محمد بن عبد الله
    صلى الله عليه وسلم: "نحن معشر الأنبياء لا نورث".

    ملك سليمان:
    لقد آتى الله سليمان –عليه السلام- ملكا عظيما، لم يؤته أحدا من قبله، ولن
    يعطه لأحد من بعده إلى يوم القيامة. فقد استجاب الله تعالى لدعوة سليمان
    (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ
    بَعْدِي). لنتحدث الآن عن بعض الأمور التي سخرها الله لنبيه سليمان عليه
    السلام. لقد سخر له أمرا لم يسخره لأحد من قبله ولا بعده.. سخر الله له
    "الجن". فكان لديه –عليه السلام- القدرة على حبس الجن الذين لا يطيعون
    أمره، وتقييدهم بالسلاسل وتعذيبهم. ومن يعص سليمان يعذبه الله تعالى. لذلك
    كانوا يستجيبون لأوامره، فيبنون له القصور، والتماثيل –التي كانت مباحة في
    شرعهم- والأواني والقدور الضخمة جدا، فلا يمكن تحريكها من ضخامتها. وكانت
    تغوص له في أعماق البحار وتستخرج اللؤلؤ والمرجان والياقوت..
    وسخر الله لسليمان –عليه السلام- الريح فكانت تجري بأمره. لذلك كان
    يستخدمها سليمان في الحرب. فكان لديه بساطا خشبيا ضخم جدا، وكان يأمر
    الجيش بأن يركب على هذا الخشب، ويأمر الريح بأن ترفع البساط وتنقلهم
    للمكان المطلوب. فكان يصل في سرعة خارقة.
    ومن نعم الله عليه، إسالة النحاس له. مثلما أنعم على والده داود بأن ألان
    له الحديد وعلمه كيف يصهره.. وقد استفاد سليمان من النحاس المذاب فائدة
    عظيمة في الحرب والسلم.
    ونختم هذه النعم بجيش سليمان عليه السلام. كان جيشه مكون من: البشر، والجن، والطيور. فكان يعرف لغتها.

    سليمان والخيل:
    بعد عرض أنعم الله عليه، لنبدأ بقصته عليه السلام. وبعض أحداثها.
    كان سليمان –عليه السلام- يحب الخيل كثيرا، خصوصا ما يسمى (بالصافنات)،
    وهي من أجود أنواع الخيول وأسرعها. وفي يوم من الأيام، بدأ استعراض هذه
    الخيول أمام سليمان عصرا، وتذكر بعد الروايات أن عددها كان أكثر من عشرين
    ألف جواد، فأخذ ينظر إليها ويتأمل فيها، فطال الاستعراض، فشغله عن ورده
    اليومي في ذكر الله تعالى، حتى غابت الشمس، فانتبه، وأنب نفسه لأن حبه
    لهذه الخيول شغله عن ذكر ربه حتى غابت الشمس، فأمر بإرجاع الخيول له
    (فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ). وجاءت هنا روايتان كلاهما
    قوي. رواية تقول أنه أخذ السيف وبدأ بضربها على رقابها وأرجلها، حتى لا
    ينشغل بها عن ذكر الله. ورواية أخرى تقول أنه كان يمسح عليها ويستغفر الله
    عز وجل، فكان يمسحها ليرى السقيم منها من الصحيح لأنه كان يعدّها للجهاد
    في سبيل الله.

    ابتلاء سليمان:
    ورغم كل هذه النعم العظيمة والمنح الخاصة، فقد فتن الله تعالى سليمان..
    اختبره وامتحنه، والفتنة امتحان دائم، وكلما كان العبد عظيما كان امتحانه
    عظيما.
    اختلف المفسرون في فتنة سليمان عليه السلام. ولعل أشهر رواية عن هذه
    الفتنة هي نفسها أكذب رواية.. قيل إن سليمان عزم على الطواف على نسائه
    السبعمائة في ليلة واحدة، وممارسة الحب معهن حتى تلد كل امرأة منهن ولدا
    يجاهد في سبيل الله، ولم يقل سليمان إن شاء الله، فطاف على نسائه فلم تلد
    منهن غير امرأة واحدة.. ولدت طفلا مشوها ألقوه على كرسيه.. والقصة مختلقة
    من بدايتها لنهايتها، وهي من الإسرائيليات الخرافية.
    وحقيقة هذه الفتنة ما ذكره الفخر الرازي. قال: إن سليمان ابتلي بمرض شديد
    حار فيه الطب. مرض سليمان مرضا شديدا حار فيه أطباء الإنس والجن.. وأحضرت
    له الطيور أعشابا طبية من أطراف الأرض فلم يشف، وكل يوم كان المرض يزيد
    عليه حتى أصبح سليمان إذا جلس على كرسيه كأنه جسد بلا روح.. كأنه ميت من
    كثرة الإعياء والمرض.. واستمر هذا المرض فترة كان سليمان فيها لا يتوقف عن
    ذكر الله وطلب الشفاء منه واستغفاره وحبه.. وانتهى امتحان الله تعالى
    لعبده سليمان، وشفي سليمان.. عادت إليه صحته بعد أن عرف أن كل مجده وكل
    ملكه وكل عظمته لا تستطيع أن تحمل إليه الشفاء إلا إذا أراد الله سبحانه..
    هذا هو الرأي الذي نرتاح إليه، ونراه لائقا بعصمة نبي حكيم وكريم كسليمان..
    ويذكر لنا القرآن الكريم مواقف عدة، تتجلى لنا فيها حكمة سليمان –عليه
    السلام- ومقدرته الفائقة على استنتاج الحكم الصحيح في القضايا المعروضه
    عليه. ومن هذه القصص ما حدث في زمن داود –عليه السلام- قال تعالى:
    وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ
    فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78)
    فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا
    جلس داود كعادته يوما يحكم بين الناس في مشكلاتهم.. وجاءه رجل صاحب حقل ومعه رجل آخر..
    وقال له صاحب الحقل: سيدي النبي.. إن غنم هذا الرجل نزلت حقلي أثناء
    الليل، وأكلت كل عناقيد العنب التي كانت فيه.. وقد جئت إليك لتحكم لي
    بالتعويض..
    قال داود لصاحب الغنم: هل صحيح أن غنمك أكلت حقل هذا الرجل؟
    قال صاحب الغنم: نعم يا سيدي..
    قال داود: لقد حكمت بأن تعطيه غنمك بدلا من الحقل الذي أكلته.
    قال سليمان.. وكان الله قد علمه حكمة تضاف إلى ما ورث من والده: عندي حكم آخر يا أبي..
    قال داود: قله يا سليمان..
    قال سليمان: أحكم بأن يأخذ صاحب الغنم حقل هذا الرجل الذي أكلته الغنم..
    ويصلحه له ويزرعه حتى تنمو أشجار العنب، وأحكم لصاحب الحقل أن يأخذ الغنم
    ليستفيد من صوفها ولبنها ويأكل منه، فإذا كبرت عناقيد الغنم وعاد الحقل
    سليما كما كان أخذ صاحب الحقل حقله وأعطى صاحب الغنم غنمه..
    قال داود: هذا حكم عظيم يا سليمان.. الحمد لله الذي وهبك الحكمة.
    ومنها ما جاء في الحديث الصحيح: حَدَّثَنِى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ
    حَدَّثَنِى شَبَابَةُ حَدَّثَنِى وَرْقَاءُ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ
    الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم
    قَالَ « بَيْنَمَا امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا جَاءَ الذِّئْبُ
    فَذَهَبَ بِابْنِ إِحْدَاهُمَا . فَقَالَتْ هَذِهِ لِصَاحِبَتِهَا
    إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ أَنْتِ . وَقَالَتِ الأُخْرَى إِنَّما ذَهَبَ
    بِابْنِكِ . فَتَحَاكَمَتَا إِلَى دَاوُدَ فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى
    فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ
    فَأَخْبَرَتَاهُ فَقَالَ ائْتُونِى بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَكُمَا .
    فَقَالَتِ الصُّغْرَى لاَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ هُوَ ابْنُهَا . فَقَضَى
    بِهِ لِلصُّغْرَى ». قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَاللَّهِ إِنْ
    سَمِعْتُ بِالسِّكِّينِ قَطُّ إِلاَّ يَوْمَئِذٍ مَا كُنَّا نَقُولُ
    إِلاَّ الْمُدْيَةَ.
    __________________
    mostafa metab
    mostafa metab
    عاشق سوبر
    عاشق سوبر


    عدد المساهمات : 431
    العمر : 36

    قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم - صفحة 3 Empty رد: قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم

    مُساهمة من طرف mostafa metab السبت يناير 31, 2009 10:59 am

    سليمان والنملة:
    ويذكر لنا القرآن الكريم قصة عجيبة:
    وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ
    فَهُمْ يُوزَعُونَ (17) حَـتَّى إِذا أتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ
    قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا
    يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18)
    فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ
    أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ
    وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي
    عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19) (النمل)
    يقول العلماء "ما أعقلها من نملة وما أفصحها". (يَا) نادت، (أَيُّهَا)
    نبّهت، (ادْخُلُوا) أمرت، (لَا يَحْطِمَنَّكُمْ) نهت، (سُلَيْمَانُ) خصّت،
    (وَجُنُودُهُ) عمّت، (وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ) اعتذرت. سمع سليمان كلام
    النملة فتبسم ضاحكا من قولها.. ما الذي تتصوره هذه النملة! رغم كل عظمته
    وجيشه فإنه رحيم بالنمل.. يسمع همسه وينظر دائما أمامه ولا يمكن أبدا أن
    يدوسه.. وكان سليمان يشكر الله أن منحه هذه النعمة.. نعمة الرحمة ونعمة
    الحنو والشفقة والرفق.
    mostafa metab
    mostafa metab
    عاشق سوبر
    عاشق سوبر


    عدد المساهمات : 431
    العمر : 36

    قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم - صفحة 3 Empty رد: قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم

    مُساهمة من طرف mostafa metab السبت يناير 31, 2009 11:01 am

    سليمان عليه السلام وبلقيس ملكة سبأ:
    جاء يوم.. وأصدر سليمان أمره لجيشه أن يستعد.. بعدها، خرج سليمان يتفقد
    الجيش، ويستعرضه ويفتش عليه.. فاكتشف غياب الهدهد وتخلفه عن الوقوف مع
    الجيش، فغضب وقرر تعذيبه أو قتله، إلا إن كان لديه عذر قوي منعه من القدوم.
    فجاء الهدهد ووقف على مسافة غير بعيدة عن سليمان –عليه السلام- (فَمَكَثَ
    غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن
    سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ) وانظروا كيف يخاطب هذا الهدهد أعظم ملك في
    الأرض، بلا إحساس بالذل أو المهانة، ليس كما يفعل ملوك اليوم لا يتكلم
    معهم أحد إلا ويجب أن تكون علامات الذل ظاهرة عليه. فقال الهدهد أن أعلم
    منك بقضية معينة، فجئت بأخبار أكيدة من مدينة سبأ باليمن. (إِنِّي
    وَجَدتُّ امْرَأَةً) بلقيس (تَمْلِكُهُمْ) تحكمهم (وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ
    شَيْءٍ) أعطاها الله قوة وملكا عظيمين وسخّر لها أشياء كثيرة (وَلَهَا
    عَرْشٌ عَظِيمٌ) وكرسي الحكم ضخم جدا ومرصّع بالجواهر (وَجَدتُّهَا
    وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ) وهم يعبدون الشمس
    (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ) أضلهم الشيطان
    (فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24) أَلَّا
    يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ
    وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ) يسجدون للشمس
    ويتركون الله سبحانه وتعالى (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ
    الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) وذكر العرش هنا لأنه ذكر عرش بلقيس من قبل، فحتى لا
    يغترّ إنسان بعرشها ذكر عرش الله سبحانه وتعالى.
    فتعجب سليمان من كلام الهدهد، فلم يكن شائعا أن تحكم المرأة البلاد، وتعجب
    من أن قوما لديهم كل شيء ويسجدون للشمس، وتعجب من عرشها العظيم، فلم يصدق
    الهدهد ولم يكذبه إنما (قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ
    الْكَاذِبِينَ) وهذا منتهى العدل والحكمة. ثم كتب كتابا وأعطاه للهدهد
    وقال له: (اذْهَب بِّكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ
    عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ) ألق الكتاب عليهم وقف في مكان بعيد
    يحث تستطيع سماع ردهم على الكتاب.
    يختصر السياق القرآني في سورة النمل ما كان من أمر ذهاب الهدهد وتسليمه
    الرسالة، وينتقل مباشرة إلى الملكة، وسط مجلس المستشارين، وهي تقرأ على
    رؤساء قومها ووزرائها رسالة سليمان..
    قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ
    (29) إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ
    الرَّحِيمِ (30) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31)
    (النمل)
    هذا هو نص خطاب الملك سليمان لملكة سبأ..
    إنه يأمر في خطابه أن يأتوه مسلمين.. هكذا مباشرة.. إنه يتجاوز أمر
    عبادتهم للشمس.. ولا يناقشهم في فساد عقيدتهم.. ولا يحاول إقناعهم بشيء..
    إنما يأمر فحسب.. أليس مؤيدا بقوة تسند الحق الذي يؤمن به..؟ لا عليه إذن
    أن يأمرهم بالتسليم..
    كان هذا كله واضحا من لهجة الخطاب القصيرة المتعالية المهذبة في نفس الوقت..
    طرحت الملكة على رؤساء قومها الرسالة.. وكانت عاقلة تشاورهم في جميع
    الأمور: (قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ
    قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ).
    كان رد فعل الملأ وهم رؤساء قومها التحدي.. أثارت الرسالة بلهجتها
    المتعالية المهذبة غرور القوم، وإحساسهم بالقوة. أدركوا أن هناك من
    يتحداهم ويلوح لهم بالحرب والهزيمة ويطالبهم بقبول شروطه قبل وقوع الحرب
    والهزيمة (قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ
    وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ).
    أراد رؤساء قومها أن يقولوا: نحن على استعداد للحرب.. ويبدو أن الملكة
    كانت أكثر حكمة من رؤساء قومها.. فإن رسالة سليمان أثارت تفكيرها أكثر مما
    استنفرتها للحرب..
    فكرت الملكة طويلا في رسالة سليمان.. كان اسمه مجهولا لديها، لم تسمع به
    من قبل، وبالتالي كانت تجهل كل شيء عن قوته، ربما يكون قويا إلى الحد الذي
    يستطيع فيه غزو مملكتها وهزيمتها.
    ونظرت الملكة حولها فرأت تقدم شعبها وثراءه، وخشيت على هذا الثراء والتقدم
    من الغزو.. ورجحت الحكمة في نفسها على التهور، وقررت أن تلجأ إلى اللين،
    وترسل إليه بهدية.. وقدرت في نفسها أنه ربما يكون طامعا قد سمع عن ثراء
    المملكة، فحدثت نفسها بأن تهادنه وتشتري السلام منه بهدية.. قدرت في نفسها
    أيضا إن إرسالها بهدية إليه، سيمكن رسلها الذين يحملون الهدية من دخول
    مملكته، وإذا سيكون رسلها عيونا في مملكته.. يرجعون بأخبار قومه وجيشه،
    وفي ضوء هذه المعلومات، سيكون تقدير موقفها الحقيقي منه ممكنا..
    أخفت الملكة ما يدور في نفسها، وحدثت رؤساء قومها بأنها ترى استكشاف نيات
    الملك سليمان، عن طريق إرسال هدية إليه، انتصرت الملكة للرأي الذي يقضي
    بالانتظار والترقب.. وأقنعت رؤساء قومها بنبذ فكرة الحرب مؤقتا، لأن
    الملوك إذا دخلوا قرية انقلبت أوضاعها وصار رؤساءها هم أكثر من فيها تعرضا
    للهوان والذل..
    واقتنع رؤساء قومها حين لوحت الملكة بما يتهددهم من أخطار..
    وصلت هدية الملكة بلقيس إلى الملك النبي سليمان..
    جاءت الأخبار لسليمان بوصول رسل بلقيس وهم يحملون الهدية.. وأدرك سليمان
    على الفور أن الملكة أرسلت رجالها ليعرفوا معلومات عن قوته لتقرر موقفها
    بشأنه.. ونادى سليمان في المملكة كلها أن يحتشد الجيش.. ودخل رسل بلقيس
    وسط غابة كثيفة مدججة بالسلاح.. فوجئ رسل بلقيس بأن كل غناهم وثرائهم يبدو
    وسط بهاء مملكة سليمان.. وصغرت هديتهم في أعينهم.
    وفوجئوا بأن في الجيش أسودا ونمورا وطيورا.. وأدركوا أنهم أمام جيش لا يقاوم..
    ثم قدموا لسليمان هدية الملكة بلقيس على استحياء شديد. وقالوا له نحن نرفض
    الخضوع لك، لكننا لا نريد القتال، وهذه الهدية علامة صلح بيننا ونتمنى أن
    تقبلها. نظر سليمان إلى هدية الملكة وأشاح ببصره (فَلَمَّا جَاء
    سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ
    مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ) كشف الملك
    سليمان بكلماته القصيرة عن رفضه لهديتهم، وأفهمهم أنه لا يقبل شراء رضاه
    بالمال. يستطيعون شراء رضاه بشيء آخر (أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي
    مُسْلِمِينَ) ثم هددهم (ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ
    لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ
    صَاغِرُونَ).
    وصل رسل بلقيس إلى سبأ.. وهناك هرعوا إلى الملكة وحدثوها أن بلادهم في
    خطر.. حدثوها عن قوة سليمان واستحالة صد جيشه.. أفهموها أنها ينبغي أن
    تزوره وتترضاه.. وجهزت الملكة نفسها وبدأت رحلتها نحو مملكة سليمان..
    جلس سليمان في مجلس الملك وسط رؤساء قومه ووزرائه وقادة جنده وعلمائه..
    كان يفكر في بلقيس.. يعرف أنها في الطريق إليه.. تسوقها الرهبة لا
    الرغبة.. ويدفعها الخوف لا الاقتناع.. ويقرر سليمان بينه وبين نفسه أن
    يبهرها بقوته، فيدفعها ذلك للدخول في الإسلام. فسأل من حوله، إن كان
    بإمكان احدهم ان يحضر له عرش بلقيس قبل أن تصل الملكة لسليمان.
    فعرش الملكة بلقيس هو أعجب ما في مملكتها.. كان مصنوعا من الذهب والجواهر
    الكريمة، وكانت حجرة العرش وكرسي العرش آيتين في الصناعة والسبك.. وكانت
    الحراسة لا تغفل عن العرش لحظة..
    فقال أحد الجن أنا أستطيع إحضار العرش قبل أن ينتهي المجلس –وكان عليه
    السلام يجلس من الفجر إلى الظهر- وأنا قادر على حمله وأمين على جواهره.
    لكن شخص آخر يطلق عليه القرآن الكريم "الذي عنده علم الكتاب" قال لسليمان
    أنا أستطيع إحضار العرش في الوقت الذي تستغرقه العين في الرمشة الواحدة.
    واختلف العلماء في "الذي عنده علم الكتاب" فمنهم من قال أنه وزيره أو أحد
    علماء بني إسرائيل وكان يعرف اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب. ومنهم
    من قال أنه جبريل عليه السلام.
    لكن السياق القرآني ترك الاسم وحقيقة الكتاب غارقين في غموض كثيف مقصود..
    نحن أمام سر معجزة كبرى وقعت من واحد كان يجلس في مجلس سليمان.. والأصل أن
    الله يظهر معجزاته فحسب، أما سر وقوع هذه المعجزات فلا يديره إلا الله..
    وهكذا يورد السياق القرآني القصة لإيضاح قدرة سليمان الخارقة، وهي قدرة
    يؤكدها وجود هذا العالم في مجلسه.
    هذا هو العرش ماثل أمام سليمان.. تأمل تصرف سليمان بعد هذه المعجزة.. لم
    يستخفه الفرح بقدرته، ولم يزهه الشعور بقوته، وإنما أرجع الفضل لمالك
    الملك.. وشكر الله الذي يمتحنه بهذه القدرة، ليرى أيشكر أم يكفر.
    تأمل سليمان عرش الملكة طويلا ثم أمر بتغييره، أمر بإجراء بعض التعديلات
    عليه، ليمتحن بلقيس حين تأتي، ويرى هل تهتدي إلى عرشها أم تكون من الذين
    لا يهتدون.
    كما أمر سليمان ببناء قصر يستقبل فيه بلقيس. واختار مكانا رائعا على البحر
    وأمر ببناء القصر بحيث يقع معظمه على مياه البحر، وأمر أن تصنع أرضية
    القصر من زجاج شديد الصلابة، وعظيم الشفافية في نفس الوقت، لكي يسير
    السائر في أرض القصر ويتأمل تحته الأسماك الملونة وهي تسبح، ويرى أعشاب
    البحر وهي تتحرك.
    تم بناء القصر، ومن فرط نقاء الزجاج الذي صنعت منه أرض حجراته، لم يكن
    يبدو أن هناك زجاجا. تلاشت أرضية القصر في البحر وصارت ستارا زجاجيا خفيا
    فوقه.
    يتجاوز السياق القرآني استقبال سليمان لها إلى موقفين وقعا لها بتدبيره:
    الأول موقفها أمام عرشها الذي سبقها بالمجيء، وقد تركته وراءها وعليه
    الحراس. والثاني موقفها أمام أرضية القصر البلورية الشفافة التي تسبح
    تحتها الأسماك.
    لما اصطحب سليمان عليه السلام بلقيس إلى العرش، نظرت إليه فرأته كعرشها
    تماما.. وليس كعرشها تماما.. إذا كان عرشها فكيف سبقها في المجيء..؟ وإذا
    لم يكن عرشها فكيف أمكن تقليده بهذه الدقة ..؟
    قال سليمان وهو يراها تتأمل العرش: (أَهَكَذَا عَرْشُكِ؟)
    قالت بلقيس بعد حيرة قصيرة: (كَأَنَّهُ هُوَ!)
    قال سليمان: (وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ).
    توحي عبارته الأخيرة إلى الملكة بلقيس أن تقارن بين عقيدتها وعلمها،
    وعقيدة سليمان المسلمة وحكمته. إن عبادتها للشمس، ومبلغ العلم الذي هم
    عليه، يصابان بالخسوف الكلي أمام علم سليمان وإسلامه.
    لقد سبقها سليمان إلى العلم بالإسلام، بعدها سار من السهل عليه أن يسبقها في العلوم الأخرى، هذا ما توحي به كلمة سليمان لبلقيس..
    أدركت بلقيس أن هذا هو عرشها، لقد سبقها إلى المجيء، وأنكرت فيه أجزاء وهي
    لم تزل تقطع الطريق لسليمان.. أي قدرة يملكها هذا النبي الملك سليمان؟!
    انبهرت بلقيس بما شاهدته من إيمان سليمان وصلاته لله، مثلما انبهرت بما
    رأته من تقدمه في الصناعات والفنون والعلوم.. وأدهشها أكثر هذا الاتصال
    العميق بين إسلام سليمان وعلمه وحكمته.
    انتهى الأمر واهتزت داخل عقلها آلاف الأشياء.. رأت عقيدة قومها تتهاوى هنا
    أمام سليمان، وأدركت أن الشمس التي يعبدها قومها ليست غير مخلوق خلقه الله
    تعالى وسخره لعباده، وانكسفت الشمس للمرة الأولى في قلبها، أضاء القلب نور
    جديد لا يغرب مثلما تغرب الشمس.
    ثم قيل لبلقيس ادخلي القصر.. فلما نظرت لم تر الزجاج، ورأت المياه، وحسبت
    أنها ستخوض البحر، (وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا) حتى لا يبتل رداؤها.
    نبهها سليمان -دون أن ينظر- ألا تخاف على ثيابها من البلل. ليست هناك
    مياه. (إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ).. إنه زجاج ناعم لا
    يظهر من فرط نعومته..
    اختارت بلقيس هذه اللحظة لإعلان إسلامها.. اعترفت بظلمها لنفسها وأسلمت
    (مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ). وتبعها قومها على
    الإسلام.
    أدركت أنها تواجه أعظم ملوك الأرض، وأحد أنبياء الله الكرام.
    يسكت السياق القرآني عن قصة بلقيس بعد إسلامها.. ويقول المفسرون أنها
    تزوجت سليمان بعد ذلك.. ويقال أنها تزوجت أحد رجاله.. أحبته وتزوجته، وثبت
    أن بعض ملوك الحبشة من نسل هذا الزواج.. ونحن لا ندري حقيقة هذا كله.. لقد
    سكت القرآن الكريم عن ذكر هذه التفاصيل التي لا تخدم قصه سليمان.. ولا نرى
    نحن داعيا للخوض فيما لا يعرف أحد
    mostafa metab
    mostafa metab
    عاشق سوبر
    عاشق سوبر


