حالة من القلق الشديد انتابت الوسط الرياضي المصري بسبب الأفعال غير المسئولة لإحدى روابط النادي الأهلي المعروفة باسم "الألتراس ديفيلز"، والتي اعتادت على اثارة الشغب في الملاعب المصرية مؤخراً، وذلك خوفاً من أن يلامس تعصب تلك الرابطة حالة الغضب والحنق التي تشعر بها الجموع من الجماهير الحمراء لشعور ما بالظلم بعد الهزائم المعنوية المتتالية التي تعرض لها ناديها في عدد من الأزمات والقضايا خلال الفترة الأخيرة.
وعلى الرغم من أن الجماهير الحمراء قد اعتادت أن تقود فريقها للإنتصارات في الفترات السابقة، وكانت أول من شجع جماهير الأندية الأخرى على تكوين روابط هدفها مساندة فرقها في الأوقات العصيبة، إلا أن مجموعة "الألتراس ديفيلز" استطاعت أن تنشق عنها وانتهجت نهجاً جديداً يقوم في الأساس على سب المنافس، والاعتداء عليه أو على جماهيره والإشتباك مع كل من ينتمي لأي فريق غير الأهلي، ووضح ذلك جلياً في جميع ملاعب الرياضة المصرية وليس كرة القدم، ومؤخراً في استاد بورسعيد خلال مباراة الأهلي والمصري.
ولكي لا تساعد حالة الإحتقان التي تعيشها جماهير الأهلي حالياً بسبب القضايا الأخيرة، وبفعل خصوصيتها الشديدة في حب ناديها، والتي قد تدفعها أحياناً لعدم تقبل اي نقد، لكي لا يساعد ذلك في أن يتحول السواد الأعظم من محبي النادي الأحمر إلى "التراس ديفيلز"، حاولنا أن نضع ايدينا على أسباب هذا الإحتقان، وطرح اسئلة تبدو منطقية أهمها هل الأهلي حقاً مظلوم في تلك القضايا؟، وإذا كان الجواب ايجابياً فمن ذاك الذي ظلمه؟، ومن سبب لجماهيره كل هذا الشعور بالضيق والحنق ؟، ومن استطاع أن يتجرأ على الوقوف أمام هذا النفوذ القوي وتلك الشعبية الجارفة؟
لقد ساد الجماهير الحمراء اعتقاد بأن كل قضية يدخل فيها ناديها يجب وأن يخرج منها فائزاً حتى ولو لم يكن على حق، فانتقدت مجلس إدارة اتحاد الكرة على موقفه في قضية حسني عبد ربه، ولم تمانع في أن يظل ناديها يلهث خلف اللاعب من نادي إلى نادي ومن دوري إلى دوري، عاجزة عن أن تفهم إنه بالرغم من صحة الأوراق والمستندات التي يملكها ناديها، قد يكون التراجع في بعض الأحيان أفضل كما حدث في حالة محمد عبد الله وعمرو سماكة مع الزمالك ووائل القباني مع الأهلي قبل سنوات، حيث كانت الأوراق والمستندات صحيحة بالنسبة للناديين، ولكن كان التراجع مطلوب لأنهما أكبر من أي لاعب، ويجب ألا يسعيا لضم لاعب لا يرغب بهما.
وفي قضية هاني سعيد التي قتلت بحثاً، لن نتحدث عن صحة أوراق الزمالك ومستنداته، ولكنه سؤال وحيد، ماذا لو حكم الاتحاد بانضمام اللاعب للأهلي مع استحالة هذا الفرض لعدم وجود علاقة ورقية بين الطرفين، ولكن إذا حدث واستقرت الأمور، وجاء اللاعب في اليوم التالي ليغير رغبته ويقرر العودة مثلاً للإسماعيلي، فما هو القرار الصائب ؟، وهل سيسمح له الأهلي بذلك لأنها رغبته؟
 | ||
| حسن حمدي رئيس النادي الأهلي | <td width=1>
أما قضية البث التليفزيوني التي تفجرت مؤخراً بين الأهلي من جهة واتحاد الكرة واتحاد الإذاعة والتليفزيون من جهة أخرى، وبعيداً عن وجهة نظر كل من الطرفين، فأن ملابسات القضية وتعامل المجلس الأحمر مع الأطراف المتنازعة يكشف عن ما هو أكبر من ذلك بكثير من أخطاء بالجملة وتصرفات اندفاعية تبتعد كل البعد عن النموذج المعتدل الذي قدمه النادي الأحمر ومجلس إدارته على مدارالسنوات الماضية.