    عدد المساهمات : 431
    العمر : 36

    قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم - صفحة 3 Empty رد: قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم

    مُساهمة من طرف mostafa metab السبت يناير 31, 2009 11:03 am

    هيكل سليمان:
    من الأعمال التي قام بها سليمان –عليه السلام- إعادة بناء المسجد الأقصى
    الذي بناه يعقوب من قبل. وبنى بجانب المسجد الأقصى هيكلا عظيما كان مقدسا
    عند اليهود –ولا زالوا يبحثون عنه إلى اليوم. وقد ورد في الهدي النبوي
    الكريم أن سليمان لما بنى بيت المقدس سأل ربه عز وجل ثلاثا، فأعطاه الله
    اثنتين ونحن نرجو أن تكون لنا الثالثة: سأله حكما يصادف حكمه –أي أحكاما
    عادلة كأحكام الله تعالى- فأعطاه إياه، وسأله ملكا لا ينبغي لأحد من بعده
    فأعطاه إياه، وسأله أيما رجل خرج من بيته لا يريد إلا الصلاة في هذا
    المسجد خرج من خطيئته مثل يوم ولدته أمه، وأسأل الله أن تكون لنا.
    وقد تفننت التوراة في وصف الهيكل.. وهذا بعض ما ورد في التوراة عنه:
    كان هيكل سليمان في أورشليم هو مركز العبادة اليهودية، ورمز تاريخ اليهود،
    وموضع فخارهم وزهوهم.. وقد شيده الملك سليمان وأنفق ببذخ عظيم على بنائه
    وزخرفته.. حتى لقد احتاج في ذلك إلى أكثر من 180 ألف عامل (سفر الملوك
    الأول).. وقد أتى له سليمان بالذهب من ترشيش، وبالخشب من لبنان، وبالأحجار
    الكريمة من اليمن، ثم بعد سبع سنوات من العمل المتواصل تكامل بناء الهيكل،
    فكان آية من آيات الدنيا في ذلك الزمان.
    وامتدت يد الخراب إلى الهيكل مرات عديدة، إذ كان هدفا دائما للغزاة
    والطامعين ينهبون ما به من كنوز، ثم يشيعون فيه الدمار، (سفر الملوك
    الثاني).. ثم قام أحد الملوك بتجديد بنائه تحببا في اليهود.. فاستغرق بناء
    الهيكل هذه المرة 46 سنة، أصبح بعدها صرحا ضخما تحيط به ثلاثة أسوار
    هائلة.. وكان مكونا من ساحتين كبيرتين: إحداهما خارجية والأخرى داخلية،
    وكانت تحيط بالساحة الداخلية أروقة شامخة تقوم على أعمدة مزدوجة من
    الرخام، وتغطيها سقوف من خشب الأرز الثمين. وكانت الأروقة القائمة في
    الجهة الجنوبية من الهيكل ترتكز على 162 عمودا، كل منها من الضخامة بحيث
    لا يمكن لأقل من ثلاثة رجال متشابكي الأذرع أن يحيطوا بدائرته.. وكان
    للساحة الخارجية من الهيكل تسع بوابات ضخمة مغطاة بالذهب.. وبوابة عاشرة
    مصبوبة كلها على الرغم من حجمها الهائل من نحاس كونثوس. وقد تدلت فوق تلك
    البوابات كلها زخارف على شكل عناقيد العنب الكبيرة المصنوعة من الذهب
    الخالص، وقد استمرت هدايا الملوك للهيكل حتى آخر زمانه (سفر الملوك
    الأول)، فكان يزخر بالكنوز التي لا تقدر بثمن..
    وفاته عليه السلام:
    عاش سليمان وسط مجد دانت له فيه الأرض.. ثم قدر الله تعالى عليه الموت
    فمات.. ومثلما كانت حياة سليمان قمة في المجد الذي يمتلئ بالعجائب
    والخوارق.. كان موته آية من آيات الله تمتلئ بالعجائب والخوارق.. وهكذا
    جاء موته منسجما مع حياته، متسقا مع مجده، جاء نهاية فريدة لحياة فريدة
    وحافلة.
    لقد قدر الله تعالى أن يكون موت سليمان عليه الصلاة والسلام بشكل ينسف
    فكرة معرفة الجن للغيب.. تلك الفكرة التي فتن الناس بها فاستقرت في أذهان
    بعض البشر والجن..
    كان الجن يعملون لسليمان طالما هو حي.. فلما مات انكسر تسخيرهم له، وأعفوا من تبعة العمل معه..
    وقد مات سليمان دون أن يعلم الجن، فظلوا يعملون له، وظلوا مسخرين لخدمته، ولو أنهم كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين.
    كان سليمان متكئا على عصاه يراقب الجن وهم يعملون. فمات وهو على وضعه
    متكئا على العصا.. ورآه الجن فظنوا أنه يصلي واستمروا في عملهم. ومرت أيام
    طويلة.. ثم جاءت دابة الأرض، وهي نملة تأكل الخشب.. وبدأت تأكل عصا
    سليمان.. كانت جائعة فأكلت جزء من العصا.. استمرت النملة تأكل العصا
    أياما.. كانت تأكل الجزء الملامس للأرض، فلما ازداد ما أكلته منها اختلت
    العصا وسقطت من يد سليمان.. اختل بعدها توازن الجسد العظيم فهوى إلى
    الأرض.. ارتطم الجسد العظيم بالأرض فهرع الناس إليه..
    أدركوا أنه مات من زمن.. تبين الجن أنهم لا يعلمون الغيب.. وعرف الناس هذه
    الحقيقة أيضا.. لو كان الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين، ما
    لبثوا يعملون وهم يظنون أن سليمان حي، بينما هو ميت منذ فترة..
    بهذه النهاية العجيبة ختم الله حياة هذا النبي الملك.
    mostafa metab
    mostafa metab
    عاشق سوبر
    عاشق سوبر


    عدد المساهمات : 431
    العمر : 36

    قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم - صفحة 3 Empty رد: قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم

    مُساهمة من طرف mostafa metab السبت يناير 31, 2009 11:05 am

    لياس عليه السلام

    نبذة:
    أرسل إلى أهل بعلبك غربي دمشق فدعاهم إلى عبادة الله وأن يتركوا عبادة صنم كانوا يسمونه بعلا فآذوه، وقال ابن عباس هو عم اليسع.





    سيرته:
    قال تعالى:

    وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ (123) إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ
    أَلَا تَتَّقُونَ (124) أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ
    الْخَالِقِينَ (125) اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ
    (126) فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (127) إِلَّا عِبَادَ
    اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (128) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (129)
    سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ (130) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي
    الْمُحْسِنِينَ (131) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (131)
    (الصافات)

    هذه الآيات القصار هي كل ما يذكره الله تعالى من قصة إلياس.. لذلك اختلف
    المؤرخون في نسبه وفي القوم الذين أرسل إليهم.. فقال الطبري أنه إلياس بن
    ياسين بن فنحاص بن العيزار بن هارون.. أما ابن كثير فيقول أن إلياس
    والياسين اسمين لرجل واحد فالعرب تلحق النون في أسماء كثيرة وتبدلها من
    غيرها.

    الروايات المختلفة حول دعوته:

    جاء في تاريخ الطبري عن ابن اسحق ما ملخصه:

    إن الياس عليه السلام لما دعا بني إسرائيل الى نبذ عبادة الأصنام،
    والاستمساك بعبادة الله وحده رفضوه ولم يستجيبوا له، فدعا ربه فقال: اللهم
    إن بني إسرائيل قد أبو إلا الكفر بك والعبادة لغيرك، فغير ما بهم من نعمتك
    فأوحي الله إليه إنا جعلنا أمر أرزاقهم بيدك فأنت الذي تأمر في ذلك، فقال
    إلياس: اللهم فأمسك عليهم المطر فحبس عنهم ثلاث سنين، حتى هلكت الماشية
    والشجر، وجهد الناس جهداً شديداً، وما دعا عليهم استخفي عن أعينهم وكان
    يأتيه رزقه حيث كان فكان بنو إسرائيل كلما وجدوا ربح الخبز في دار قالوا
    هنا إلياس فيطلبونه، وينال أهل المنزل منهم شر وقد أوي ذات مرة إلى بيت
    امرأة من بنى إسرائيل لها ابن يقال له اليسع بن خطوب به ضر فآوته واخفت
    أمره. فدعا ربه لابنها فعافاه من الضر الذي كان به واتبع إلياس وآمن به
    وصدقه ولزمة فكان يذهب معه حيثما ذهب وكان إلياس قد أسن وكبر، وكان اليسع
    غلاماً شاباً ثم إن إلياس قال لبني إسرائيل إذا تركتم عبادة الأصنام دعوات
    الله أن يفرج عنكم فأخرجوا أصنامهم ومحدثاتهم فدعا الله لهم ففرج عنهم
    وأغاثهم، فحييت بلادهم ولكنهم لم يرجعوا عما كانوا عليه ولم يستقيموا فلما
    رأي إلياس منهم دعا ربه أن يقبضه إليه فقبضة ورفعه.

    ويذكر ابن كثير أن رسالته كانت لأهل بعلبك غربي دمشق وأنه كان لهم صنم
    يعبدونه يسمي (بعلا) وقد ذكره القرآن الكريم على لسان إلياس حين قال لقومه
    ( أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (125)
    وَاللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ).

    ويذكر بعض المؤرخين أنه عقب انتهاء ملك سليمان بن داود عليه السلام وذلك
    في سنة 933 قبل الميلاد انقسمت مملكة بن إسرائيل إلى قسمين، الأول ، يخضع
    لملك سلالة سليمان وأول ملوكهم رحبعام بن سليمان والثاني يخضع لاحد أسباط
    افرايم بن يوسف الصديق واسم ملكهم جر بعام. وقد تشتت دولة بنى إسرائيل بعد
    سليمان عليه السلام بسبب اختلاف ملوكهم وعظمائهم على السلطة، وبسبب الكفر
    والضلال الذي انتشر بين صفوفهم وقد سمح أحد ملوكهم وهو أخاب لزوجته بنشر
    عبادة قومها في بني إسرائيل، وكان قومها عباداً للأوثان فشاعت العبادة
    الوثنية، وعبدوا الصنم الذي ذكره القرآن الكريم واسمه (بعل) فأرسل إليهم
    إلياس عليه السلام الذي تحدثنا عن دعوته فما توفي إلياس عليه السلام أوحي
    الله تعالى إلى أحد الأنبياء واسمه اليسع عليه السلام ليقوم في نبي
    إسرائيل، فيدعوهم إلى عبادة الله الواحد القهار.


    وأرجح الآراء إن إلياس هو النبي المسمى إيليا في التوراة.
    mostafa metab
    mostafa metab
    عاشق سوبر
    عاشق سوبر


    عدد المساهمات : 431
    العمر : 36

    قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم - صفحة 3 Empty رد: قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم

    مُساهمة من طرف mostafa metab السبت يناير 31, 2009 11:07 am

    اليسع عليه السلام

    نبذة:
    من العبدة الأخيار ورد ذكره في التوراة كما ذكر في القرآن مرتين ، ويذكر أنه أقام من الموت إنسانا كمعجزة.


    سيرته:

    من أنبياء الله تعالى، الذين يذكر الحق أسمائهم ويثني عليهم، ولا يحكي قصصهم.. نبي الله تعالى اليسع.

    قال تعالى في سورة (ص): وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِّنْ الْأَخْيَارِ

    وقال جل جلاله في سورة (الأنعام) : وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلاًّ فضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ

    جاء في تاريخ الطبري حول ذكر نسبة أنه اليسع بن أخطوب ويقال أنه ابن عم
    إلياس النبي عليهما السلام ، وذكر الحافظ ابن عساكر نسبة على الوجه الآتي:
    اسمه أسباط بن عدي بن شوتلم بن أفرائيم بن يوسف الصديق عليه السلام وهو من
    أنبياء بني إسرائيل، وقد أوجز القرآن الكريم عن حياته فلم يذكر عنها شيئاً
    وإنما اكتفى بعده في مجموعة الرسل الكرام الذي يجب الإيمان بهم تفصيلاً.

    قام بتبليغ الدعوة بعد انتقال إلياس إلى جوار الله فقام يدعو إلى الله
    مستمسكاً بمنهاج نبي الله إلياس وشريعته وقد كثرت في زمانه الأحداث
    والخطايا وكثر الملوك الجبابرة فقتلوا الأنبياء وشردوا المؤمنين فوعظهم
    اليسع وخوفهم من عذاب الله ولكنهم لم يأبهوا بدعوته ثم توفاه الله وسلط
    على بني إسرائيل من يسومهم سوء العذاب كما قص علينا القرآن الكريم. ويذكر
    بعض المؤرخين أن دعوته في مدينة تسعى بانياس إحدى مدن الشام، ولا تزال حتى
    الآن موجودة وهي قريبة من بلدة اللاذقية والله أعلم.

    وأرجح الأقوال أن اليسع هو اليشع الذي تتحدث عنه التوراة.. ويذكر القديس برنابا أنه أقام من الموت إنسانا كمعجزة.

    اليسع وذو الكفل:
    ويروي بعض العلماء قصة حدثت في زمن اليسع عليه السلام.

    فيروى أنه لما كبر اليسع قال لو أني استخلفت رجلاً على الناس يعمل عليهم
    في حياتي حتى أنظر كيف يعمل؟ فجمع الناس فقال: من يتقبل لي بثلاث استخلفه:
    يصوم النهار، ويقوم الليل، ولا يغضب. فقام رجل تزدريه العين، فقال: أنا،
    فقال: أنت تصوم النهار، وتقوم الليل، ولا تغضب؟ قال: نعم. لكن اليسع -عليه
    السلام- ردّ الناس ذلك اليوم دون أن يستخلف أحدا. وفي اليوم التالي خرج
    اليسع -عليه السلام- على قومه وقال مثل ما قال اليوم الأول، فسكت الناس
    وقام ذلك الرجل فقال أنا. فاستخلف اليسع ذلك الرجل.

    فجعل إبليس يقول للشياطين: عليكم بفلان، فأعياهم ذلك. فقال دعوني وإياه
    فأتاه في صورة شيخ كبير فقير، وأتاه حين أخذ مضجعه للقائلة، وكان لا ينام
    الليل والنهار، إلا تلك النّومة فدقّ الباب. فقال ذو الكفل: من هذا؟ قال:
    شيخ كبير مظلوم. فقام ذو الكفل ففتح الباب. فبدأ الشيخ يحدّثه عن خصومة
    بينه وبين قومه، وما فعلوه به، وكيف ظلموه، وأخذ يطوّل في الحديث حتى حضر
    موعد مجلس ذو الكفل بين الناس، وذهبت القائلة. فقال ذو الكفل: إذا رحت
    للمجلس فإنني آخذ لك بحقّك.

    فخرج الشيخ وخرج ذو الكفل لمجلسه دون أن ينام. لكن الشيخ لم يحضر للمجلس.
    وانفض المجلس دون أن يحضر الشيخ. وعقد المجلس في اليوم التالي، لكن الشيخ
    لم يحضر أيضا. ولما رجع ذو الكفل لمنزله عند القائلة ليضطجع أتاه الشيخ
    فدق الباب، فقال: من هذا؟ فقال الشيخ الكبير المظلوم. ففتح له فقال: ألم
    أقل لك إذا قعدت فاتني؟ فقال الشيخ: إنهم اخبث قوم إذا عرفوا أنك قاعد
    قالوا لي نحن نعطيك حقك، وإذا قمت جحدوني. فقال ذو الكفل: انطلق الآن فإذا
    رحت مجلسي فأتني.

    ففاتته القائلة، فراح مجلسه وانتظر الشيخ فلا يراه وشق عليه النعاس، فقال
    لبعض أهله: لا تدعنَّ أحداً يقرب هذا الباب حتى أنام، فإني قد شق عليّ
    النوم. فقدم الشيخ، فمنعوه من الدخول، فقال: قد أتيته أمس، فذكرت لذي
    الكفل أمري، فقالوا: لا والله لقد أمرنا أن لا ندع أحداً يقربه. فقام
    الشيخ وتسوّر الحائط ودخل البيت ودق الباب من الداخل، فاستيقظ ذو الكفل،
    وقال لأهله: ألم آمركم ألا يدخل علي أحد؟ فقالوا: لم ندع أحدا يقترب،
    فانظر من أين دخل. فقام ذو الكفل إلى الباب فإذا هو مغلق كما أغلقه؟ وإذا
    الرجل معه في البيت، فعرفه فقال: أَعَدُوَّ اللهِ؟ قال: نعم أعييتني في كل
    شيء ففعلت كل ما ترى لأغضبك.

    فسماه الله ذا الكفل لأنه تكفل بأمر فوفى به!
    mostafa metab
    mostafa metab
    عاشق سوبر
    عاشق سوبر


    عدد المساهمات : 431
    العمر : 36

    قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم - صفحة 3 Empty رد: قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم

    مُساهمة من طرف mostafa metab السبت يناير 31, 2009 11:09 am

    عزير عليه السلام

    نبذة:
    من أنبياء بني إسرائيل، أماته الله مئة عام ثم بعثه، جدد الدين لبني إسرائيل وعلمهم التوراة بعد أن نسوها.


    سيرته:
    مرت الأيام على بني إسرائيل في فلسطين، وانحرفوا كثير عن منهج الله عز
    وجل. فأراد الله أن يجدد دينهم، بعد أن فقدوا التوراة ونسوا كثيرا من
    آياتها، فبعث الله تعالى إليهم عزيرا.

    أمر الله سبحانه وتعالى عزيرا أن يذهب إلى قرية. فذهب إليها فوجدها خرابا،
    ليس فيها بشر. فوقف متعجبا، كيف يرسله الله إلى قرية خاوية ليس فيها بشر.
    وقف مستغربا، ينتظر أن يحييها الله وهو واقف! لأنه مبعوث إليها. فأماته
    الله مئة عام. قبض الله روحه وهو نائم، ثم بعثه. فاستيقظ عزير من نومه.

    فأرسل الله له ملكا في صورة بشر: (قَالَ كَمْ لَبِثْتَ).

    فأجاب عزير: (قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ). نمت يوما أو عدة أيام على أكثر تقدير.

    فرد الملك: (قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ). ويعقب الملك مشيرا إلى
    إعجاز الله عز وجل (فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ
    يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ) أمره بأن ينظر لطعامه الذي ظل
    بجانبه مئة سنة، فرآه سليما كما تركه، لم ينتن ولم يتغير طعمه او ريحه. ثم
    أشار له إلى حماره، فرآه قد مات وتحول إلى جلد وعظم. ثم بين له الملك السر
    في ذلك (وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ). ويختتم كلامه بأمر عجيب
    (وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا)
    نظر عزير للحمار فرأى عظامه تتحرك فتتجمع فتتشكل بشكل الحمار، ثم بدأ
    اللحم يكسوها، ثم الجلد ثم الشعر، فاكتمل الحمار أمام عينيه.

    يخبرنا المولى بما قاله عزير في هذا الموقف: (فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).

    سبحان الله أي إعجاز هذا.. ثم خرج إلى القرية، فرآها قد عمرت وامتلأت
    بالناس. فسألهم: هل تعرفون عزيرا؟ قالوا: نعم نعرفه، وقد مات منذ مئة سنة.
    فقال لهم: أنا عزير. فأنكروا عليه ذلك. ثم جاءوا بعجوز معمّرة، وسألوها عن
    أوصافه، فوصفته لهم، فتأكدوا أنه عزير.

    فأخذ يعلمهم التوراة ويجددها لهم، فبدأ الناس يقبلون عليه وعلى هذا الدين
    من جديد، وأحبوه حبا شديدا وقدّسوه للإعجاز الذي ظهر فيه، حتى وصل تقديسهم
    له أن قالوا عنه أنه ابن الله (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ
    اللّهِ).

    واستمر انحراف اليهود بتقديس عزير واعتباره ابنا لله تعالى –ولا زالوا يعتقدون بهذا إلى اليوم- وهذا من شركهم لعنهم الله.
    __________________
    mostafa metab
    mostafa metab
    عاشق سوبر
    عاشق سوبر


    عدد المساهمات : 431
    العمر : 36

    قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم - صفحة 3 Empty رد: قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم

    مُساهمة من طرف mostafa metab السبت يناير 31, 2009 11:10 am

    زكريا عليه السلام

    نبذة:

    عبد صالح تقي أخذ يدعو للدين الحنيف، كفل مريم العذراء، دعا الله أن يرزقه
    ذرية صالحة فوهب له يحيى الذي خلفه في الدعوة لعبادة الله الواحد القهار.

    سيرته:

    امرأة عمران:
    في ذلك العصر القديم.. كان هناك نبي.. وعالم عظيم يصلي بالناس.. كان اسم
    النبي زكريا عليه السلام.. أما العالم العظيم الذي اختاره الله للصلاة
    بالناس، فكان اسمه عمران عليه السلام.

    وكان لعمران زوجته لا تلد.. وذات يوم رأت طائرا يطعم ابنه الطفل في فمه
    ويسقيه.. ويأخذه تحت جناحه خوفا عليه من البرد.. وذكرها هذا المشهد بنفسها
    فتمنت على الله أن تلد.. ورفعت يديها وراحت تدعو خالقها أن يرزقها بطفل..

    واستجابت لها رحمة الله فأحست ذات يوم أنها حامل.. وملأها الفرح والشكر
    لله فنذرت ما في بطنها محررا لله.. كان معنى هذا أنها نذرت لله أن يكون
    ابنها خادما للمسجد طوال حياته.. يتفرغ لعبادة الله وخدمة بيته.

    ولادة مريم:
    وجاء يوم الوضع ووضعت زوجة عمران بنتا، وفوجئت الأم! كانت تريد ولدا ليكون
    في خدمة المسجد والعبادة، فلما جاء المولود أنثى قررت الأم أن تفي بنذرها
    لله برغم أن الذكر ليس كالأنثى.

    سمع الله سبحانه وتعالى دعاء زوجة عمران، والله يسمع ما نقوله، وما نهمس
    به لأنفسنا، وما نتمنى أن نقوله ولا نفعله.. يسمع الله هذا كله ويعرفه..
    سمع الله زوجة عمران وهي تخبره أنها قد وضعت بنتا، والله أعلم بما وضعت،
    الله.. هو وحده الذي يختار نوع المولود فيخلقه ذكرا أو يخلقه أنثى.. سمع
    الله زوجة عمران تسأله أن يحفظ هذه الفتاة التي سمتها مريم، وأن يحفظ
    ذريتها من الشيطان الرجيم.

    ويروي الإمام مسلم في صحيحه: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ
    حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ
    سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
    قَالَ « مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلاَّ نَخَسَهُ الشَّيْطَانُ
    فَيَسْتَهِلُّ صَارِخاً مِنْ نَخْسَةِ الشَّيْطَانِ إِلاَّ ابْنَ مَرْيَمَ
    وَأُمَّهُ ». ثُمَّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ
    (وَإِنِّى أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ).

    كفالة زكريا لمريم:
    أثار ميلاد مريم بنت عمران مشكلة صغيرة في بداية الأمر.. كان عمران قد مات
    قبل ولادة مريم.. وأراد علماء ذلك الزمان وشيوخه أن يربوا مريم.. كل واحد
    يتسابق لنيل هذا الشرف.. أن يربي ابنة شيخهم الجليل العالم وصاحب صلاتهم
    وإمامهم فيها.

    قال زكريا: أكفلها أنا.. هي قريبتي.. زوجتي هي خالتها.. وأنا نبي هذه الأمة وأولاكم بها.

    وقال العلماء والشيوخ: ولماذا لا يكفلها أحدنا..؟ لا نستطيع أن نتركك تحصل على هذا الفضل بغير اشتراكنا فيه.

    ثم اتفقوا على إجراء قرعة. أي واحد يكسب القرعة هو الذي يكفل مريم،
    ويربيها، ويكون له شرف خدمتها، حتى تكبر هي وهي تخدم المسجد وتتفرغ لعبادة
    الله، وأجريت القرعة.. وضعت مريم وهي مولودة على الأرض، ووضعت إلى جوارها
    أقلام الذين يرغبون في كفالتها، وأحضروا طفلا صغيرا، فأخرج قلم زكريا..

    قال زكريا: حكم الله لي بأن أكفلها.

    قال العلماء والشيوخ: لا.. القرعة ثلاث مرات.

    وراحوا يفكرون في القرعة الثانية.. حفر كل واحد اسمه على قلم خشبي،
    وقالوا: نلقي بأقلامنا في النهر.. من سار قلمه ضد التيار وحده فهو الغالب.

    وألقوا أقلامهم في النهر، فسارت أقلامهم جميعا مع التيار ما عدا قلم
    زكريا.. سار وحده ضد التيار.. وظن زكريا أنهم سيقتنعون، لكنهم أصروا على
    أن تكون القرعة ثلاث مرات. قالوا: نلقي أقلامنا في النهر.. القلم الذي
    يسير مع التيار وحده يأخذ مريم. وألقوا أقلامهم فسارت جميعا ضد التيار ما
    عدا قلم زكريا. وسلموا لزكريا، وأعطوه مريم ليكفلها.. وبدأ زكريا يخدم
    مريم، ويربيها ويكرمها حتى كبرت..

    كان لها مكان خاص تعيش فيه في المسجد.. كان لها محراب تتعبد فيه.. وكانت
    لا تغادر مكانها إلا قليلا.. يذهب وقتها كله في الصلاة والعبادة.. والذكر
    والشكر والحب لله..

    وكان زكريا يزورها أحيانا في المحراب.. وكان يفاجأه كلما دخل عليها أنه
    أمام شيء مدهش.. يكون الوقت صيفا فيجد عندها فاكهة الشتاء.. ويكون الوقت
    شتاء فيجد عندها فاكهة الصيف.

    ويسألها زكريا من أين جاءها هذا الرزق..؟

    فتجيب مريم: إنه من عند الله..

    وتكرر هذا المشهد أكثر من مرة.

    دعاء زكريا ربه:

    كان زكريا شيخا عجوزا ضعف عظمه، واشتعل رأسه بالشعر الأبيض، وأحس أنه لن
    يعيش طويلا.. وكانت زوجته وهي خالة مريم عجوزا مثله ولم تلد من قبل في
    حياتها لأنها عاقر.. وكان زكريا يتمنى أن يكون له ولد يرث علمه ويصير نبيا
    ويستطيع أن يهدي قومه ويدعوهم إلى كتاب الله ومغفرته.. وكان زكريا لا يقول
    أفكاره هذه لأحد.. حتى لزوجته.. ولكن الله تعالى كان يعرفها قبل أن تقال..
    ودخل زكريا ذلك الصباح على مريم في المحراب.. فوجد عندها فاكهة ليس هذا
    أوانها.

    سألها زكريا: (قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا)؟!

    مريم: (قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ).

    قال زكريا في نفسه: سبحان الله.. قادر على كل شيء.. وغرس الحنين أعلامه في قلبه وتمنى الذرية.. فدعا ربه.

    سأل زكريا خالقه بغير أن يرفع صوته أن يرزقه طفلا يرث النبوة والحكمة
    والفضل والعلم.. وكان زكريا خائفا أن يضل القوم من بعده ولم يبعث فيهم
    نبي.. فرحم الله تعالى زكريا واستجاب له. فلم يكد زكريا يهمس في قلبه
    بدعائه لله حتى نادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب: (يَا زَكَرِيَّا
    إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن
    قَبْلُ سَمِيًّا).

    فوجئ زكريا بهذه البشرى.. أن يكون له ولد لا شبيه له أو مثيل من قبل.. أحس
    زكريا من فرط الفرح باضطراب.. تسائل من موضع الدهشة: (قَالَ رَبِّ أَنَّى
    يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ
    الْكِبَرِ عِتِيًّا) أدهشه أن ينجب وهو عجوز وامرأته لا تلد..

    (قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ
    مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا) أفهمته الملائكة أن هذه مشيئة الله وليس
    أمام مشيئة الله إلا النفاذ.. وليس هناك شيء يصعب على الله سبحانه
    وتعالى.. كل شيء يريده يأمره بالوجود فيوجد.. وقد خلق الله زكريا نفسه من
    قبل ولم يكن له وجود.. وكل شيء يخلقه الله تعالى بمجرد المشيئة (إِنَّمَا
    أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ).

    امتلأ قلب زكريا بالشكر لله وحمده وتمجيده.. وسأل ربه أن يجعل له آية أو
    علامة. فأخبره الله أنه ستجيء عليه ثلاثة أيام لا يستطيع فيها النطق..
    سيجد نفسه غير قادر على الكلام.. سيكون صحيح المزاج غير معتل.. إذا حدث له
    هذا أيقن أن امرأته حامل، وأن معجزة الله قد تحققت.. وعليه ساعتها أن
    يتحدث إلى الناس عن طريق الإشارة.. وأن يسبح الله كثيرا في الصباح
    والمساء..

    وخرج زكريا يوما على الناس وقلبه مليء بالشكر.. وأراد أن يكلمهم فاكتشف أن
    لسانه لا ينطق.. وعرف أن معجزة الله قد تحققت.. فأومأ إلى قومه أن يسبحوا
    الله في الفجر والعشاء.. وراح هو يسبح الله في قلبه.. صلى لله شكرا على
    استجابته لدعوته ومنحه يحيي..

    ظل زكريا عليه السلام يدعوا إلى ربه حتى جاءت وفاته.

    ولم ترد روايات صحيحة عن وفاته عليه السلام. لكن ورايات كثير -ضعيفة- أوردت قتله على يد جنود الملك الذي قتل يحيى من قبل
    mostafa metab
    mostafa metab
    عاشق سوبر
    عاشق سوبر


    عدد المساهمات : 431
    العمر : 36

    قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم - صفحة 3 Empty رد: قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم

    مُساهمة من طرف mostafa metab السبت يناير 31, 2009 11:15 am

    يحيى عليه السلام

    نبذة:
    ابن نبي الله زكريا، ولد استجابة لدعاء زكريا لله أن يرزقه الذرية الصالحة
    فجعل آية مولده أن لا يكلم الناس ثلاث ليال سويا، وقد كان يحيى نبيا
    وحصورا ومن الصالحين ، كما كان بارا تقيا ورعا منذ صباه.

    سيرته:
    ذكر خبر ولادة يحيى عليه السلام في قصة نبي الله زكريا. وقد شهد الحق عز
    وجل له أنه لم يجعل له من قبل شبيها ولا مثيلا، وهو النبي الذي قال الحق
    عنه: (وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا)..
    ومثلما أوتي الخضر علما من لدن الله، أوتي يحيي حنانا من لدن الله، والعلم
    مفهوم، والحنان هو العلم الشمولي الذي يشيع في نسيجه حب عميق للكائنات
    ورحمة بها، كأن الحنان درجة من درجات الحب الذي ينبع من العلم.
    ولقد كان يحيي في الأنبياء نموذجا لا مثيل له في النسك والزهد والحب
    الإلهي.. هو النبي الناسك. كان يضيء حبا لكل الكائنات، وأحبه الناس وأحبته
    الطيور والوحوش والصحاري والجبال، ثم أهدرت دمه كلمة حق قالها في بلاط ملك
    ظالم، بشأن أمر يتصل براقصة بغي.

    فضل يحيى عليه السلام:
    يذكر العلماء فضل يحيي ويوردون لذلك أمثلة كثيرة. كان يحيي معاصرا لعيسى وقريبه من جهة الأم (ابن خالة أمه)..
    وتروي السنة أن يحيي وعيسى التقيا يوما.
    فقال عيسى ليحيي: استغفر لي يا يحيي.. أنت خير مني.
    قال يحيي: استغفر لي يا عيسى. أنت خير مني.
    قال عيسى: بل أنت خير مني.. سلمت على نفسي وسلم الله عليك.
    تشير القصة إلى فضل يحيي حين سلم الله عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا.
    ويقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه يوما فوجدهم يتذاكرون فضل الأنبياء.
    قال قائل: موسى كليم الله.
    وقال قائل: عيسى روح الله وكلمته.
    وقال قائل: إبراهيم خليل الله.
    ومضى الصحابة يتحدثون عن الأنبياء، فتدخل الرسول عليه الصلاة والسلام حين
    رآهم لا يذكرون يحيي. أين الشهيد ابن الشهيد؟ يلبس الوبر ويأكل الشجر
    مخافة الذنب. أين يحيي بن زكريا؟

    نشأته:
    ولد يحيي عليه السلام.. كان ميلاده معجزة.. فقد جاء لأبيه زكريا بعد عمر
    طال حتى يئس الشيخ من الذرية.. وجاء بعد دعوة نقية تحرك بها قلب النبي
    زكريا.
    ولد يحيي عليه السلام فجاءت طفولته غريبة عن دنيا الأطفال.. كان معظم
    الأطفال يمارسون اللهو، أما هو فكان جادا طوال الوقت.. كان بعض الأطفال
    يتسلى بتعذيب الحيوانات، وكان يحيي يطعم الحيوانات والطيور من طعامه رحمة
    بها، وحنانا عليها، ويبقى هو بغير طعام.. أو يأكل من أوراق الشجر أو
    ثمارها.
    وكلما كبر يحيي في السن زاد النور في وجهه وامتلأ قلبه بالحكمة وحب الله
    والمعرفة والسلام. وكان يحيي يحب القراءة، وكان يقرأ في العلم من طفولته..
    فلما صار صبيا نادته رحمة ربه: (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ
    وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا).
    صدر الأمر ليحيي وهو صبي أن يأخذ الكتاب بقوة، بمعنى أن يدرس الكتاب
    بإحكام، كتاب الشريعة.. رزقه الله الإقبال على معرفة الشريعة والقضاء بين
    الناس وهو صبي.. كان أعلم الناس وأشدهم حكمة في زمانه درس الشريعة دراسة
    كاملة، ولهذا السبب آتاه الله الحكم وهو صبي.. كان يحكم بين الناس، ويبين
    لهم أسرار الدين، ويعرفهم طريق الصواب ويحذرهم من طريق الخطأ.
    وكبر يحيي فزاد علمه، وزادت رحمته، وزاد حنانه بوالديه، والناس،
    والمخلوقات، والطيور، والأشجار.. حتى عم حنانه الدنيا وملأها بالرحمة..
    كان يدعو الناس إلى التوبة من الذنوب، وكان يدعو الله لهم.. ولم يكن هناك
    إنسان يكره يحيي أو يتمنى له الضرر. كان محبوبا لحنانه وزكاته وتقواه
    وعلمه وفضله.. ثم زاد يحيي على ذلك بالتنسك.
    وكان يحيي إذا وقف بين الناس ليدعوهم إلى الله أبكاهم من الحب والخشوع..
    وأثر في قلوبهم بصدق الكلمات وكونها قريبة العهد من الله وعلى عهد الله..
    وجاء صباح خرج فيه يحيي على الناس.. امتلأ المسجد بالناس، ووقف يحيي بن
    زكريا وبدأ يتحدث.. قال: إن الله عز وجل أمرني بكلمات أعمل بها، وآمركم أن
    تعملوا بها.. أن تعبدوا الله وحده بلا شريك.. فمن أشرك بالله وعبد غيره
    فهو مثل عبد اشتراه سيده فراح يعمل ويؤدي ثمن عمله لسيد غير سيده.. أيكم
    يحب أن يكون عبده كذلك..؟ وآمركم بالصلاة لأن الله ينظر إلى عبده وهو
    يصلي، ما لم يلتفت عن صلاته.. فإذا صليتم فاخشعوا.. وآمركم بالصيام.. فان
    مثل ذلك كمثل رجل معه صرة من مسك جميل الرائحة، كلما سار هذا الرجل فاحت
    منه رائحة المسك المعطر. وآمركم بذكر الله عز وجل كثيرا، فان مثل ذلك كمثل
    رجل طلبه أعداؤه فأسرع لحصن حصين فأغلقه عليه.. وأعظم الحصون ذكر الله..
    ولا نجاة بغير هذا الحصن.

    مواجهة الملك:
    كان أحد ملوك ذلك الزمان طاغية ضيق العقل غبي القلب يستبد برأيه، وكان
    الفساد منتشرا في بلاطه.. وكان يسمع أنباء متفرقة عن يحيي فيدهش لأن الناس
    يحبون أحدا بهذا القدر، وهو ملك ورغم ذلك لا يحبه أحد.
    وكان الملك يريد الزواج من ابنة أخيه، حيث أعجبه جمالها، وهي أيضا طمعت
    بالملك، وشجعتها أمها على ذلك. وكانوا يعلمون أن هذا حرام في دينهم. فأرد
    الملك أن يأخذ الإذن من يحيى عليه السلام. فذهبوا يستفتون يحيى ويغرونه
    بالأموال ليستثني الملك.
    لم يكن لدى الفتاة أي حرج من الزواج بالحرام، فلقد كانت بغيّ فاجرة. لكن
    يحيى عليه السلام أعلن أمام الناس تحريم زواج البنت من عمّها. حتى يعلم
    الناس –إن فعلها الملك- أن هذا انحراف. فغضب الملك وأسقط في يده، فامتنع
    عن الزواج.
    لكن الفتاة كانت لا تزال طامعة في الملك. وفي إحدى الليالي الفاجرة أخذت
    البنت تغني وترقص فأرادها الملك لنفسهن فأبت وقالت: إلا أن تتزوجني. قال:
    كيف أتزوجك وقد نهانا يحيى. قالت: ائتني برأس يحيى مهرا لي. وأغرته إغراء
    شديدا فأمر في حينه بإحضار رأس يحيى له.
    فذهب الجنود ودخلوا على يحيى وهو يصلي في المحراب. وقتلوه، وقدموا رأسه على صحن للملك، فقدّم الصحن إلى هذه البغيّ وتزوجها بالحرام.
    __________________
    mostafa metab
    mostafa metab
    عاشق سوبر
    عاشق سوبر


    عدد المساهمات : 431
    العمر : 36

    قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم - صفحة 3 Empty رد: قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم

    مُساهمة من طرف mostafa metab السبت يناير 31, 2009 11:19 am

    عيسى عليه السلام

    نبذة:

    مثل عيسى مثل آدم خلقه الله من تراب وقال له كن فيكون، هو عيسى بن مريم
    رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم، وهو الذي بشر بالنبي محمد، آتاه الله
    البينات وأيده بروح القدس وكان وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين، كلم
    الناس في المهد وكهلا وكان يخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيها فتكون
    طيرا، ويبرئ الأكمه والأبرص ويخرج الموتى كل بإذن الله، دعا المسيح قومه
    لعبادة الله الواحد الأحد ولكنهم أبوا واستكبروا وعارضوه، ولم يؤمن به سوى
    بسطاء قومه، رفعه الله إلى السماء وسيهبط حينما يشاء الله إلى الأرض ليكون
    شهيدا على الناس.

    سيرته:
    الحديث عن نبي الله عيسى عليه السلام، يستدعي الحديث عن أمه مريم، بل وعن
    ذرية آل عمران هذه الذرية التي اصطفاها الله تعالى واختارها، كما اختار
    آدم ونوحا وآل إبراهيم على العالمين.

    آل عمران أسرة كريمة مكونة من عمران والد مريم، وامرأة عمران أم مريم،
    ومريم، وعيسى عليه السلام؛ فعمران جد عيسى لأمه، وامرأة عمران جدته لأمه،
    وكان عمران صاحب صلاة بني إسرائيل في زمانه، وكانت زوجته امرأة عمران
    امرأة صالحة كذلك، وكانت لا تلد، فدعت الله تعالى أن يرزقها ولدا، ونذرت
    أن تجعله مفرغا للعبادة ولخدمة بيت المقدس، فاستجاب الله دعاءها، ولكن شاء
    الله أن تلد أنثى هي مريم، وجعل الله تعالى كفالتها ورعايتها إلى زكريا
    عليه السلام، وهو زوج خالتها، وإنما قدر الله ذلك لتقتبس منه علما نافعا،
    وعملا صالحا.

    كانت مريم مثالا للعبادة والتقوى، وأسبغ الله تعالى عليها فضله ونعمه مما
    لفت أنظار الآخرين، فكان زكريا عليه السلام كلما دخل عليها المحراب وجد
    عندها رزقا، فيسألها من أين لك هذا، فتجيب: (قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ
    اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ).

    كل ذلك إنما كان تمهيدا للمعجزة العظمى؛ حيث ولد عيسى عليه السلام من هذه
    المرأة الطاهرة النقية، دون أن يكون له أب كسائر الخلق، واستمع إلى بداية
    القصة كما أوردها القرآن الكريم، قال تعالى:

    وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ
    وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ (42) (آل عمران)

    بهذه الكلمات البسيطة فهمت مريم أن الله يختارها، ويطهرها ويختارها
    ويجعلها على رأس نساء الوجود.. هذا الوجود، والوجود الذي لم يخلق بعد.. هي
    أعظم فتاة في الدنيا وبعد قيامة الأموات وخلق الآخرة.. وعادت الملائكة
    تتحدث:

    يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (43) (آل عمران)

    ولادة عيسى عليه السلام:
    كان الأمر الصادر بعد البشارة أن تزيد من خشوعها، وسجودها وركوعها لله..
    وملأ قلب مريم إحساس مفاجئ بأن شيئا عظيما يوشك أن يقع.. ويروي الله تعالى
    في القرآن الكريم قصة ولادة عيسى عليه السلام فيقول:

    وَاذكُر فِى الكِتَابِ مَريَمَ إِذِ انتَبَذَت مِن أَهلِهَا مَكَاناً
    شَرقِياً (16) فَاتخَذَت مِن دُونِهِم حِجَاباً فَأَرسَلنَا إِلَيهَا
    رُوحَنَا فَتَمَثلَ لَهَا بَشَراً سَوِياً (17) قَالَت إِني أَعُوذُ
    بِالرحمَـنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِياً (18) قَالَ إِنمَا أَنَا رَسُولُ
    رَبكِ لأهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِياً (19) قَالَت أنى يَكُونُ لِى غُلامٌ
    وَلَم يَمسَسنِى بَشَرٌ وَلَم أَكُ بَغِياً (20) قَالَ كَذلِكَ قَالَ
    رَبكَ هُوَ عَلَى هَينٌ وَلِنَجعَلَهُ ءايَةً للناسِ وَرَحمَةً منا
    وَكَانَ أَمراً مقضِياً (21) (مريم)

    جاء جبريل –عليه السلام- لمريم وهي في المحراب على صورة بشر في غاية
    الجمال. فخافت مريم وقالت: (إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ
    تَقِيًّا) أرادت أن تحتمي في الله.. وسألته هل هو إنسان طيب يعرف الله
    ويتقيه.