فالمجلس الأحمر ارتكب عدة أخطاء في "معركة" البث الفضائي، حيث أطلق قناته قبل أن يعرف إذا ما كانت ستحصل على حقوق بث المباريات من عدمه، وهو ما تسبب في تعطيل القناة عن العمل ليومين كاملين، كما إنه سفه من قدر المنافسين وتغاضى عن حقوق الأندية الأخرى عندما قرر أن يشتري مباريات الدوري بأكملها مثل القنوات الأخرى ليحظى ببث جميع مباريات المسابقة، مع الإستئثار بمبارياته دون غيره، وهو ما كان سيذيق النادي من نفس الكأس الذي تشرب منه الفضائيات الأخرى حالياً، إذا ما قرر أحد الأندية انشاء قناة خاصة به وطالب بحقه في نقل مبارياته حصرياً، وهو ما يعني عدم قدرة قناة الأهلي على بث مباريات هذا النادي مع فريقها أو حتى مع الفرق الأخرى.
كما أخطأ المجلس عندما جبٌه الأندية واتحاد الكرة ضده في المعركة، وعندما قرر أن يستنبط قرار وزير الإعلام أنس الفقي مستغلاً اتفاق ودي اسفرت عنه جلسة ودية بينهما، فأعلن في بيان رسمي عن موافقة الوزير ووضعه في موقف حرج أمام الجميع.
ومن مناقشة القضايا وموقف الأهلي فيها، نستطيع أن نستنتج أن جماهير الأهلي بالفعل ظلمت، ولكن من كل المحسوبين على النادي والصحفيين والنقاد المواليين له، والذين اعتادوا على مناصرته دائماً سواء كان ظالماً أو مظلوماً، وأوحوا للجماهير أن كل فشل ينتج عن قرارات مجلس إدارتها يكون سببه الإنحياز ضد النادي، فأصبحت غاضبة من كل شيء، وناقمة على كل شيء .. تهدد وتتوعد كل من يخالفها أو ينصف آخر على حساب ناديها بالويل والثبور وعظائم الأمور .. وتهدر دم كل من يقف في طريقه وأمام مصلحته حتى ولو كان ينتمي للنادي ويؤكد في كل لحظة إنه أبن من ابنائه ومن أشد المؤيدين له.
 | ||
| جماهير الأهلي غاضبة | <td width=1>
والواقع أن مشكلة جماهير الأهلي إنها لم تعتاد على أن تحاسب مجلس إدارتها، كما إنها لا تتقبل النقد بصدر رحب، وتعتقد أن كل من يفعل ذلك يعد مغرضاً ويحاول زعزعة استقرار فريقها .. ونحن لا نلومها على ذلك فهذه هي طريقة حبها للنادي وطريقة مساندتها له، ويكفي أن نعرف أن جمعية النادي العمومية لا تكتمل إلا في أعوام الإنتخابات فقط، ولكنها لا تجتمع لتمارس حقها كل عام في مناقشة الميزانية مثلاً، ولا تسأل من أين أتى المجلس بأموال الصفقات، أو عن هذا العدد الهائل من اللاعبين الذين اشتراهم النادي ولم يستفد منهم، وهم يفوضون المجلس في كل شيء الأمر الذي ينم عن ثقة مطلقة فيه، ولكن ما يجب أن تلتفت إليه تلك الجماهير أن هذه الثقة المطلقة قد تدفع مجلس إدارة ناديها في الكثير من الأحيان لاستخدامهم كدروع بشرية، ووسيلة للضغط على أي طرف هناك نزاع معه، وذلك بالنظر إلى الأعداد الغفيرة التي تحب النادي وتنتمي له وقدرتها الكبيرة على التأثير في الأمور.
لقد عودتنا جماهير الأهلي أن تحب ناديها بالشكل الذي تتصوره صحيحاً، والذي يعادي كل نقد يمسها أو يمس ادارتها أو لاعبيها، ولكن لكي لا تساعد تلك الطريقة في أن يتحول محبو القلعة الحمراء إلى رابطة "التراس ديفيلز" كبيرة، يجب على الجماهير أن ترى الأمور بنظرة أشمل، وألا تستمع لوجهة نظر واحدة فقط، وأن تعلم أن مجلس إدارتها بشر يخطئون كما يفعل الجميع، ويندفعون أحياناً في قراراتهم كما يفعل الجميع، وأن تراعي وجهات نظر الآخرين وتعرف أن شعار "الأهلي فوق الجميع" لا يسري على سواها، فالمنافسين لا يهتمون بمصلحة الأهلي أو ما يحبه جمهوره وما يحقق لهم السعادة، ولا يجب أن يفعلوا ذلك، لأن الأهلي ببساطة فوق جماهيره ومحبيه وعشاقه وأبنائه فقط دون الآخرين.