    فجاء جوابه ليطمئنها بأنه يخاف الله ويتقيه: (قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا)

    اطمئنت مريم للغريب، لكن سرعان ما تذكّرت ما قاله (لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا
    زَكِيًّا) استغربت مريم العذراء من ذلك.. فلم يمسسها بشر من قبل.. ولم
    تتزوج، ولم يخطبها أحد، كيف تنجب بغير زواج!! فقالت لرسول ربّها: (أَنَّى
    يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا)

    قال الروح الأمين: (كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ
    وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا
    مَّقْضِيًّا)

    استقبل عقل مريم كلمات الروح الأمين.. ألم يقل لها إن هذا هو أمر الله ..؟
    وكل شيء ينفذ إذا أمر الله.. ثم أي غرابة في أن تلد بغير أن يمسسها بشر..؟
    لقد خلق الله سبحانه وتعالى آدم من غير أب أو أم، لم يكن هناك ذكر وأنثى
    قبل خلق آدم. وخلقت حواء من آدم فهي قد خلقت من ذكر بغير أنثى.. ويخلق
    ابنها من غير أب.. يخلق من أنثى بغير ذكر.. والعادة أن يخلق الإنسان من
    ذكر وأنثى.. العادة أن يكون له أب وأم.. لكن المعجزة تقع عندما يريد الله
    تعالى أن تقع.. عاد جبريل عليه السلام يتحدث: (إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ
    بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا
    فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45) وَيُكَلِّمُ
    النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ)

    زادت دهشة مريم.. قبل أن تحمله في بطنها تعرف اسمه.. وتعرف أنه سيكون
    وجيها عند الله وعند الناس، وتعرف أنه سيكلم الناس وهو طفل وهو كبير..
    وقبل أن يتحرك فم مريم بسؤال آخر.. نفخ جبريل عليه السلام في جيب مريم
    –الجيب هو شق الثوب الذي يكون في الصدر- فحملت فورا.

    ومرت الأيام.. كان حملها يختلف عن حمل النساء.. لم تمرض ولم تشعر بثقل ولا
    أحست أن شيئا زاد عليها ولا ارتفع بطنها كعادة النساء.. كان حملها به نعمة
    طيبة. وجاء الشهر التاسع.. وفي العلماء من يقول إن الفاء تفيد التعقيب
    السريع.. بمعنى أن مريم لم تحمل بعيسى تسعة أشهر، وإنما ولدته مباشرة
    كمعجزة..

    خرجت مريم ذات يوم إلى مكان بعيد.. إنها تحس أن شيئا سيقع اليوم.. لكنها
    لا تعرف حقيقة هذا الشيء.. قادتها قدماها إلى مكان يمتلئ بالشجر.. والنخل،
    مكان لا يقصده أحد لبعده.. مكان لا يعرفه غيرها.. لم يكن الناس يعرفون أن
    مريم حامل.. وإنها ستلد.. كان المحراب مغلقا عليها، والناس يعرفون أنها
    تتعبد فلا يقترب منها أحد..

    جلست مريم تستريح تحت جذع نخلة؛ لم تكن نخلة كاملة، إنما جذع فقط، لتظهر
    معجزات الله سبحانه وتعالى لمريم عند ولادة عيسى فيطمئن قلبها.. وراحت
    تفكر في نفسها.. كانت تشعر بألم.. وراح الألم يتزايد ويجيء في مراحل
    متقاربة.. وبدأت مريم تلد..

    فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا (23) (مريم)

    إن ألم الميلاد يحمل لنفس العذراء الطاهرة آلاما أخرى تتوقعها ولم تقع
    بعد.. كيف يستقبل الناس طفلها هذا..؟ وماذا يقولون عنها..؟ إنهم يعرفون
    أنها عذراء.. فكيف تلد العذراء..؟ هل يصدق الناس أنها ولدته بغير أن
    يمسسها بشر..؟ وتصورت نظرات الشك.. وكلمات الفضول.. وتعليقات الناس..
    وامتلأ قلبها بالحزن..

    وولدت في نفس اللحظة من قدر عليه أن يحمل في قلبه أحزان البشرية.. لم تكد
    مريم تنتهي من تمنيها الموت والنسيان، حتى نادها الطفل الذي ولد:

    فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ
    سَرِيًّا (24) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ
    رُطَبًا جَنِيًّا (25) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا
    تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ
    صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا (26) (مريم)

    نظرت مريم إلى المسيح.. سمعته يطلب منها أن تكف عن حزنها.. ويطلب منها أن
    تهز جذع النخلة لتسقط عليها بعض ثمارها الشهية.. فلتأكل، ولتشرب، ولتمتلئ
    بالسلام والفرح ولا تفكر في شيء.. فإذا رأت من البشر أحدا فلتقل لهم أنها
    نذرت للرحمن صوما فلن تكلم اليوم إنسانا.. ولتدع له الباقي..

    لم تكد تلمس جذعها حتى تساقط عليها رطب شهي.. فأكلت وشربت ولفت الطفل في
    ملابسها.. كان تفكير مريم العذراء كله يدور حول مركز واحد.. هو عيسى، وهي
    تتساءل بينها وبين نفسها: كيف يستقبله اليهود..؟ ماذا يقولون فيه..؟ هل
    يصدق أحد من كهنة اليهود الذين يعيشون على الغش والخديعة والسرقة..؟ هل
    يصدق أحدهم وهو بعيد عن الله أن الله هو الذي رزقها هذا الطفل؟ إن موعد
    خلوتها ينتهي، ولا بد أن تعود إلى قومها.. فماذا يقولون الناس؟
    mostafa metab
    mostafa metab
    عاشق سوبر
    عاشق سوبر


    عدد المساهمات : 431
    العمر : 36

    قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم - صفحة 3 Empty رد: قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم

    مُساهمة من طرف mostafa metab السبت يناير 31, 2009 11:20 am

    مواجهة القوم:
    كان الوقت عصرا حين عادت مريم.. وكان السوق الكبير الذي يقع في طريقها إلى
    المسجد يمتلئ بالناس الذي فرغوا من البيع والشراء وجلسوا يثرثرون. لم تكد
    مريم تتوسط السوق حتى لاحظ الناس أنها تحمل طفلا، وتضمه لصدرها وتمشي به
    في جلال وبطئ..

    تسائل أحد الفضوليين: أليست هذه مريم العذراء..؟ طفل من هذا الذي تحمله على صدرها..؟

    قال أحدهم: هو طفلها.. ترى أي قصة ستخرج بها علينا..؟

    وجاء كهنة اليهود يسألونها.. ابن من هذا يا مريم؟ لماذا لا تردين؟ هو ابنك قطعا.. كيف جاءك ولد وأنت عذراء؟

    يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28) (مريم)

    الكلمة ترمي مريم بالبغاء.. هكذا مباشرة دون استماع أو تحقيق أو تثبت..
    ترميها بالبغاء وتعيرها بأنها من بيت طيب وليست أمها بغيا.. فكيف صارت هي
    كذلك؟ راحت الاتهامات تسقط عليها وهي مرفوعة الرأس.. تومض عيناها
    بالكبرياء والأمومة.. ويشع من وجهها نور يفيض بالثقة.. فلما زادت الأسئلة،
    وضاق الحال، وانحصر المجال، وامتنع المقال، اشتد توكلها على ذي الجلال
    وأشارت إليه..

    أشارت بيدها لعيسى.. واندهش الناس.. فهموا أنها صائمة عن الكلام وترجو
    منهم أن يسألوه هو كيف جاء.. تساءل الكهنة ورؤساء اليهود كيف يوجهون
    السؤال لطفل ولد منذ أيام.. هل يتكلم طفل في لفافته..؟!

    قالوا لمريم: (كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا).

    قال عيسى:

    قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا
    (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ
    وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ
    يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ
    وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33) (مريم)

    لم يكد عيسى ينتهي من كلامه حتى كانت وجوه الكهنة والأحبار ممتقعة
    وشاحبة.. كانوا يشهدون معجزة تقع أمامهم مباشرة.. هذا طفل يتكلم في مهده..
    طفل جاء بغير أب.. طفل يقول أن الله قد آتاه الكتاب وجعله نبيا.. هذا يعني
    إن سلطتهم في طريقها إلى الانهيار.. سيصبح كل واحد فيهم بلا قيمة عندما
    يكبر هذا الطفل.. لن يستطيع أن يبيع الغفران للناس، أو يحكمهم عن طريق
    ادعائه أنه ظل السماء على الأرض، أو باعتباره الوحيد العارف في الشريعة..
    شعر كهنة اليهود بالمأساة الشخصية التي جاءتهم بميلاد هذا الطفل.. إن مجرد
    مجيء المسيح يعني إعادة الناس إلى عبادة الله وحده.. وهذا معناه إعدام
    الديانة اليهودية الحالية.. فالفرق بين تعاليم موسى وتصرفات اليهود كان
    يشبه الفرق بين نجوم السماء ووحل الطرقات.. وتكتم رهبان اليهود قصة ميلاد
    عيسى وكلامه في المهد.. واتهموا مريم العذراء ببهتان عظيم.. اتهموها
    بالبغاء.. رغم أنهم عاينوا بأنفسهم معجزة كلام ابنها في المهد.

    وتخبرنا بعض الروايات أن مريم هاجرت بعيسى إلى مصر، بينما تخبرنا روايات
    أخرى بأن هجرتها كانت من بيت لحم لبيت المقدس. إلا أن المعروف لدينا هو أن
    هذه الهجرة كانت قبل بعثته.

    معجزاته:
    كبر عيسى.. ونزل عليه الوحي، وأعطاه الله الإنجيل. وكان عمره آنذاك -كما
    يرى الكثير من العلماء- ثلاثون سنة. وأظهر الله على يديه المعجزات. يقول
    المولى عزّ وجل في كتابه عن معجزات عيسى عليه السلام:

    وَيُعَلمُهُ الكِتَابَ وَالحِكمَةَ وَالتورَاةَ وَالإِنجِيلَ (48)
    وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسرائيلَ أني قَد جِئتُكُم بِآيَةٍ من ربكُم
    أَنِي أَخلُقُ لَكُم منَ الطينِ كَهَيئَةِ الطيرِ فَأَنفُخُ فِيهِ
    فَيَكُونُ طَيرًا بِإِذنِ اللهِ وَأُبرِىْ الأكمَهَ والأبرَصَ وَأُحي
    المَوتَى بِإِذنِ اللهِ وَأُنَبئُكُم بِمَا تَأكُلُونَ وَمَا تَدخِرُونَ
    فِى بُيُوتِكُم إِن فِي ذلِكَ لآيَةً لكُم إِن كُنتُم مؤمِنِينَ (49)
    وَمُصَدقًا لمَا بَينَ يَدَي مِنَ التورَاةِ وَلأحِل لَكُم بَعضَ الذِي
    حُرمَ عَلَيكُم وَجِئتُكُم بِآيَةٍ من ربكُم فَاتقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ
    (50) إِن اللهَ رَبي وَرَبكُم فَاعبُدُوهُ هَـذَا صِراطٌ مستَقِيمٌ (آل
    عمران)

    فكان عيسى –عليه السلام- رسولا لبني إسرائيل فقط. ومعجزاته هي:

    علّمه الله التوراة.

    يصنع من الطين شكل الطير ثم ينفخ فيه فيصبح طيرا حيّا يطير أمام أعينهم.

    يعالج الأكمه (وهو من ولد أعمى)، فيمسح على عينيه أمامهم فيبصر.

    يعالج الأبرص (وهو المرض الذي يصيب الجلد فيجعل لونه أبيضا)، فيسمح على جسمه فيعود سليما.

    يخبرهم بما يخبئون في بيوتهم، وما أعدّت لهم زوجاتهم من طعام.

    وكان –عليه السلام- يحيي الموتى. باذن الله
    mostafa metab
    mostafa metab
    عاشق سوبر
    عاشق سوبر


    عدد المساهمات : 431
    العمر : 36

    قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم - صفحة 3 Empty رد: قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم

    مُساهمة من طرف mostafa metab السبت يناير 31, 2009 11:26 am

    إيمان الحواريون:
    جاء عيسى ليخفف عن بني إسرائيل بإباحة بعض الأمور التي حرمتها التوراة
    عليهم عقابا لهم. إلا أن بني إسرائيل –مع كل هذه الآيات- كفروا. قال تعالى:
    فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى
    اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ
    وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52) رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلَتْ
    وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (53) (آل عمران)
    وقال تعالى:
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ
    عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ
    قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَت طَّائِفَةٌ
    مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ
    آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ (14) (الصف)
    قيل أن عدد الحواريين كان سبعة عشر رجلا، لكن الروايات الأرجح أنهم كانوا
    اثني عشر رجلا. آمن الحواريون، لكن التردد لا يزال موجودا في نفوسهم. قال
    الله تعالى قصة هذا التردد:
    إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ
    رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء قَالَ
    اتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (112) قَالُواْ نُرِيدُ أَن
    نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ
    صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ (113) قَالَ عِيسَى
    ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ
    السَّمَاء تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ
    وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (114) قَالَ اللّهُ إِنِّي
    مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي
    أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ (115)
    (المائدة)
    استجاب الله عز وجل، لكنه حذّرهم من الكفر بعد هذه الآية التي جاءت تلبية
    لطلبهم. نزلت المائدة، وأكل الحواريون منها، وظلوا على إيمانهم وتصديقهم
    لعيسى –عليه السلام- إلا رجل واحد كفر بعد رفع عيسى عليه السلام.
    رفع عيسى عليه السلام:
    لما بدأ الناس يتحدثون عن معجزات عيسى عليه السلام، خاف رهبان اليهود أن
    يتبع الناس الدين الجديد فيضيع سلطانهم. فذهبوا لمَلك تلك المناطق وكان
    تابعا للروم. وقالوا له أن عيسى يزعم أنه مَلك اليهود، وسيأخذ المُلك منك.
    فخاف المَلك وأمر بالبحث عن عيسى –عليه السلام- ليقتله.
    جاءت روايات كثيرة جدا عن رفع عيسى –عليه السلام- إلى السماء، معظمها من
    الإسرائيليات أو نقلا عن الإنجيل. وسنشير إلى أرجح رواية هنا.
    عندما بلغ عيسى عليه السلام أنهم يريدون قتله، خرج على أصحابه وسألهم من
    منهم مستعد أن يلقي الله عليه شبهه فيصلب بدلا منه ويكون معه في الجنة.
    فقام شاب، فحنّ عليه عيسى عليه السلام لأنه لا يزال شابا. فسألهم مرة
    ثانية، فقام نفس الشاب. فنزل عليه شبه عيسى عليه السلام، ورفع الله عيسى
    أمام أعين الحواريين إلى السماء. وجاء اليهود وأخذوا الشبه وقتلوه ثم
    صلبوه. ثم أمسك اليهود الحواريين فكفر واحد منهم. ثم أطلقوهم خشية أن يغضب
    الناس. فظل الحواريون يدعون بالسر. وظل النصارى على التوحيد أكثر من مئتين
    سنة. ثم آمن أحد ملوك الروم واسمه قسطنطين، وأدخل الشركيات في دين النصارى.
    يقول ابن عباس: افترق النصارى ثلاث فرق. فقالت طائفة: كان الله فينا ما
    شاء ثم صعد إلى السماء. وقالت طائفة: كان فينا ابن الله ما شاء ثم رفعه
    الله إليه. وقلت طائفة: كان فينا عبد الله ورسوله ما شاء ثم رفعه الله
    إليه. فتظاهرت الكافرتان على المسلمة فقتلوها فلم يزل الإسلام طامسا حتى
    بعث الله محمدا –صلى الله عليه وسلم- فذلك قول الله تعالى: (فَأَيَّدْنَا
    الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ).
    وقال تعالى عن رفعه:
    وَقَولِهِم إِنا قَتَلنَا المَسِيحَ عِيسَى ابنَ مَريَمَ رَسُولَ اللهِ
    وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبهَ لَهُم وَإِن الذِينَ
    اختَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَك منهُ مَا لَهُم بِهِ مِن عِلمٍ إِلا اتبَاعَ
    الظن وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً (157) بَل رفَعَهُ اللهُ إِلَيهِ وَكَانَ
    اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً (158) وَإِن من أَهلِ الكِتَابِ إِلا لَيُؤمِنَن
    بِهِ قَبلَ مَوتِهِ وَيَومَ القِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيهِم شَهِيداً (159)
    (النساء)
    لا يزال عيسى –عليه السلام- حيا. ويدل على ذلك أحاديث صحيحة كثيرة. والحديث الجامع لها في مسند الإمام أحمد:
    حدثنا عبد الله، حدثني أبي، ثنا يحيى، عن ابن أبي عروبة قال: ثنا قتادة،
    عن عبد الرحمن بن آدم، عن أبي هريرة،: (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
    الأنبياء إخوة لعلات، دينهم واحد وأمهاتهم شتى، وأنا أولى الناس بعيسى ابن
    مريم لأنه لم يكن بيني وبينه نبي، وأنه نازل فإذا رأيتموه فاعرفوه، فإنه
    رجل مربوع إلى الحمرة والبياض، سبط كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل بين
    ممصرتين، فيكسر الصليب ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، و يعطل الملل حتى يهلك
    الله في زمانه الملل كلها غير الإسلام، ويهلك الله في زمانه المسيح الدجال
    الكذاب، وتقع الأمنة في الأرض حتى ترتع الإبل مع الأسد جميعاً، والنمور مع
    البقر، والذئاب مع الغنم، ويلعب الصبيان بالحيات لا يضر بعضهم بعضاً،
    فيمكث ما شاء الله أن يمكث ثم يتوفى، فيصلي عليه المسلمون و يدفنونه.)
    (مربوع) ليس بالطويل وليس بالقصير، (إلى الحمرة والبياض) وجهه أبيض فيه
    احمرار، (سبط) شعره ناعم، (ممصرتين) عصاتين أو منارتين وفي الحديث الآخر
    ينزل عند المنارة البيضاء من مسجد دمشق.
    وفي الحديث الصحيح الآخر يحدد لنا رسولنا الكريم مدة مكوثه في الأرض فيقول: (فيمكث أربعين سنة ثم يتوفى، و يصلي عليه المسلمون).
    لا بد أن يذوق الإنسان الموت. عيسى لم يمت وإنما رفع إلى السماء، لذلك سيذوق الموت في نهاية الزمان.
    ويخبرنا المولى عز وجل بحوار لم يقع بعد، هو حواره مع عيسى عليه السلام يوم القيامة فيقول:
    وَإِذ قَالَ اللهُ يا عِيسَى ابنَ مَريَمَ أَءنتَ قُلتَ لِلناسِ
    اتخِذُونِي وَأُميَ إِلَـهَينِ مِن دُونِ اللهِ قَالَ سُبحَانَكَ مَا
    يَكُونُ لِي أَن أَقُولَ مَا لَيسَ لِي بِحَق إِن كُنتُ قُلتُهُ فَقَد
    عَلِمتَهُ تَعلَمُ مَا فِى نَفسِي وَلاَ أَعلَمُ مَا فِى نَفسِكَ إِنكَ
    أَنتَ عَلامُ الغُيُوبِ (116) مَا قُلتُ لَهُم إِلا مَا أَمَرتَنِي بِهِ
    أَنِ اعبُدُوا اللهَ رَبي وَرَبكُم وَكُنتُ عَلَيهِم شَهِيداً ما دُمتُ
    فِيهِم فَلَما تَوَفيتَنِي كُنتَ أَنتَ الرقِيبَ عَلَيهِم وَأَنتَ عَلَى
    كُل شَىء شَهِيدٌ (117) إِن تُعَذبهُم فَإِنهُم عِبَادُكَ وَإِن تَغفِر
    لَهُم فَإِنكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ (118) (المائدة)
    هذا هو عيسى بن مريم عليه السلام، آخر الرسل قبل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
    mostafa metab
    mostafa metab
    عاشق سوبر
    عاشق سوبر


    عدد المساهمات : 431
    العمر : 36

    قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم - صفحة 3 Empty رد: قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم

    مُساهمة من طرف mostafa metab السبت يناير 31, 2009 11:27 am

    {{محمد عليه الصلاة والسلام}}

    المــولــد:

    ولد سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم بشعب بني هاشم بمكة في صبيحة يوم
    الإثنين التاسع من شهر ربيع الأول، لأول عام من حادثة الفيل، ولأربعين سنة
    خلت من ملك كسرى أنو شروان، ويوافق ذلك العشرين أو اثنين وعشرين من شهر
    أبريل سنة 571م حسبما حققه العالم الكبير محمد سليمان المنصور فورى
    والمحقق الفلكي محمود باشا.

    وروى ابن سعد أن أم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قالت: لما ولدته خرج
    من فرجي نور أضاءت له قصور الشام. وروى أحمد عن العرباض بن سارية ما يقارب
    ذلك.

    وقد روي أن إرهاصات بالبعثة وقعت عند الميلاد، فسقطت أربع عشرة شرفة من
    إيوان كسرى، وخمدت النار التي يعبدها المجوس، وانهدمت الكنائس حول بحيرة
    ساوة بعد أن غاضت، روى ذلك البيهقي ولا يقره محمد الغزالي.

    في بني سعد:
    وكانت العادة عند الحاضرين من العرب أن يلتمسوا المراضع لأولادهم ابتعاداً
    لهم عن أمراض الحواضر؛ لتقوى أجسامهم، وتشتد أعصابهم، ويتقنوا اللسان
    العربي في مهدهم، فالتمس عبد المطلب لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
    الرضعاء، واسترضع له امرأة من بني سعد بن بكر - وهي حليمة بنت أبي ذؤيب -
    وزوجها الحارث بن عبد العزى المكنى بأبي كبشة، من نفس القبيلة.

    وإخوته صلى الله عليه وسلم هناك من الرضاعة عبد اللَّه بن الحارث، وأنيسة
    بنت الحارث، وحذافة أو جذامة بنت الحارث (وهي الشيماء - لقب غلب على
    اسمها) وكانت تحضن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأبا سفيان بن الحارث
    بن عبد المطلب، ابن عم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم .

    وكان عمه حمزة بن عبد المطلب مسترضعاً في بني سعد بن بكر، فأرضعت أمه رسول
    اللَّه صلى الله عليه وسلم يوماً وهو عند أمه حليمة، فكان حمزة رضيع رسول
    اللَّه صلى الله عليه وسلم من وجهين، من جهة ثويبة، ومن جهة السعدية.

    ورأت حليمة من بركته صلى الله عليه وسلم ما قضت منه العجب، ولنتركها تروي ذلك مفصلاً

    قال ابن إسحاق كانت حليمة تحدث أنها خرجت من بلدها مع زوجها وابن لها صغير
    ترضعه، في نسوة من بني سعد بن بكر، تلتمس الرضعاء قالت: وذلك في سنة شهباء
    لم تبق لنا شيئاً، قالت: فخرجت على أتان لي قمراء، معنا شارف لنا، واللَّه
    ما تبض بقطرة، وما ننام ليلنا أجمع من صبينا الذي معنا، من بكائه من
    الجوع، ما في ثديي ما يغنيه، وما في شارفنا ما يغذيه، ولكن كنا نرجو الغيث
    والفرج، فخرجت على أتاني تلك فلقد أدمت بالركب حتى شق ذلك عليهم ضعفاً
    وعجفاً، حتى قدمنا مكة نلتمس الرضعاء، فما منا امرأة إلا وقد عرض عليها
    رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فتأباه، إذا قيل لها إنه يتيم. وذلك أنا
    كنا نرجو المعروف من أبي الصبي فكنا نقول يتيم وما عسى أن تصنع أمه وجده
    فكنا نكره لذلك فما بقيت امرأة قدمت معي إلا أخذت رضيعاً غيري. فلما
    أجمعنا الانطلاق قلت لصاحبي واللَّه إني لأكره أن أرجع من بين صواحبي ولم
    آخذ رضيعاً، واللَّه لأذهبن إلى ذلك اليتيم فلآخذنه، قال: لا عليك أن
    تفعلي، عسى اللَّه أن يجعل لنا بركة، قالت: فذهبت إليه، فأخذته وما حملني
    على أخذه إلا أني لم أجد غيره، قالت: فلما أخذته رجعت به إلى رحلي، فلما
    وضعته في حجري أقبل عليه ثدياي بما شاء من لبن، فشرب حتى روى، وشرب معه
    أخوه حتى روى، ثم ناما، وما كنا ننام معه قبل ذلك، وقام زوجي إلى شارفنا
    تلك، فإذا هي حافل، فحلب منها ما شرب وشربت معه حتى انتهينا رياً وشبعاً،
    فبتنا بخير ليلة، قالت: يقول صاحبي حين أصبحنا تعلمي واللَّه يا حليمة لقد
    أخذت نسمة مباركة، قالت: فقلت واللَّه إني لأرجو ذلك، قالت: ثم خرجنا
    وركبت أنا أتاني، وحملته عليها معي، فواللَّه لقطعت بالركب ما لا يقدر
    عليه شيء من حمرهم، حتى إن صواحبي ليقلن لي يا ابنة أبي ذؤيب، ويحك أربعي
    علينا، أليست هذه أتانك التي كنت خرجت عليها؟ فأقول لهن بلى واللَّه إنها
    لهي هي، فيقلن: واللَّه إن لها شأناً، قالت: ثم قدمنا منازلنا من بلاد بني
    سعد وما أعلم أرضاً من أرض اللَّه أجدب منها، فكانت غنمي تروح على حين
    قدمنا به معنا شباعاً لبناً، فنحلب ونشرب، وما يحلب إنسان قطرة لبن، ولا
    يجدها في ضرع حتى كان الحاضرون من قومنا يقولون لرعيانهم ويلكم اسرحوا حيث
    يسرح راعي بنت أبي ذؤيب، فتروح أغنامهم جياعاً ما تبض بقطرة لبن، وتروح
    غنمي شباعاً لبناً، فلم نزل نتعرف من اللَّه الزيادة والخير حتى مضت سنتاه
    وفصلته، وكان يشب شباباً لا يشبه الغلمان، فلم يبلغ سنتيه حتى كان غلاماً
    جفراً، قالت: فقدمنا به على أمه ونحن أحرص على مكثه فينا، لما كنا نرى من
    بركته، فكلمنا أمه، وقلت لها لو تركت ابني عندي حتى يغلظ، فإني أخشى عليه
    وباء مكة، قالت: فلم نزل بها حتى ردته معنا.

    وهكذا بقي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في بني سعد، حتى إذا كانت السنة
    الرابعة أو الخامسة من مولده وقع حادث شق صدره، روى مسلم عن أنس: "أن رسول
    اللَّه صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل، وهو يلعب مع الغلمان، فأخذه فصرعه،
    فشق عن قلبه، فاستخرج القلب، فاستخرج منه علقة، فقال: هذا حظ الشيطان منك،
    ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم،ثم لأمه، ثم أعاده إلى مكانه، وجاء
    الغلمان يسعون إلى أمه - يعني ظئره - فقالوا: إن محمداً قد قتل، فاستقبلوه
    وهو منتقع اللون.

    إلى أمه الحنون:
    وخشيت عليه حليمة بعد هذه الوقعة حتى ردته إلى أمه، فكان عند أمه إلى أن بلغ ست سنين.

    ورأت آمنة وفاء لذكرى زوجها الراحل أن تزور قبره بيثرب، فخرجت من مكة
    قاطعة رحلة تبلغ خمسمائة كيلو متراً ومعها ولدها اليتيم - محمد صلى الله
    عليه وسلم - وخادمتها أم أيمن، وقيمها عبد المطلب، فمكثت شهراً ثم قفلت،
    وبينما هي راجعة إذ يلاحقها المرض، يلح عليها في أوائل الطريق، فماتت
    بالأبواء بين مكة والمدينة.

    إلى جده العطوف:
    وعاد به عبد المطلب إلى مكة، وكانت مشاعر الحنان في فؤاده تربو نحو حفيده
    اليتيم الذي أصيب بمصاب جديد نكأ الجروح القديمة، فرق عليه رقة لم يرقها
    على أحد من أولاده، فكان لا يدعه لوحدته المفروضة، بل يؤثره على أولاده،
    قال ابن هشام كان يوضع لعبد المطلب فراش في ظل الكعبة، فكان بنوه يجلسون
    حول فراشه ذلك حتى يخرج إليه، لا يجلس عليه أحد من بنيه إجلالاً له، فكان
    رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يأتي وهو غلام جفر حتى يجلس عليه، فيأخذه
    أعمامه ليؤخروه عنه، فيقول عبد المطلب إذا رأى ذلك منهم دعوا ابني هذا
    فواللَّه إن له لشأناً، ثم يجلس معه على فراشه، ويمسح ظهره بيده ويسره ما
    يراه ويصنع.

    ولثماني سنوات وشهرين وعشرة أيام من عمره صلى الله عليه وسلم توفى جده عبد
    المطلب بمكة، ورأى قبل وفاته أن يعهد بكفالة حفيده إلى عمه أبي طالب شقيق
    أبيه.

    إلى عمه الشفيق:
    ونهض أبو طالب بحق ابن أخيه على أكمل وجه، وضمه إلى ولده، وقدمه عليهم
    واختصه بفضل احترام وتقدير، وظل فوق أربعين سنة يعز جانبه، ويبسط عليه
    حمايته، ويصادق ويخاصم من أجله، وستأتي نبذ من ذلك في مواضعها.
    mostafa metab
    mostafa metab
    عاشق سوبر
    عاشق سوبر


    عدد المساهمات : 431
    العمر : 36

    قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم - صفحة 3 Empty رد: قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم

    مُساهمة من طرف mostafa metab السبت يناير 31, 2009 11:29 am

    حياة الكدح:
    ولم يكن له صلى الله عليه وسلم عمل معين في أول شبابه إلا أن الروايات
    توالت أنه كان يرعى غنماً، رعاهافي بني سعد، وفي مكة لأهلها على قراريط
    وفي الخامسة والعشرين من سنه خرج تاجراً إلى الشام في مال خديجة رضي
    اللَّه عنها، قال ابن إسحاق كانت خديجة بنت خويلد امرأة تاجرة ذات شرف
    ومال، تستأجر الرجال في مالها، وتضاربهم إياه بشيء تجعله لهم، وكانت قريش
    قوماً تجاراً فلما بلغها عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ما بلغها من
    صدق حديثه، وعظم أمانته وكرم أخلاقه بعثت إليه، فعرضت عليه أن يخرج في مال
    لها إلى الشام تاجراً وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار، مع غلام
    لها يقال له ميسرة، فقبله رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم منها، وخرج في
    مالها ذلك، وخرج معه غلامها ميسرة حتى قدم الشام.

    زواجه خديجة:
    ولما رجع إلى مكة، ورأت خديجة في مالها من الأمانة والبركة ما لم تر قبل
    هذا، وأخبرها غلامها ميسرة بما رأى فيه صلى الله عليه وسلم من خلال عذبة،
    وشمائل كريمة، وفكر راجح، ومنطق صادق، ونهج أمين، وجدت ضالتها المنشودة -
    وكان السادات والرؤساء يحرصون على زواجها فتأبى عليهم ذلك - فتحدثت بما في
    نفسها إلى صديقتها نفيسة بنت منية، وهذه ذهبت إليه صلى الله عليه وسلم
    تفاتحه أن يتزوج خديجة، فرضي بذلك، وكلم أعمامه، فذهبوا إلى عم خديجة،
    وخطبوها إليه، وعلى إثر ذلك تم الزواج، وحضر العقد بنو هاشم ورؤساء مضر،
    وذلك بعد رجوعه من الشام بشهرين، وأصدقها عشرين بكرة. وكانت سنها إذ ذاك
    أربعين سنة، وكانت يومئذ أفضل نساء قومها نسباً وثروة وعقلاً، وهي أول
    امرأة تزوجها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، ولم يتزوج عليها غيرها حتى
    ماتت.

    وكل أولاده صلى الله عليه وسلم منها سوى إبراهيم، ولدت له أولاً القاسم -
    وبه كان يكنى - ثم زينب ورقية، وأم كلثوم وفاطمة وعبد اللَّه، وكان عبد
    اللَّه يلقب بالطيب والطاهر، ومات بنوه كلهم في صغرهم، أما البنات فكلهن
    أدر كن الإسلام فأسلمن وهاجرن، إلا أنهن أدركتهن الوفاة في حياته صلى الله
    عليه وسلم سوى فاطمة رضي اللَّه عنها فقد تأخرت بعده ستة أشهر ثم لحقت به.

    بناء الكعبة وقضية التحكيم:
    ولخمس وثلاثين سنة من مولده صلى الله عليه وسلم قامت قريش ببناء الكعبة
    وذلك لأن الكعبة كانت رضما فوق القامة. ارتفاعها تسع أذرع من عهد إسماعيل
    ولم يكن لها سقف، فسرق نفر من اللصوص كنزها الذي كان في جوفها، وكانت مع
    ذلك قد تعرضت - باعتبارها أثراً قديماً - للعوادي التي أدهت بنيانها،
    وصدعت جدرانها، وقبل بعثته صلى الله عليه وسلم بخمس سنين جرف مكة سيل عرم،
    انحدر إلى البيت الحرام، فأوشكت الكعبة منه على الانهيار، فاضطرت قريش إلى
    تجديد بنائها حرصاً على مكانتها، واتفقوا على أن لا يدخلوا في بنائها إلا
    طيباً، فلا يدخلوا فيا مهر بغي ولا بيع ربا ولا مظلمة أحد من الناس،
    وكانوا يهابون هدمها فابتدأ بها الوليد بن المغيرة المخزومي، وتبعه الناس
    لما رأوا أنه لم يصبه شيء، ولم يزالوا في الهدم حتى وصلوا إلى قواعد
    إبراهيم، ثم أرادوا الأخذ في البناء فجزأوا الكعبة وخصصوا لكل قبيلة جزءاً
    منها. فجمعت كل قبيلة حجارة على حدة وأخذوا يبنونها، وتولى البناء بناء
    رومي اسمه باقوم، ولما بلغ البنيان موضع الحجر الأسود اختلفوا فيمن يمتاز
    بشرف وضعه في مكانه واستمر النزاع أربع ليال أو خمساً واشتد حتى كاد يتحول
    إلى حرب ضروس في أرض الحرم، إلا أن أبا أمية بن المغيرة المخزومي عرض
    عليهم أن يحكموا فيما شجر بينهم أول داخل عليهم من باب المسجد فارتضوه،
    وشاء اللَّه أن يكون ذلك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، فلما رأوه
    هتفوا هذا الأمين، رضيناه، هذا محمد، فلما انتهى إليهم، وأخبروه الخبر طلب
    رداء فوضع الحجر وسطه وطلب من رؤساء القبائل المتنازعين أن يمسكوا جميعاً
    بأطراف الرداء، وأمرهم أن يرفعوه حتى إذا أوصلوه إلى موضعه أخذه بيده،
    فوضعه في مكانه، وهذا حل حصيف رضي به القوم.

    وقصرت بقريش النفقة الطيبة فأخرجوا من الجهة الشمالية نحواً من ستة أذرع
    وهي التي تسمى بالحجر والحطيم، ورفعوا بابها من الأرض، لئلا يدخلها إلا من
    أرادوا، ولما بلغ البناء خمسة عشر ذراعاً سقفوه على ستة أعمدة.

    وصارت الكعبة بعد انتهائها ذات شكل مربع تقريباً يبلغ ارتفاعه 15متراً
    وطول ضلعه الذي فيه الحجر الأسود، والمقابل له 10و10م، والحجر موضوع على
    ارتفاع 50و1م من أرضية المطاف، والضلع الذي فيه لباب والمقابل له 12م،
    وبابها على ارتفاع مترين من الأرض، ويحيط بها من الخارج قصبة من البناء
    أسفلها، متوسط ارتفاعها 25و0م ومتوسط عرضها 30و0م وتسمى بالشاذروان، وهي
    من أصل البيت لكن قريشاً تركتها.

    السيرة الإجمالية قبل النبوة:
    إن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد جمع في نشأته خير ما في طبقات الناس
    من ميزات، وكان طرازاً رفيعاً من الفكر الصائب، والنظر السديد، ونال حظاً
    وافراً من حسن الفطنة وأصالة الفكرة وسداد الوسيلة والهدف، وكان يستعين
    بصمته الطويل على طول التأمل وإدمان الفكرة واستكناء الحق، وطالع بعقله
    الخصب وفطرته الصافية صحائف الحياة وشؤون الناس وأحوال الجماعات، فعاف ما
    سواها من خرافة، ونأى عنها، ثم عاشر الناس على بصيرة من أمره وأمرهم، فما
    وجد حسناً شارك فيه، وإلا عاد إلى عزلته العتيدة فكان لا يشرب الخمر، ولا
    يأكل مما ذبح على النصب، ولا يحضر للأوثان عيداً ولا احتفالاً، بل كان من
    أول نشأته نافراً من هذه المعبودات الباطلة، حتى لم يكن شيء أبغض إليه
    منها، وحتى كان لا يصبر على سماع الحلف باللات والعزى.

    ولا شك أن القدر حاطه بالحفظ، فعندما تتحرك نوازع النفس لاستطلاع بعض متع
    الدنيا، وعندما يرضى باتباع بعض التقاليد غير المحمودة تتدخل العناية
    الربانية للحيلولة بينه وبينها، روى ابن الأثير قال رسول اللَّه صلى الله
    عليه وسلم ما هممت بشيء مما كان أهل الجاهلية يعملون غير مرتين، كل ذلك
    يحول اللَّه بيني وبينه ثم ما هممت به حتى أكرمني برسالته، قلت ليلة
    للغلام الذي يرعي معي الغنم بأعلى مكة لو أبصرت لي غنمي حتى أدخل مكة
    وأسمر بها كما يسمر الشباب فقال: أفعل فخرجت حتى إذا كنت عند أول دار بمكة
    سمعت عزفاً، فقلت ما هذا فقالوا: عرس فلان بفلانة، فجلست أسمع، فضرب
    اللَّه على أذني فنمت، فما أيقظني إلا حر الشمس. فعدت إلى صاحبي فسألني،
    فأخبرته، ثم قلت ليلة أخرى مثل ذلك، ودخلت بمكة فأصابني مثل أول ليلة، ثم
    ما هممت بسوء.

    وروى البخاري عن جابر بن عبد اللَّه قال: لما بنيت الكعبة ذهب النبي صلى
    الله عليه وسلم وعباس ينقلان الحجارة فقال عباس للنبي صلى الله عليه وسلم
    اجعل إزارك على رقبتك يقيك من الحجارة، فخر إلى الأرض وطمحت عيناه إلى
    السماء ثم أفاق فقال: إزاري، إزاري، فشد عليه إزاره وفي رواية فما رؤيت له
    عورة بعد ذلك.

    وكان النبي صلى الله عليه وسلم يمتاز في قومه بخلال عذبة وأخلاق فاضلة،
    وشمائل كريمة فكان أفضل قومه مروءة، وأحسنهم خلقاً، وأعزهم جواراً،
    وأعظمهم حلماً، وأصدقهم حديثاً، وألينهم عريكة، وأعفهم نفساً، وأكرمهم
    خيراً، وأبرهم عملاً، وأوفاهم عهداً، وآمنهم أمانة حتى سماه قومه "الأمي"
    لما جمع فيه من الأحوال الصالحة والخصال المرضية، وكان كما قالت أم
    المؤمنين خديجة رضي اللَّه عنها يحمل الكل، ويكسب المعدوم، ويقري الضيف
    ويعين على نوائب الحق.
    mostafa metab
    mostafa metab
    عاشق سوبر
    عاشق سوبر


    عدد المساهمات : 431
    العمر : 36

    قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم - صفحة 3 Empty رد: قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم

    مُساهمة من طرف mostafa metab السبت يناير 31, 2009 11:49 am

    في ظلال النبوة والرسالة


    في غار حراء:
    ولما تقاربت سنه صلى الله عليه وسلم الأربعين، وكانت تأملاته الماضية قد
    وسعت الشقة العقلية بينه وبين قومه، حبب إليه الخلاء، فكان يأخذ السويق
    والماء ويذهب إلى غار حراء في جبل النور على مبعدة نحو ميلين من مكة - وهو
    غار لطيف طوله أربع أذرع، وعرضة ذراع وثلاثة أرباع ذراع من ذراع الحديد
    ومعه أهله قريباً منه، فيقيم فيه شهر رمضان، يطعم من جاءه من المساكين،
    ويقضي وقته في العبادة والتفكير فيما حوله من مشاهد الكون، وفيما وراءها
    من قدرة مبدعة وهو غير مطمئن لما عليه قومه من عقائد الشرك المهلهلة،
    وتصوراتها الواهية، ولكن ليس بين يديه طريق واضح، ولا منهج محدد، ولا طريق
    قاصد يطمئن إليه ويرضاه.

    وكان اختياره صلى الله عليه وسلم لهذه العزلة طرفاً من تدبير اللَّه له
    وليعده لما ينتظره من الأمر العظيم. ولا بد لأي روح يراد لها أن تؤثر في
    واقع الحياة البشرية فتحولها وجهة أخرى... لا بد لهذه الروح من خلوة وعزلة
    بعض الوقت، وانقطاع عن شواغل الأرض وضجة الحياة، وهموم الناس الصغيرة التي
    تشغل الحياة.

    وهكذا دبر اللَّه لمحمد صلى الله عليه وسلم وهو يعده لحمل الأمانة الكبرى،
    وتغيير وجه الأرض، وتعديل خط التاريخ... دبر له هذه العزلة قبل تكليفه
    بالرسالة بثلاث سنوات، ينطلق في هذه العزلة شهراً من الزمان، مع روح
    الوجود الطليقة، ويتدبر ما وراء الوجود من غيب مكنون، حتى يحين موعد
    التعامل مع هذا الغيب عندما يأذن اللَّه.

    جبريل ينزل بالوحي:
    ولما تكامل له أربعون سنة - وهي رأس الكمال، وقيل: ولها تبعث الرسل - بدأت
    آثار النبوة تتلوح وتتلمع له من وراء آفاق الحياة، وتلك الآثار هي الرؤيا،
    فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، حتى مضت على ذلك ستة أشهر -
    ومدة النبوة ثلاث وعشرون سنة فهذه الرؤيا جزء من ستة وأربعين جزءاً من
    النبوة - فلما كان رمضان من السنة الثالثة من عزلته صلى الله عليه وسلم
    بحراء شاء اللَّه أن يفيض من رحمته على أهل الأرض، فأكرمه بالنبوة، وأنزل
    إليه جبريل بآيات من القرآن.

    وبعد النظر والتأمل في القرائن والدلائل يمكن لنا أن نحدد ذلك اليوم بأنه
    كان يوم الاثنين لإحدى وعشرين مضت من شهر رمضان ليلاً، ويوافق 10 أغسطس
    سنة 610م، وكان عمره صلى الله عليه وسلم إذ ذاك بالضبط أربعين سنة قمرية،
    وستة أشهر، و 12 يوماً، وذلك نحو 39 سنة شمسية وثلاثة أشهر و12 يوماً.

    ولنستمع إلى عائشة الصديقة رضي اللَّه تعالى عنها تروي لنا قصة هذه الوقعة
    التي كانت شعلة من نور اللاهوت أخذت تفتح دياجير ظلمات الكفر والضلال حتى
    غيرت مجرى الحياة، وعدلت خط التاريخ، قالت عائشة رضي اللَّه عنها:

    أول ما بدىء به رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من الوحي هي الرؤيا
    الصادقة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه
    الخلاء، وكان يخلو بغار حراء، فيتحنث فيه - وهو التعبد - الليالي ذوات
    العدد قبل أن ينزع إلى أهله، ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود
    لمثلها، حتى جاءه الحق وهو في غار حراء فجاءه الملك فقال: اقرأ فقلت ما
    أنا بقارىء، قال: فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ،
    فقلت ما أنا بقارىء، فأخذني فغطني الثالثة، ثم أرسلني فقال: {اقْرَأْ
    بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ *
    اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ} [العلق: 1-3]. فرجع بها رسول اللَّه صلى
    الله عليه وسلم يرجف فؤاده فدخل على خديجة بنت خويلد فقال: زملوني زملوني،
    فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة ما لي وأخبرها الخبر، لقد خشيت على
    نفسي، فقالت خديجة كلا، واللَّه ما يخزيك اللَّه أبداً، إنك لتصل الرحم،
    وتحمل الكل، وتكسب المعدوم وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق، فانطلقت به
    خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ابن عم خديجة وكان
    امرءاً تنصر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الإنجيل
    بالعبرانية ما شاء اللَّه أن يكتب، وكان شيخاً كبيراً قد عمي - فقالت له
    خديجة يا ابن عم اسمع من ابن أخيك، فقال له ورقة يا ابن أخي ماذا ترى؟
    فأخبره رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى، فقال له ورقة هذا
    الناموس الذي نزله اللَّه على موسى، يا ليتني فيها جذعا، ليتني أكون حياً
    إذ يخرجك قومك فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أو مخرجي هم؟ قال:
    نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصراً
    مؤزراً، ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي.

    وروى الطبري وابن هشام ما يفيد أنه خرج من غار حراء بعد ما فوجيء بالوحي
    ثم رجع وأتم جواره، وبعد ذلك رجع إلى مكة، ورواية الطبري تلقي ضوءاً على
    سبب خروجه وهذا نصها:

    "قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعد ذكر مجيء الوحي ولم يكن من خلق
    اللَّه أبغض علي من شاعر أو مجنون كنت لا أطيق ان انظر إليهما قال: قلت إن
    الابعد يعني نفسه شاعر أو مجنون إلا تحدث بها عني قريش أبداً لأعمدن إلى
    حالق من الجبل فلأطرحن نفسي منه فلأقتلنها، فلأستريحن قال: فخرجت أريد
    ذلك، حتى إذا كنت في وسط الجبل سمعت صوتاً من السماء يقول يا محمد أنت
    رسول اللَّه، وأنا جبريل، قال: فرفعت رأسي إلى السماء، فإذا جبريل في صورة
    رجل صاف قدميه في أفق السماء يقول يا محمد أنت رسول اللَّه وأنا جبريل،
    قال: فوقفت أنظر إليه، وشغلني ذلك عما أردت، فما أتقدم وما أتأخر، وجعلت
    أصرف وجهي عنه في آفاق السماء فلا أنظر في ناحية منها إلا رأيته كذلك، فما
    زلت واقفاً ما أتقدم أمامي، ولا أرجع ورائي، حتى بعثت خديجة رسلها في
    طلبي، حتى بلغوا مكة ورجعوا إليها وأنا واقف في مقامي، ثم انصرف عني
    وانصرفت راجعاً إلى أهلي حتى أتيت خديجة فجلست إلى فخذها مضيفاً إليها
    (ملتصقاً بها مائلاً إليها) فقالت: يا أبا القاسم أين كنت؟ فواللَّه لقد
    بعثت في طلبك حتى بلغوا مكة ورجعوا إلي، ثم حدثتها بالذي رأيت، فقالت:
    أبشر يا ابن عم، واثبت، فوالذي نفس خديجة بيده إني لأرجو أن تكون نبي هذه
    الأمة، ثم قامت فانطلقت إلى ورقة وأخبرته. فقال: قدوس قدوس، والذي نفس
    ورقة بيده لقد جاءه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى، وإنه لنبي هذه
    الأمة فقولي له فليثبت، فرجعت خديجة وأخبرته بقول ورقة، فلما قضى رسول
    اللَّه صلى الله عليه وسلم جواره وانصرف إلى مكة لقيه ورقة وقال بعد ان
    سمع فيه خبره والذي نفسي بيده، إنك لنبي هذه الأمة، ولقد جاءك الناموس
    الأكبر الذي جاء موسى".
    __________________
    mostafa metab
    mostafa metab
    عاشق سوبر
    عاشق سوبر


    عدد المساهمات : 431
    العمر : 36

    قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم - صفحة 3 Empty رد: قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم

    مُساهمة من طرف mostafa metab السبت يناير 31, 2009 11:50 am

    فترة الوحي:
    أما مدة فترة الوحي فروى ابن سعد عن ابن عباس ما يفيد أنها كانت أياماً
    وهذا الذي يترجح بل يتعين بعد إدارة النظر في جميع الجوانب. وأما ما اشتهر
    من أنها دامت طيلة ثلاث سنين أو سنتين ونصف فلا يصح بحال، وليس هذا موضع
    التفصيل في رده.

    وقد بقي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في أيام الفترة كئيباً محزوناً
    تعتريه الحيرة والدهشة، فقد روى البخاري في كتاب التعبير ما نصه

    "وفتر الوحي فترة حتى حزن النبي صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا حزناً عدا
    منه مراراً كي يتردى من رؤوس شواهق الجبال، فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقي
    نفسه منه تبدى له جبريل فقال: يا محمد إنك رسول اللَّه حقاً، فيسكن لذلك
    جأشه، وتقر نفسه، فيرجع، فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك، فإذا
    أوفى بذروة الجبل تبدى له جبريل فقال له مثل ذلك".

    جبريل ينزل بالوحي مرة ثانية:
    قال ابن حجر: وكان ذلك (أي انقطاع الوحي أياماً)، ليذهب ما كان صلى الله
    عليه وسلم وجده من الروع، وليحصل له التشوف إلى العود، فلما تقلصت ظلال
    الحيرة، وثبتت أعلام الحقيقة، وعرف صلى الله عليه وسلم معرفة اليقين أنه
    أضحى نبياً للَّه الكبير المتعال، وأن ما جاءه سفير الوحي ينقل إليه خبر
    السماء وصار تشوفه وارتقابه لمجيء الوحي سبباً في ثباته واحتماله عندما
    يعود، جاءه جبريل للمرة الثانية. روى البخاري عن جابر بن عبد اللَّه أنه
    سمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يحدث عن فترة الوحي، (قال):

    "فبينا أنا أمشي سمعت صوتاً من السماء، فرفعت بصري قبل السماء، فإذا الملك
    الذي جاءني بحراء قاعد على كرسي بين السماء والأرض، فجشثت منه حتى هويت
    إلى الأرض، فجئت أهلي فقلت زملوني زملوني، فزملوني، فأنزل اللَّه تعالى:
    "يأيها المدثر" إلى قوله: "فاهجر"، ثم حمى الوحي وتتابع".

    استطراد في بيان أقسام الوحي:
    قبل أن نأخذ في تفصيل حياة الرسالة والنبوة، نرى أن نتعرف أقسام الوحي
    الذي هو مصدر الرسالة ومدد الدعوة. قال ابن القيم - وهو يذكر مراتب الوحي

    إلاولي: الرؤيا الصادقة وكانت مبدأ وحيه صلى الله عليه وسلم .

    الثانية: ما كان يلقيه الملك في روعه وقلبه من غير أن يراه، كما قال النبي
    صلى الله عليه وسلم إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل
    رزقها، فاتقوا للَّه، وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق على أن
    تطلبوه بمعصي اللَّه، فإن ما عند اللَّه لا ينال إلا بطاعته.

    الثالثة: أنه صلى الله عليه وسلم كان يتمثل له الملك رجلاً فيخاطبه حتى
    يعي عنه ما يقول له، وفي هذه المرتبة كان يراه الصحابة أحياناً.

    الرابعة: أنه كان يأتيه في مثل صلصلة الجرس، وكان أشده عليه فيلتبس به
    الملك، حتى أن جبينه ليتفصد عرقاً في اليوم الشديد البرد، وحتى أن راحلته
    لتبرك به إلى الأرض إذا كان راكبها، ولقد جاء الوحي مرة كذلك وفخذه على
    فخذ زيد بن ثابت، فثقلت عليه حتى كادت ترضها.

    الخامسة: أنه يرى الملك في صورته التي خلق عليها، فيوحي إليه ما شاء
    اللَّه أن يوحيه، وهذا وقع له مرتين كما ذكر اللَّه ذلك في سورة النجم.

    السادسة: ما أوحاه اللَّه إليه، وهو فوق السماوات ليلة المعراج من فرض الصلاة وغيرها.

    السابعة: كلام اللَّه له منه إليه بلا واسطة ملك كما كلم اللَّه موسى بن
    عمران، وهذه المرتبة هي ثابتة لموسى قطعاً بنص القرآن. وثبوتها لنبينا صلى
    الله عليه وسلم هو في حديث الإسراء.

    وقد زاد بعضهم مرتبة ثامنة وهي تكليم اللَّه له كفاحاً من غير حجاب، وهي
    مسألة خلاف بين السلف والخلف. انتهى مع تلخيص يسير في بيان المرتبة الأولى
    والثامنة.
    mostafa metab
    mostafa metab
    عاشق سوبر
    عاشق سوبر


    عدد المساهمات : 431
    العمر : 36

    قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم - صفحة 3 Empty رد: قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم

    مُساهمة من طرف mostafa metab السبت يناير 31, 2009 11:52 am

    أمر القيام بالدعوة إلى اللَّه، وموادها:
    تلقى النبي صلى الله عليه وسلم أوامر عديدة في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا
    الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ
    فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ * وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ *
    وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ} [المدثر: 1 - 7] أوامر بسيطة ساذجة في الظاهر،
    بعيدة المدى والغاية، قوية الأثر والفعل في الحقيقة ونفس الأمر.


    فغاية القيام بالإنذار أن لا يترك أحداً ممن يخالف مرضاة اللَّه في عالم
    الوجود إلا وينذره بعواقبه الوخيمة حتى تقع رجفة وزلزال في قلبه وروعه.


    وغاية تكبير الرب أن لا يترك لأحد كبرياء في الأرض إلا وتكسر شوكتها،
    وتقلب ظهراً لبطن، حتى لا يبقى في الأرض إلا كبرياء اللَّه تعالى.


    وغاية تطهير الثياب وهجران الرجز أن يبلغ في تطهير الظاهر والباطن وفي
    تزكية النفس من جميع الشوائب والألواث إلى حد وكمال يمكن لنفس بشرية تحت
    ظلال رحمة اللَّه الوارفة وحفظه وكلئه وهدايته ونوره، حتى يكون أعلى مثل
    في المجتمع البشري، تجتذب إليه القلوب السليمة، وتحس بهيبته وفخامته
    القلوب الزائغة، حتى ترتكز إليه الدنيا بأسرها وفاقاً أو خلافاً.


    وغاية عدم الاستكثار بالمنة أن لا يعد فعالاته وجهوده فخيمة عظيمة، بل لا
    يزال يجتهد في عمل بعد عمل، ويبذل الكثير من الجهد والتضحية والفناء، ثم
    ينسى كل ذلك، بل يفنى في الشعور باللَّه بحيث لا يحس ولا يشعر بما بذل
    وقدم.


    وفي الآية الأخيرة إشارة إلى ما سيلقاه من أذى المعاندين من المخالفة
    والاستهزاء والسخرية إلى الجد والاجتهاد في قتله وقتل أصحابه، وإبادة كل
    من التف حوله من المؤمنين، يأمر اللَّه تعالى أن يصبر على كل من ذلك بقوة
    وجلادة، لا لينال حظاً من حظوظ نفسه، بل لمجرد مرضاة ربه.

    اللَّه أكبر ما أبسط هذه الأوامر في صورتها الظاهرة، وما أروعها في
    إيقاعاتها الهادئة الخلابة، ولكن ما أكبرها وأفخمها وأشدها في العمل، وما
    أعظمها إثارة لعاصفة هوجاء تحضر جوانب العالم كله، وتتركها يتلاحم بعضها
    في بعض.

    والآيات نفسها تشتمل على مواد الدعوة والتبليغ، فالإنذار نفسه يقتضي أن
    هناك أعمالاً لها عاقبة سوآى يلقاها أصحابها، ونظراً لما يعرفه كل أحد أن
    الدنيا لا يجازي فيها بكل ما يعمل الناس، بل ربما لا يمكن المجازاة بجميع
    الأعمال. فالإنذار يقتضي يوماً للمجازاة غير أيام الدنيا، وهو الذي يسمى
    بيوم القيامة ويوم الجزاء والدين، وهذا يستلزم حياة أخرى غير الحياة التي
    نعيشها في الدنيا.

    وسائر الآيات تطلب من العباد التوحيد الصريح، وتفويض الأمور كلها إلى
    اللَّه تعالى، وترك مرضاة النفس، ومرضاة العباد إلى مرضاة اللَّه تعالى.

    فإذن تتلخص هذه المواد في:

    أ - التوحيد.

    ب - الإيمان بيوم الآخرة.

    ج - القيام بتزكية النفس بأن تتناهى عن المنكرات والفواحش التي تفضي إلى
    سوء العاقبة، وبأن تقوم باكتساب الفضائل والكمالات وأعمال الخير.

    د - تفويض الأمور كلها إلى اللَّه تعالى.

    هـ - وكل ذلك بعد الإيمان برسالة محمد صلى الله عليه وسلم وتحت قيادته النبيلة وتوجيهاته الرشيدة.

    ثم إن مطلع الآيات تضمنت النداء العلوي - في صوت الكبير المتعال - بانتداب
    النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الأمر الجلل، وانتزاعه من النوم، والتدثر
    والدفء إلى الجهاد والكفاح والمشقة: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ
    فَأَنذِرْ} ... كأنه قيل: إن الذي يعيش لنفسه قد يعيش مستريحاً، أما أنت
    الذي تحمل هذا العبء الكبير فما لك والنوم؟ وما لك والراحة؟ وما لك
    والفراش الدافيء؟ والعيش الهادىء؟ والمتاع المريح قم للأمر العظيم الذي
    ينتظرك، والعبء الثقيل المهيأ لك، قم للجهد والنصب، والكد والتعب، قم فقد
    مضى وقت النوم والراحة، وما عاد منذ اليوم إلا السهر المتواصل، والجهاد
    الطويل الشاق، قم فتهيأ لهذا الأمر واستعد.

    إنها لكلمة عظيمة رهيبة تنزعه من دفء الفراش في البيت الهادىء والحضن
    الدافىء لتدفع به في الخضم، بين الزعازع والأنواء، وبين الشد والجذب في
    ضمائر الناس وفي واقع الحياة سواء.

    وقام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، فظل قائماً بعدها أكثر من عشرين
    عاماً لم يسترح ولم يسكن، ولم يعش لنفسه ولا لأهله. قام وظل قائماً على
    دعوة اللَّه يحمل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على عاتقه العبء الثقيل
    الباهظ ولا ينوء به، عبء الأمانة الكبرى في هذه الأرض، عبء البشرية كلها،
    عبء العقيدة كلها، وعبء الكفاح والجهاد في ميادين شتى، عاش في المعركة
    الدائبة المستمرة أكثر من عشرين عاماً لا يلهيه شأن عن شأن في خلال هذا
    الأمد، منذ أن سمع النداء العلوي الجليل، وتلقى منه التكليف الرهيب جزاه
    اللَّه عنا وعن البشرية كلها خير الجزاء.

    وليست الأوراق الآتية إلاَّ صورة مصغرة بسيطة من هذا الجهاد الطويل الشاق
    الذي قام به رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خلال هذا الأمد.
    __________________
    mostafa metab
    mostafa metab
    عاشق سوبر
    عاشق سوبر


    عدد المساهمات : 431
    العمر : 36

    قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم - صفحة 3 Empty رد: قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم

    مُساهمة من طرف mostafa metab السبت يناير 31, 2009 11:55 am

    أدوار الدعوة ومراحلها:

    يمكن أن نقسم عهد الدعوة المحمدية - على صاحبها الصلاة والسلام والتحية - إلى دورين يمتاز أحدهما عن الآخر تمام الامتياز وهما


    الدور المكي، ثلاث عشرة سنة تقريباً.

    الدور المدني، عشر سنوات كاملة.
    ثم يشتمل كل من الدورين على مراحل لكل منها خصائص تمتاز بها عن غيرها،
    ويظهر ذلك جلياً بعد النظر الدقيق في الظروف التي مرت بها الدعوة خلال
    الدورين.

    ويمكن تقسيم الدور المكي إلى ثلاث مراحل:


    مرحلة الدعوة السرية، ثلاث سنين.


    مرحلة إعلان الدعوة في أهل مكة، من بداية السنة الرابعة من النبوة إلى أواخر السنة العاشرة.


    مرحلة الدعوة خارج مكة، وفشوها فيهم، من أواخر السنة العاشرة من النبوة إلى هجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينة.

    أما مراحل الدور المدني فسيجيء تفصيلها في موضعه.

    المرحلة الأولى
    جهاد الدعوة
    ثلاث سنوات من الدعوة السرية:
    معلوم أن مكة كانت مركز دين العرب، وكان بها سدنة الكعبة، والقوام على
    الأوثان والأصنام المقدسة عند سائر العرب، فالوصول إلى المقصود من الإصلاح
    فيها يزداد عسراً وشدةً عما لو كان بعيداً عنها، فالأمر يحتاج إلى عزيمة
    لا تزلزلها المصائب والكوارث، لذا كان من الحكمة أن تكون الدعوة في بدء
    أمرها سرية، لئلا يفاجأ أهل مكة بما يهيجهم.

    الرعيل الأول:
    وكان من الطبيعي أن يعرض الرسول صلى الله عليه وسلم الإسلام أولاً على
    ألصق الناس به وآل بيته، وأصدقائه، فدعاهم إلى الإسلام، ودعا إليه كل من
    توسم فيه خيراً ممن يعرفهم ويعرفونه، يعرفهم بحب الحق والخير ويعرفونه
    بتحري الصدق والصلاح، فأجابه من هؤلاء - الذين لم تخالجهم ريبة قط في عظمة
    الرسول صلى الله عليه وسلم وجلالة نفسه وصدق خبره - جمع عرفوا في التاريخ
    الإسلامي بالسابقين الأولين، وفي مقدمتهم زوجة النبي صلى الله عليه وسلم
    أم المؤمنين خديجة بنت خويلد، ومولاه زيد ابن ثابت بن شرحبيل الكلبي، وابن
    عمه علي بن أبي طالب - وكان صبياً يعيش في كفالة الرسول - وصديقه الحميم
    أبو بكر الصديق. أسلم هؤلاء في أول يوم من أيام الدعوة.

    ثم نشط أبو بكر في الدعوة إلى الإسلام، وكان رجلاً مألفاً محبباً سهلاً،
    ذا خلق ومعروف، وكان رجال قومه يأتونه ويألفونه، لعلمه وتجارته، وحسن
    مجالسته، فجعل يدعو من يثق به من قومه ممن يغشاه ويجلس إليه، فأسلم بدعائه
    عثمان بن عفان الأموي، والزبير بن العوام الأسدي، وعبد الرحمن بن عوف،
    وسعد بن أبي وقاص الزهريان، وطلحة بن عبيد اللَّه التيمي، فكان هؤلاء
    النفر الثمانية الذين سبقوا الناس هم الرعيل الأول وطليعة الإسلام.

    ومن أوائل المسلمين بلال بن رباح الحبشي، ثم تلاهم أمين هذه الأمة أبو
    عبيدة عامر بن الجراح من بني الحارث بن فهر وأبو سلمة بن عبد الأسد،
    والأرقم ابن أبي الأرقم المخزوميان، وعثمان بن مظعون وأخواه قدامة وعبد
    اللَّه، وعبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف، وسعيد بن زيد العدوي،
    وامرأته فاطمة بنت الخطاب العدوية أخت عمر بن الخطاب، وخباب بن الأرت وعبد
    اللَّه بن مسعود الهذلي وخلق سواهم، وأولئك هم السابقون الأولون، وهم من
    جميع بطون قريش وعدهم ابن هشام أكثر من أربعين نفراً، وفي ذكر بعضهم في
    السابقين الأولين نظر.

    قال ابن إسحاق ثم دخل الناس في الإسلام أرسالاً من الرجال والنساء حتى فشا ذكر الإسلام بمكة، وتحدث به.

    أسلم هؤلاء سراً، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يجتمع بهم ويرشدهم إلى
    الدين متخفياً لأن الدعوة كانت لا تزال فردية وسرية، وكان الوحي قد تتابع
    وحمى نزوله بعد نزول أوائل المدثر، وكانت الآيات وقطع السور التي تنزل في
    هذا الزمان آيات قصيرة، ذات فواصل رائعة منيعة، وإيقاعات هادئة خلابة
    تتناسق مع ذلك الجو الهامس الرقيق، تشتمل على تحسين تزكية النفوس، وتقبيح
    تلويثها برغائم الدنيا، تصف الجنة والنار كأنهما رأي عين، تسير بالمؤمنين
    في جو آخر غير الذي فيه المجتمع البشري آنذاك.

    الصــلاة:
    وكان في أوائل ما نزل الأمر بالصلاة، قال مقاتل بن سليمان: فرض اللَّه أول
    الإسلام الصلاة ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي، لقوله تعالى: {وَسَبِّحْ
    بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ} [غافر: 55] وقال ابن حجر:
    كان صلى الله عليه وسلم قبل الإسراء يصلي قطعاً، وكذلك أصحابه، ولكن اختلف
    هل فرض شيء قبل الصلوات الخمس من الصلوات أم لا؟ فقيل إن الفرض كانت صلاة
    قبل طلوع الشمس وقبل غروبها. انتهى. وروى الحارث بن أسامة من طريق ابن
    لهيعة موصولاً عن زيد بن حارثة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في أول
    ما أوحى إليه أتاه جبريل، فعلمه الوضوء، فلما فرغ من الوضوء أخذ غرفة من
    ماء فنضح بها فرجه. وقد روى ابن ماجه بمعناه. وروي نحوه عن البراء بن عازب
    وابن عباس وفي حديث ابن عباس وكان ذلك من أول الفريضة.

    وقد ذكر ابن هشام أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا إذا حضرت
    الصلاة ذهبوا في الشعاب فاستخفوا بصلاتهم من قومهم، وقد رأى أبو طالب
    النبي صلى الله عليه وسلم وعلياً يصليان مرة، فكلمهما في ذلك، ولما عرف
    جلية الأمر أمرهما بالثبات.

    الخبر يبلغ إلى قريش إجمالاً:
    يبدو بعد النظر في نواح شتى من الوقائع أن الدعوة - في هذه المرحلة - وإن
    كانت سرية وفردية لكن بلغت أنباءها إلى قريش، بيد أنها لم تكترث بها.

    قال الشيخ محمد الغزالي: "وترامتهذه الأنباء إلى قريش فلم تعرها اهتماماً،
    ولعلها حسبت محمداً أحد أولئك الديانين، الذي يتكلمون في الألوهية
    وحقوقها، كما صنع أمية بن أبي الصلت وقس بن ساعدة، وعمرو بن نفيل
    وأشباههم، إلا أنها توجست خيفة من ذيوع خبره وامتداد أثره، وأخذت ترقب على
    الأيام مصيره ودعوته".

    مرت ثلاث سنين والدعوة لم تزل سرية وفردية، وخلال هذه الفترة تكونت جماعة
    من المؤمنين تقوم على الأخوة والتعاون، وتبليغ الرسالة وتمكينها من مقامها
    ثم تنزل الوحي يكلف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بمعالنته قومه،
    ومجابهة باطلهم ومهاجمة أصنامهم.
    mostafa metab
    mostafa metab
    عاشق سوبر
    عاشق سوبر


    عدد المساهمات : 431
    العمر : 36

    قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم - صفحة 3 Empty رد: قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم

    مُساهمة من طرف mostafa metab السبت يناير 31, 2009 11:58 am

    أدوار الدعوة ومراحلها:

    يمكن أن نقسم عهد الدعوة المحمدية - على صاحبها الصلاة والسلام والتحية - إلى دورين يمتاز أحدهما عن الآخر تمام الامتياز وهما


    الدور المكي، ثلاث عشرة سنة تقريباً.

    الدور المدني، عشر سنوات كاملة.
    ثم يشتمل كل من الدورين على مراحل لكل منها خصائص تمتاز بها عن غيرها،
    ويظهر ذلك جلياً بعد النظر الدقيق في الظروف التي مرت بها الدعوة خلال
    الدورين.

    ويمكن تقسيم الدور المكي إلى ثلاث مراحل:


    مرحلة الدعوة السرية، ثلاث سنين.


    مرحلة إعلان الدعوة في أهل مكة، من بداية السنة الرابعة من النبوة إلى أواخر السنة العاشرة.


    مرحلة الدعوة خارج مكة، وفشوها فيهم، من أواخر السنة العاشرة من النبوة إلى هجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينة.

    أما مراحل الدور المدني فسيجيء تفصيلها في موضعه.

    المرحلة الأولى
    جهاد الدعوة
    ثلاث سنوات من الدعوة السرية:
    معلوم أن مكة كانت مركز دين العرب، وكان بها سدنة الكعبة، والقوام على
    الأوثان والأصنام المقدسة عند سائر العرب، فالوصول إلى المقصود من الإصلاح
    فيها يزداد عسراً وشدةً عما لو كان بعيداً عنها، فالأمر يحتاج إلى عزيمة
    لا تزلزلها المصائب والكوارث، لذا كان من الحكمة أن تكون الدعوة في بدء
    أمرها سرية، لئلا يفاجأ أهل مكة بما يهيجهم.

    الرعيل الأول:
    وكان من الطبيعي أن يعرض الرسول صلى الله عليه وسلم الإسلام أولاً على
    ألصق الناس به وآل بيته، وأصدقائه، فدعاهم إلى الإسلام، ودعا إليه كل من
    توسم فيه خيراً ممن يعرفهم ويعرفونه، يعرفهم بحب الحق والخير ويعرفونه
    بتحري الصدق والصلاح، فأجابه من هؤلاء - الذين لم تخالجهم ريبة قط في عظمة
    الرسول صلى الله عليه وسلم وجلالة نفسه وصدق خبره - جمع عرفوا في التاريخ
    الإسلامي بالسابقين الأولين، وفي مقدمتهم زوجة النبي صلى الله عليه وسلم
    أم المؤمنين خديجة بنت خويلد، ومولاه زيد ابن ثابت بن شرحبيل الكلبي، وابن
    عمه علي بن أبي طالب - وكان صبياً يعيش في كفالة الرسول - وصديقه الحميم
    أبو بكر الصديق. أسلم هؤلاء في أول يوم من أيام الدعوة.

    ثم نشط أبو بكر في الدعوة إلى الإسلام، وكان رجلاً مألفاً محبباً سهلاً،
    ذا خلق ومعروف، وكان رجال قومه يأتونه ويألفونه، لعلمه وتجارته، وحسن
    مجالسته، فجعل يدعو من يثق به من قومه ممن يغشاه ويجلس إليه، فأسلم بدعائه
    عثمان بن عفان الأموي، والزبير بن العوام الأسدي، وعبد الرحمن بن عوف،
    وسعد بن أبي وقاص الزهريان، وطلحة بن عبيد اللَّه التيمي، فكان هؤلاء
    النفر الثمانية الذين سبقوا الناس هم الرعيل الأول وطليعة الإسلام.

    ومن أوائل المسلمين بلال بن رباح الحبشي، ثم تلاهم أمين هذه الأمة أبو
    عبيدة عامر بن الجراح من بني الحارث بن فهر وأبو سلمة بن عبد الأسد،
    والأرقم ابن أبي الأرقم المخزوميان، وعثمان بن مظعون وأخواه قدامة وعبد
    اللَّه، وعبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف، وسعيد بن زيد العدوي،
    وامرأته فاطمة بنت الخطاب العدوية أخت عمر بن الخطاب، وخباب بن الأرت وعبد
    اللَّه بن مسعود الهذلي وخلق سواهم، وأولئك هم السابقون الأولون، وهم من
    جميع بطون قريش وعدهم ابن هشام أكثر من أربعين نفراً، وفي ذكر بعضهم في
    السابقين الأولين نظر.

    قال ابن إسحاق ثم دخل الناس في الإسلام أرسالاً من الرجال والنساء حتى فشا ذكر الإسلام بمكة، وتحدث به.

    أسلم هؤلاء سراً، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يجتمع بهم ويرشدهم إلى
    الدين متخفياً لأن الدعوة كانت لا تزال فردية وسرية، وكان الوحي قد تتابع
    وحمى نزوله بعد نزول أوائل المدثر، وكانت الآيات وقطع السور التي تنزل في
    هذا الزمان آيات قصيرة، ذات فواصل رائعة منيعة، وإيقاعات هادئة خلابة
    تتناسق مع ذلك الجو الهامس الرقيق، تشتمل على تحسين تزكية النفوس، وتقبيح
    تلويثها برغائم الدنيا، تصف الجنة والنار كأنهما رأي عين، تسير بالمؤمنين
    في جو آخر غير الذي فيه المجتمع البشري آنذاك.

    الصــلاة:
    وكان في أوائل ما نزل الأمر بالصلاة، قال مقاتل بن سليمان: فرض اللَّه أول
    الإسلام الصلاة ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي، لقوله تعالى: {وَسَبِّحْ
    بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ} [غافر: 55] وقال ابن حجر:
    كان صلى الله عليه وسلم قبل الإسراء يصلي قطعاً، وكذلك أصحابه، ولكن اختلف
    هل فرض شيء قبل الصلوات الخمس من الصلوات أم لا؟ فقيل إن الفرض كانت صلاة
    قبل طلوع الشمس وقبل غروبها. انتهى. وروى الحارث بن أسامة من طريق ابن
    لهيعة موصولاً عن زيد بن حارثة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في أول
    ما أوحى إليه أتاه جبريل، فعلمه الوضوء، فلما فرغ من الوضوء أخذ غرفة من
    ماء فنضح بها فرجه. وقد روى ابن ماجه بمعناه. وروي نحوه عن البراء بن عازب
    وابن عباس وفي حديث ابن عباس وكان ذلك من أول الفريضة.

    وقد ذكر ابن هشام أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا إذا حضرت
    الصلاة ذهبوا في الشعاب فاستخفوا بصلاتهم من قومهم، وقد رأى أبو طالب
    النبي صلى الله عليه وسلم وعلياً يصليان مرة، فكلمهما في ذلك، ولما عرف
    جلية الأمر أمرهما بالثبات.

    الخبر يبلغ إلى قريش إجمالاً:
    يبدو بعد النظر في نواح شتى من الوقائع أن الدعوة - في هذه المرحلة - وإن
    كانت سرية وفردية لكن بلغت أنباءها إلى قريش، بيد أنها لم تكترث بها.

    قال الشيخ محمد الغزالي: "وترامتهذه الأنباء إلى قريش فلم تعرها اهتماماً،
    ولعلها حسبت محمداً أحد أولئك الديانين، الذي يتكلمون في الألوهية
    وحقوقها، كما صنع أمية بن أبي الصلت وقس بن ساعدة، وعمرو بن نفيل
    وأشباههم، إلا أنها توجست خيفة من ذيوع خبره وامتداد أثره، وأخذت ترقب على
    الأيام مصيره ودعوته".

    مرت ثلاث سنين والدعوة لم تزل سرية وفردية، وخلال هذه الفترة تكونت جماعة
    من المؤمنين تقوم على الأخوة والتعاون، وتبليغ الرسالة وتمكينها من مقامها
    ثم تنزل الوحي يكلف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بمعالنته قومه،
    ومجابهة باطلهم ومهاجمة أصنامهم.
    mostafa metab
    mostafa metab
    عاشق سوبر
    عاشق سوبر


    عدد المساهمات : 431
    العمر : 36

    قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم - صفحة 3 Empty رد: قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم

    مُساهمة من طرف mostafa metab السبت يناير 31, 2009 12:01 pm

    المرحَلة الثانية
    الدعوة جهاراً
    أول أمر بإظهار الدعوة:
    أول ما نزل بهذا الصدد قوله تعالى: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ}
    [الشعراء: 214] والسورة التي وقعت فيها الآية - وهي سورة الشعراء - ذكرت
    فيها أولاً قصة موسى عليه السلام من بداية نبوته إلى هجرته مع بني
    إسرائيل، ونجاتهم من فرعون وقومه، وإغراق آل فرعون معه، وقد اشتملت هذه
    القصة على جميع المراحل التي مر بها موسى عليه السلام خلال دعوة فرعون
    وقومه إلى اللَّه.
    مع العلم أن هذا التفصيل إنما جيء به حين أمر الرسول صلى الله عليه وسلم
    بدعوة قومه إلى اللَّه، ليكون أمامه وأمام أصحابه نموذجاً لما سيلقونه من
    التكذيب والاضطهاد حينما يجهرون بالدعوة، وليكونوا على بصيرة من أمرهم منذ
    بداية دعوتهم.
    ومن ناحية أخرى تشتمل هذه السورة على ذكر مآل المكذبين للرسل، من قوم نوح،
    وعاد، وثمود، وقوم إبراهيم، وقوم لوط، وأصحاب الأيكة - علاوة على ما ذكر
    من أمر فرعون وقومه - ليعلم الذين سيقومون بالتكذيب بما يؤول إليه أمرهم
    وبما سيلقون من مؤاخذة اللَّه إن استمروا على التكذيب، وليعرف المؤمنون أن
    حسن العاقبة لهم لا للمكذبين.

    الدعوة في الأقربين:
    وأول ما فعل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه الآية أنه دعا
    بني هاشم فحضروا، ومعهم نفر من بني المطلب بن عبد مناف، فكانوا خمسة
    وأربعين رجلاً. فبادره أبو لهب وقال: وهؤلاء هم عمومتك وبنو عمك فتكلم ودع
    الصُّباة. واعلم أنه ليس لقومك بالعرب قاطبة طاقة، وأنا أحق من أخذك،
    فحسبك بنو أبيك، وإن أقمت على ما أنت عليه فهو أيسر عليهم من أن يثب بك
    بطون قريش، وتمدهم العرب، فما رأيت أحداً جاء على بني أبيه بشر مما جئت
    به، فسكت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، ولم يتكلم في ذلك المجلس.
    ثم دعاهم ثانية وقال: الحمد للَّه أحمده، وأستعينه، وأومن به، وأتوكل
    عليه. وأشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له. ثم قال: إن الرائد لا
    يكذب أهله واللَّه الذي لا إله إلا هو، إني رسول اللَّه إليكم خاصة، وإلى
    الناس عامة، واللَّه لتموتن كما تنامون، ولتبعثن كما تستيقظون، ولتحاسبن
    بما تعملون، وإنها الجنة أبداً أو النار أبداً. فقال أبو طالب ما أحب
    إلينا معاونتك، وأقبلنا لنصيحتك، وأشد تصديقاً لحديثك. وهؤلاء بنو أبيك
    مجتمعون، وإنما أنا أحدهم غير أني أسرعهم إلى ما تحب، فامض لما أمرت به،
    فواللَّه لا أزال أحوطك وأمنعك، غير أن نفسي لا تطاوعني على فراق دين عبد
    المطلب.
    فقال أبو لهب هذه واللَّه السوأة، خذوا على يديه قبل أن يأخذ غيركم، فقال أبو طالب واللَّه لنمنعه ما بقينا.

    على جبل الصفا:
    وبعد ما تأكد النبي صلى الله عليه وسلم من تعهد أبي طالب بحمايته، وهو
    يبلغ عن ربه، قام يوماً على الصفا فصرخ: يا صباحاه، فاجتمع إليه بطون
    قريش، فدعاهم إلى التوحيد والإيمان برسالته وباليوم الآخر. وقد روى
    البخاري طرفاً من هذه القصة عن ابن عباس، قال:
    لما نزلت {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} صعد النبي صلى الله عليه
    وسلم على الصفا، فجعل ينادي يا بني فهر...! يا بني عدي لبطون قريش، حتى
    اجتمعوا، فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولاً لينظر ما هو؟ فجاء
    أبو لهب وقريش، فقال: أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلاً بالوادي تريد أن تغير
    عليكم، أكنتم مصدقي؟ قالوا: نعم، ما جربنا عليك إلا صدقاً، قال: فإني نذير
    لكم بين يدي عذاب شديد، فقال أبو لهب: تباً لك سائر اليوم، ألهذا جمعتنا؟
    فنزلت {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [المسد: 1].
    وروى مسلم طرفاً آخر من هذه القصة عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه. قال: لما
    نزلت هذه الآية: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} دعا رسول اللَّه
    صلى الله عليه وسلم فعم وخص. فقال: يا معشر قريش أنقذوا أنفسكم من النار،
    يا معشر بني كعب أنقذوا أنفسكم من النار، يا فاطمة بنت محمد أنقذي نفسك من
    النار، فإني واللَّه لا أملك لكم من اللَّه شيئاً، إلا أن لكم رحماً
    سأبلها ببلالها.
    هذه الصيحة العالية هي غاية البلاغ، فقد أوضح الرسول صلى الله عليه وسلم
    لأقرب الناس إليه أن التصديق بهذه الرسالة هو حياة الصلات بينه وبينهم.
    وأن عصبية القرابة التي يقوم عليها العرب ذابت في حرارة هذا الإنذار الآتي
    من عند اللَّه.

    الصدع بالحق وردود فعل المشركين:
    ولم يزل هذا الصوت يرتج دويه في أرجاء مكة حتى نزل قوله تعالى: {فَاصْدَعْ
    بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنْ الْمُشْرِكِينَ} [الحجر: 94] فقام رسول
    اللَّه صلى الله عليه وسلم يعكر على خرافات الشرك وترهاته، ويذكر حقائق
    الأصنام وما لها من قيمة في الحقيقة، يضرب بعجزها الأمثال، ويبين بالبينات
    أن من عبدها وجعلها وسيلة بينه وبين اللَّه فهو في ضلال مبين.
    انفجرت مكة بمشاعر الغضب وماجت بالغرابة والاستنكار حين سمعت صوتاً يجهر
    بتضليل المشركين وعباد الأصنام، كأنه صاعقة قصفت السحاب فرعدت وبرقت
    وزلزلت الجو الهادىء، وقامت قريش تستعد لحسم هذه الثورة التي اندلعت بغتة،
    ويخشى أن تأتي على تقاليدها وموروثاتها.
    قامت لأنها عرفت أن معنى الإيمان بنفي الألوهية عما سوى اللَّه، ومعنى
    الإيمان بالرسالة وباليوم الآخر هو الانقياد التام والتفويض المطلق، بحيث
    لا يبقى لهم خيار في أنفسهم وأموالهم فضلاً عن غيرهم، ومعنى ذلك انتفاء
    سيادتهم وكبريائهم على العرب، التي كانت بالصبغة الدينية، وامتناعهم عن
    تنفيذ مرضاتهم أمام مرضاة اللَّه ورسوله، وامتناعهم عن المظالم التي كانوا
    يفترونها على الأوساط السافلة، وعن السيئات التي كانوا يجترحونها صباح
    مساء، عرفوا هذا المعنى فكانت نفوسهم تأبى عن قبول هذا الوضع المخزي لا
    لكرامة وخير {بَلْ يُرِيدُ الإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ} [القيامة: 5
    عرفوا كل ذلك جيداً، ولكن ماذا سيفعلون أمام رجل صادق أمين، أعلى مثل
    للقيم البشرية ولمكارم الأخلاق، لم يعرفوا له نظيراً ولا مثيلاً خلال فترة
    طويلة من تاريخ الآباء والأقوام؟ ماذا سيفعلون؟ تحيروا في ذلك، وحق لهم أن
    يتحيروا.
    وبعد إدارة فكرتهم لم يجدوا سبيلاً إلا أن يأتوا إلى عمه أبي طالب،
    فيطلبوا منه أن يكف ابن أخيه عما هو فيه، ورأوا لإلباس طلبهم لباس الجد
    والحقيقة أن يقولوا: إن الدعوة إلى ترك آلهتهم، والقول بعدم نفعها وقدرتها
    سبة قبيحة وإهانة شديدة لها، وفيه تسفيه وتضليل لآبائهم الذين كانوا على
    هذا الدين، وجدوا هذا السبيل فتسارعوا إلى سلوكها.
    __________________
    mostafa metab
    mostafa metab
    عاشق سوبر
    عاشق سوبر


    عدد المساهمات : 431
    العمر : 36

    قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم - صفحة 3 Empty رد: قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم

    مُساهمة من طرف mostafa metab السبت يناير 31, 2009 12:03 pm

    وفد قريش إلى أبي طالب:
    قال ابن إسحاق مشى رجال من أشراف قريش إلى أبي طالب، فقالوا: يا أبا طالب
    إن ابن أخيك قد سب آلهتنا، وعاب ديننا، وسفه أحلامنا، وضلل آباءنا فإما أن
    تكفه عنا، وإما أن تخلي بيننا وبينه، فإنك على مثل ما نحن عليه من خلافه،
    فنكفيكه. فقال لهم أبو طالب قولاً رقيقاً، وردهم رداً جميلاً فانصرفوا عنه
    ومضى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على ما هو عليه، يظهر دين اللَّه
    ويدعو إليه.

    المجلس الاستشاري لكف الحجاج عن استماع الدعوة:
    وخلال هذه الأيام أهم قريشاً أمر آخر، وذلك أن الجهر بالدعوة لم يمض عليه
    إلا أشهر معدودة حتى قرب موسم الحج، وعرفت قريش أن وفود العرب ستقدم
    عليهم، فرأت أنه لا بد من كلمة يقولونها للعرب في شأن محمد صلى الله عليه
    وسلم حتى لا يكون لدعوته أثر في نفوس العرب، فاجتمعوا إلى الوليد بن
    المغيرة يتداولون في تلك الكلمة، فقال لهم الوليد أجمعوا فيه رأياً
    واحداً، ولا تختلفوا فيكذب بعضكم بعضاً، ويرد قولكم بعضه بعضاً، قالوا:
    فأنت فقل، قال: بل أنتم فقولوا أسمع. قالوا: نقول كاهن. قال: لا واللَّه
    ما هو بكاهن لقد رأينا الكهان فما هو بزمزمة الكاهن ولا سجعه، قالوا:
    فنقول مجنون قال: ما هو بمجنون، لقد رأينا الجنون وعرفناه، ما هو بخنقه
    ولا تخالجه ولا وسوسته، قالوا: فنقول شاعر، قال: ما هو بشاعر، لقد عرفنا
    الشعر كله رجزه وهجزه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه، فما هو بالشعر، قالوا:
    فنقول ساحر، قال ما هو بساحر، لقد رأينا السحار وسحرهم، فما هو بنفثهم ولا
    عقدهم، قالوا: فما نقول؟ قال: واللَّه إن لقوله لحلاوة، وإن أصله لعذق،
    وإن فرعه لجناة، وما أنتم بقائلين من هذا شيئاً إلا عرف أنه باطل، وإن
    أقرب القول فيه لأن تقولوا ساحر، جاء بقول هو سحر يفرق به بين المرء
    وأبيه، وبين المرء وأخيه، وبين المرء وزوجته، وبين المرء وعشيرته، فتفرقوا
    عنه بذلك.
    وتفيد بعض الروايات أن الوليد لما رد عليهم كل ما عرضوا له، قالوا: أرنا
    رأيك الذي لا غضاضة فيه، فقال لهم أمهلوني حتى أفكر في ذلك، فظل الوليد
    يفكر ويفكر حتى أبدى لهم رأيه الذي ذكر آنفاً.
    وفي الوليد أنزل اللَّه تعالى ست عشرة آية من سور المدثر وفي خلالها صور
    كيفية تفكيره، فقال: {إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ * فَقُتِلَ كَيْفَ
    قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ نَظَرَ * ثُمَّ عَبَسَ
    وَبَسَرَ * ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ * فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلا
    سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إِنْ هَذَا إِلا قَوْلُ الْبَشَرِ} [المدثر: 18-25].
    وبعد أن اتفق المجلس على هذا القرار أخذوا في تنفيذه فجلسوا بسبل الناس
    حين قدموا الموسم، لا يمر بهم أحد إلا حذروه إياه وذكروا لهم أمره.
    والذي تولى كبر ذلك هو أبو لهب، فقد كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
    يتبع الناس إذا وافى الموسم في منازلهم وفي عكاظ ومجنة وذي المجاز، يدعوهم
    إلى اللَّه، وأبو لهب وراءه يقول لا تطيعوه فإنه صابىء كذاب.
    وأدى ذلك إلى أن صدرت العرب من ذلك الموسم بأمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، وانتشر ذكره في بلاد العرب كلها.

    أساليب شتى لمجابهة الدعوة:
    ولما رأت قريش أن محمداً صلى الله عليه وسلم لا يصرفه عن دعوته هذا ولا
    ذاك، فكروا مرة أخرى واختاروا لقمع هذه الدعوة أساليب تتلخص فيما يأتي:
    السخرية والتحقير، والاستهزاء والتكذيب والتضحيك، قصدوا بها تخذيل
    المسلمين، وتوهين قواهم المعنوية، فرموا النبي صلى الله عليه وسلم بتهم
    هازلة، وشتائم سفيهة، فكانوا ينادونه بالجنون {وَقَالُوا يَا أَيُّهَا
    الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ} [الحجر: 6]
    ويصمونه بالسحر والكذب {وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ
    وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ} [ص: 4] وكانوا يشيعونه
    ويستقبلونه بنظرات متلهمة ناقمة، وعواطف منفعلة هائجة {وَإِنْ يَكَادُ
    الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا
    الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ} [القلم: 51] وكان إذا جلس
    وحوله المستضعفون من أصحابه استهزأوا بهم وقال {أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ
    عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا} [الأنعام: 53] قال تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ
    بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ} [الأنعام: 53] وكانوا كما قص اللَّه علينا
    {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ
    * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انقَلَبُوا إِلَى
    أَهْلِهِمْ انقَلَبُوا فَكِهِينَ * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ
    هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ * وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ}
    [المطففين: 29- 33].
    تشويه تعاليمه وإثارة الشبهات، وبث الدعايات الكاذبة، ونشر الإيرادات
    الواهية حول هذه التعاليم، وحول ذاته وشخصيته، والإكثار من كل ذلك بحيث لا
    يبقى للعامة مجال في تدبر دعوته، فكانوا يقولون عن القرآن {أَسَاطِيرُ
    الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلا}
    [الفرقان: 5] {إِنْ هَذَا إِلا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ
    قَوْمٌ آخَرُونَ} [الفرقان: 4] وكانوا يقولون: {إنما يعلمه بشر} [النحل:
    16] وكانوا يقولون عن الرسول صلى الله عليه وسلم : {مَالِ هَذَا
    الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ} [الفرقان: 7]
    وفي القرآن نماذج كثيرة للردود على إيراداتهم بعد نقلها أو من غير نقلها
    معارضة القرآن بأساطير الأولين، وإشغال الناس بها عنه. فقد ذكروا أن
    النضربن الحارث قال مرة لقريش يا معشر قريش واللَّه لقد نزل بكم أمر ما
    أوتيتم له بحيلة بعد، قد كان محمد فيكم غلاماً حدثاً أرضاكم فيكم، وأصدقكم
    حديثاً، وأعظمكم أمانة، حتى إذا رأيتم في صدغيه الشيب، وجاءكم بما جاءكم
    به، قلتم ساحر، لا واللَّه ما هو بساحر، لقد رأينا السحرة ونفثهم وعقدهم،
    قلتم كاهن، لا واللَّه ما هو بكاهن، قد رأينا الكهنة وتخالجهم وسمعنا
    سجعهم، وقلتم شاعر، لا واللَّه ما هو بشاعر، قد رأينا الشعر وسمعنا أوصافه
    كلها هزجه ورجزه، وقلتم مجنون، لا واللَّه ما هو بمجنون لقد رأينا الجنون
    فما هو بخنقه، ولا وسوسته، ولا تخليطه، يا معشر قريش فانظروا في شأنكم،
    فإنه واللَّه لقد نزل بكم أمر عظيم.
    ثم ذهب النضر إلى الحيرة، وتعلم بها أحاديث ملوك الفرس، وأحاديث رستم
    وأسفنديار، فكان إذا جلس رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مجلساً للتذكير
    باللَّه والتحذير من نقمته خلفه النضر، ويقول واللَّه ما محمد بأحسن
    حديثاً مني، ثم يحدثهم عن ملوك فارس ورستم وأسفنديار، ثم يقول بماذا محمد
    أحسن حديثاً مني.
    وتفيد رواية ابن عباس أن النضر كان قد اشترى قينات، فكان لا يسمع برجل مال
    إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلا سلط عليه واحدة منها تطعمه وتسقيه وتغني
    له حتى لا يبقى له ميل إلى الإسلام وفيه نزل قوله تعالى: ومن الناس من
    يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل اللَّه.
    مساومات حاولوا بها أن يلتقي الإسلام والجاهلية في منتصف الطريق بأن يترك
    المشركون بعض ما هم عليه، ويترك النبي صلى الله عليه وسلم بعض ما هو عليه
    {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [القلم: 9] فهناك رواية رواها ابن
    جرير والطبراني تفيد أن المشركين عرضوا على رسول اللَّه صلى الله عليه
    وسلم أن يعبد آلهتهم عاماً ويعبدون ربه عاماً، ورواية أخرى لعبد بن حميد
    تفيد أنهم قالوا: لو قبلت آلهتنا نعبد إلهك.
    وروى ابن إسحاق بسنده، قال: اعترض رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم - وهو
    يطوف بالكعبة - الأسود، المطلب بن أسد بن عبد العزى والوليد بن المغيرة
    وأمية بن خلف والعاص بن وائل السهمي - وكانوا ذوي أسنان في قومهم -
    فقالوا: يا محمد هلم فلنعبد ما تعبد، وتعبد ما نعبد، فنشترك نحن وأنت في
    الأمر، فإن كان الذي تعبد خيراً مما نعبد كنا قد أخذنا بحظنا منه، وإن كان
    ما نعبد خيراً مما تعبد كنت قد أخذت بحظك منه، فأنزل اللَّه تعالى فيهم:
    {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ}...
    السورة كلها.
    وحسم اللَّه مفاوضتهم المضحكة بهذه المفاصلة الجازمة.
    ولعل اختلاف الروايات لأجل أنهم حاولوا هذه المساومة مرة بعد أخرى.
    mostafa metab
    mostafa metab
    عاشق سوبر
    عاشق سوبر


    عدد المساهمات : 431
    العمر : 36

    قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم - صفحة 3 Empty رد: قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم

    مُساهمة من طرف mostafa metab السبت يناير 31, 2009 12:05 pm

    الاضطهادات:
    أعمل المشركون الأساليب التي ذكرناها شيئاً فشيئاً لكف الدعوة بعد ظهورها
    في بداية السنة الرابعة من النبوة، ومضت على ذلك أسابيع وشهور وهم مقتصرون
    على هذه الأساليب، لا يتجاوزونها إلى طريق الاضطهاد والتعذيب، ولكنهم لما
    رأوا أن هذه الأساليب لا تجدي لهم نفعاً في كف الدعوة الإسلامية اجتمعوا
    مرة أخرى وكونوا منهم لجنة أعضاؤها خمسة وعشرون رجلاً من سادات قريش،
    رئيسها أبو لهب عم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم . وبعد التشاور والتفكر
    اتخذت هذه اللجنة قراراً حاسماً ضد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، وضد
    أصحابه. فقررت أن لا تألو جهداً في محاربة الإسلام، وإيذاء رسوله، وتعذيب
    الداخلين فيه، والتعرض لهم بألوان من النكال والإيلام.
    اتخذوا هذا القرار وصمموا على تنفيذه. أما بالنسبة إلى المسلمين - ولا
    سيما المستضعفين منهم - فكان ذلك سهلاً جداً. وأما بالنسبة إلى رسول
    اللَّه صلى الله عليه وسلم فإنه كان رجلاً شهماً وقوراً ذا شخصية فذة
    تتعاظمه نفوس الأعداء والأصدقاء بحيث لا يقابل مثلها إلا بالإجلال
    والتشريف، ولا يجترىء على اقتراف الدنايا والرذائل ضده إلا أرذال الناس
    وسفهاؤهم، ومع ذلك كان في منعة أبي طالب، وأبو طالب من رجال مكة المعدودين
    كان معظماً في أصله، معظماً بين الناس، فما يجسر أحد على إخفار ذمته
    واستباحة بيضته، إن هذا الوضع أقلق قريشاً وأقامهم وأقعدهم، ولكن إلام هذا
    الصبر الطويل أمام دعوة تتشوف إلى القضاء على زعامتهم الدينية، وصدارتهم
    الدنيوية.
    وبدأوا الاعتداءات ضد النبي صلى الله عليه وسلم ، وعلى رأسهم أبو لهب، فقد
    اتخذ موقفه هذا من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم منذ اليوم الأول قبل أن
    تهم قريش بذلك. وقد أسلفنا ما فعل بالنبي صلى الله عليه وسلم في مجلس بني
    هاشم، وما فعل على الصفا، وقد ورد في بعض الروايات أنه - حينما كان على
    الصفا - أخذ حجراً ليضرب به النبي صلى الله عليه وسلم .
    وكان أبو لهب قد زوج ولديه عتبة وعتيبة بنتي رسول اللَّه صلى الله عليه
    وسلم رقية وأم كلثوم قبل البعثة، فلما كانت البعثة أمرهما بتطليقهما بعنف
    وشدة حتى طلقاهما.
    ولما مات عبد اللَّه - الابن الثاني لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم -
    استبشر أبو لهب، وهرول إلى رفقائه يبشرهم بأن محمداً صار أبتر.
    وقد أسلفنا أن أبا لهب كان يجول خلف النبي صلى الله عليه وسلم في موسم
    الحج والأسواق لتكذيبه، قد روى طارق بن عبد اللَّه المحاربي ما يفيد أنه
    كان لا يقتصر على التكذيب بل كان يضربه بالحجر حتى يدمي عقباه.
    وكانت امرأة أبي لهب - أم جميل أروى بنت حرب بن أمية أخت أبي سفيان - لا
    تقل عن زوجها في عداوة النبي صلى الله عليه وسلم فقد كانت تحمل الشوك
    وتضعه في طريق النبي صلى الله عليه وسلم وعلى بابه ليلاً، وكانت امرأة
    سليطة تبسط فيه لسانها، وتطيل عليه الافتراء والدس، وتؤجج نار الفتنة،
    وتثير حرباً شعواء على النبي صلى الله عليه وسلم ولذلك وصفها القرآن
    بحمالة الحطب.
    ولما سمعت ما نزل فيها وفي زوجها من القرآن أتت رسول اللَّه صلى الله عليه
    وسلم وهو جالس في المسجد عند الكعبة، ومعه أبو بكر الصديق وفي يدها فهر أي
    بمقدار ملء الكف من حجارة، فلما وقفت عليهما أخذ اللَّه ببصرها عن رسول
    اللَّه صلى الله عليه وسلم ، فلا ترى إلا أبا بكر، فقالت: يا أبا بكر أين
    صاحبك؟ قد بلغني أنه يهجوني، واللَّه لو وجدته لضربت بهذا الفهر فاه، أما
    واللَّه إني لشاعرة. ثم قالت:
    مذمماً عصينا وأمره أبينا ودينه قلينا
    ثم انصرفت، فقال أبو بكر يا رسول اللَّه أما تراها رأتك؟ فقال: ما رأتني، لقد أخذ اللَّه ببصرها عني.
    وروى أبو بكر البزار هذه القصة. وفيها أنها لما وقفت على أبي بكر قالت:
    أبا بكر هجانا صاحبك، فقال أبو بكر لا ورب هذه البنية، ما ينطق بالشعر ولا
    يتفوّه به، فقالت: إنك لمصدق.
    كان أبو لهب يفعل كل ذلك وهو عم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وجاره كان
    بيته ملصقاً ببيته كما كان غيره من جيران رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
    يؤذونه وهو في بيته.
    قال ابن إسحاق كان النفر الذين يؤذون رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في
    بيته أبا لهب، والحكم بن أبي العاص بن أمية وعقبة بن أبي معيط، وعدي بن
    حمراء الثقفي، وابن الأصداء الهذلي - وكانوا جيرانه - لم يسلم منهم أحد
    إلا الحكم بن أبي العاص فكان أحدهم يطرح عليه صلى الله عليه وسلم حجراً
    ليستتر به منهم إذا صلى، فكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا طرحوا
    عليه ذلك الأذى يخرج به على العود فيقف به على بابه، ثم يقول يا بني عبد
    مناف أي جوار هذا؟ ثم يلقيه في الطريق.
    وازداد عقبة بن أبي معيط في شقاوته وخبثه، فقد روى البخاري عن عبد اللَّه
    بن مسعود رضي اللَّه عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي عند البيت
    وأبو جهل وأصحاب له جلوس إذ قال بعضهم لبعض أيكم يجيء بسلا جزور بني فلان
    فيضعه على ظهر محمد إذا سجد. فانبعث أشقى القوم (وهو عقبة بن أبي معيط)
    فجاء به فنظر، حتى إذا سجد النبي صلى الله عليه وسلم وضع على ظهرهبين
    كتفيه، وأنا أنظر لا أغني شيئاً لو كانت لي منعة، قال: فجعلوا يضحكون
    ويحيل بعضهم على بعض (أي يتمايل بعضهم على بعض مرحاً وبطراً) ورسول اللَّه
    صلى الله عليه وسلم ساجد، لا يرفع رأسه حتى جاءته فاطمة، فطرحته عن ظهره،
    فرفع رأسه، ثم قال: اللهم عليك بقريش ثلاث مرات، فشق ذلك عليهم إذ دعا
    عليهم، وقال: وكانوا يرون أن الدعوة في ذلك البلد مستجابة، ثم سمى اللهم
    عليك بأبي جهل، وعليك بعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة.
    وأمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط - وعد السابع فلم يحفظه - فوالذي نفسي
    بيده لقد رأيت الذين عدّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صرعى في القليب،
    قليب بدر.
    وكان أمية بن خلف إذا رأى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم همزه ولمزه.
    وفيه نزل: {ويل لكل همزة لمزة} قال ابن هشام: الهمزة: الذي يشتم الرجل
    علانية، ويكسر عينيه، ويغمز به، واللمزة: الذي يعيب الناس سراً ويؤذيهم.
    أما أخوه أبي بن خلف فكان هو وعقبة بن أبي معيط متصافيين. وجلس عقبة مرة
    إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسمع منه، فلما بلغ ذلك أبياً أنبه وعاتبه
    وطلب منه أن يتفل في وجه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ففعل. وأبى بن
    خلف نفسه فت عظماً رميماً ثم نفخه في الريح نحو رسول اللَّه صلى الله عليه
    وسلم .
    وكان الأخنس بن شريق الثقفي ممن ينال من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ،
    وقد وصفه القرآن بتسع صفات تدل على ما كان عليه، وهي في قوله تعالى: {وَلا
    تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ * مَنَّاعٍ
    لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ} [القلم:
    10-13].
    وكان أبو جهل يجيء أحياناً إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يسمع منه
    القرآن ثم يذهب عنه فلا يؤمن ولا يطيع، ولا يتأدب ولا يخشى ويؤذي رسول
    اللَّه صلى الله عليه وسلم بالقول، ويصد عن سبيل اللَّه، ثم يذهب مختالاً
    بما يفعل، فخوراً بما ارتكب من الشر، كأنما فعل شيئاً يذكر، وفيه نزل:
    {فلا صدَّق ولا صلى}...الخ وكان يمنع النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة
    منذ أول يوم رآه يصلي في الحرم، ومرة مر به وهو يصلي عند المقام فقال: يا
    محمد ألن أنهك عن هذا، وتوعده فأغلظ له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
    وانتهره. فقال: يا محمد بأي شيءٍ تهددني؟ أما واللَّه إني لأكثر هذا
    الوادي نادياً. فأنزل فليدع ناديه وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم
    أخذ بخناقه وهزه وهو يقول له: {أولى لك فأولى * ثم أولى لك فأولى} فقال
    عدو اللَّه أتوعدني يا محمد؟ واللَّه لا تستطيع أنت ولا ربك شيئاً، وإني
    لأعز من مشى بين جبليها.
    ولم يكن أبو جهل ليفيق من غباوته بعد هذا الانتهار، بل ازداد شقاوة فيما
    بعد. أخرج مسلم عن أبي هريرة قال: قال أبو جهل يعفر محمد وجهه بين أظهركم؟
    فقيل: نعم فقال: واللات والعزى، لئن رأيته لأطأن على رقبته ولأعفرن وجهه،
    فأتى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، زعم ليطأ رقبته، فما فجأهم
    إلا وهو ينكص على عقبيه ويتقي بيديه، فقالوا: ما لك يا أبا الحكم؟ قال: إن
    بيني وبينه لخندقاً من نار وهؤلاء أجنحة، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه
    وسلم لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضواً عضواً.
    كانت هذه الاعتداءات بالنسبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم مع ما لشخصيته
    الفذة من وقار وجلال في نفوس العامة والخاصة، ومع ما له من منعة أبي طالب
    أعظم رجل محترم في مكة، أما بالنسبة إلى المسلمين - ولا سيما الضعفاء منهم
    - فإن الإجراءات كانت أقسى من ذلك وأمر، ففي نفس الوقت قامت كل قبيلة تعذب
    من دان منها بالإسلام أنواعاً من التعذيب، ومن لم يكن له قبيلة فأجرت
    عليهم الأوباش والسادات ألواناً من الاضطهاد يفزع من ذكرها قلب الحليم.
    كان أبو جهل إذا سمع برجل قد أسلم له شرف ومنعة أنبه وأخزاه، وأوعده
    بإبلاغ الخسارة الفادحة في المال والجاه، وإن كان ضعيفاً ضربه وأغرى به.
    وكان عم عثمان بن عفان يلفه في حصير من أوراق النخيل ثم يدخنه من تحته.
    ولما علمت أم مصعب بن عمير بإسلامه أجاعته وأخرجته من بيته، وكان من أنعم الناس عيشاً فتخشف جلده تخشف الحية.
    وكن بلال مولى أمية بن خلف الجمحي، فكان أمية يضع في عنقه حبلاً، ثم يسلمه
    إلى الصبيان، يطوفون به في جبال مكة، حتى كان يظهر أثر الحبل في عنقه،
    وكان أمية يشده شداً ثم يضربه بالعصا، وكان يلجئه إلى الجلوس في حر الشمس،
    كما كان يكرهه على الجوع وأشد من ذلك كله أنه كان يخرجه إذا حميت الظهيرة
    فيطرحه في بطحاء مكة، ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره، ثم يقول لا
    واللَّه لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد، وتعبد اللات والعزى فيقول
    وهو في ذلك أحد، أحد، حتى مر به أبو بكر يوماً وهم يصنعون ذلك به فاشتراه
    بغلام أسود، وقيل بسبع أواق أو بخمس من الفضة وأعتقه.
    وكان عمار بن ياسر رضي اللَّه عنه مولى لبني مخزوم، أسلم هو وأبوه وأمه،
    فكان المشركون - وعلى رأسهم أبو جهل - يخرجونهم إلى الأبطح إذا حميت
    الرمضاء فيعذبونهم بحرها. ومر بهم النبي صلى الله عليه وسلم وهم يعذبون
    فقال: صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة، فمات ياسر في العذاب، وطعن أبو جهل
    سمية - أم عمار - في قبلها بحربة فماتت، وهي أول شهيدة في الإسلام، وشددوا
    العذاب على عمار بالحر تارة، وبوضع الصخر أحمر على صدره أخرى، وبالتغريق
    أخرى. وقالوا: لا نتركك حتى تسب محمداً، أو تقول في اللات والعزى خيراً
    فوافقهم على ذلك مكرهاً، وجاء باكياً معتذراً إلى النبي صلى الله عليه
    وسلم . فأنزل اللَّه {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلا
    مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [النحل: 106].
    وكان أبو فكيهة - واسمه أفلح - مولى لبني عبد الدار، فكانوا يشدون برجله الحبل، ثم يجرونه على الأرض.
    وكان خباب بن الأرت مولى لأم أنمار بنت سباع الخزاعية، فكان المشركون
    يذيقونه أنواعاً من التنكيل، يأخذون بشعر رأسه فيجذبونه جذباً، يلوون عنقه
    تلوية عنيفة وأضجعوه مرات عديدة على فحام ملتهبة، ثم وضعوا عليه حجراً حتى
    لا يستطيع أن يقوم.
    وكانت زنيرة والنهدية وابنتها وأم عبيس إماء أسلمن، وكان المشركون
    يسومونهن من العذاب أمثال ما ذكرنا. وأسلمت جارية لبني مؤمل - وهم حي من
    بني عدي - فكان عمر بن الخطاب - وهو يومئذ مشرك - يضربها، حتى إذا مل قال:
    إني لم أترك إلا ملالة.
    وابتاع أبو بكر هذه الجواري فأعتقهن، كما أعتق بلالاً وعامر بن فهيرة.
    وكان المشركون يلفون بعض الصحابة في إهاب الإبل والبقر، ثم يلقونه في حر
    الرمضاء، ويلبسون بعضاً آخر درعاً من الحديد ثم يلقونه على صخرة ملتهبة.
    وقائمة المعذبين في اللَّه طويلة ومؤلمة جداً، فما من أحد علموا بإسلامه إلا تصدوا له وآذوه.

      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء نوفمبر 27, 2024 9:46 am