متصعباً.. وليس متعصباً، أقول أننى لم أشعر بالفخر الشديد ولم تتصارع دموع الفرح فى مقلتىَّ (وبصراحة لم يحدث هذا منذ فترة طالت لدرجة أننى فكرت فى الاستعانة بهما لقلى البيض للاستفادة منهما وخلاص) ولم أهتف «الله أكبر الله أكبر» بعد أن سمعت الهتافات المعادية ضد الحارس الهارب (عصام الحضرى) حارس مرمى منتخب مصر أثناء مباراة الكونغو، ترانى لم أحزن أيضاً على الرغم من أن مبدأ السباب مرفوض، والتجريح فى الأهل والعرض شىء بشع مخيف ياى.. وحقيقى أعترض بشدة على أسلوب الشتيمة وإن كنت لا أنا ولا غيرى ننكر أنه أوضح أسلوب للاعتراض فى ملاعب الكورة، أرجوك لا تقل أننى أسانده بهذه الطريقة، فأنا أقر أمراً واقعاً، لم نسمع كثيراً (لا أقول مطلقاً) عن جماهير غضبت من قرارات حكم فهتفت ضده: «يا حكم يا جميل خليت الكفة تميل».. آه زمان كانوا يقولون «شيلوا الرف»، ولكن الآن، كلنا نرى ونسمع ونتكلم، وبالتالى فهو أمر واقع سواء كان الاعتراض على حكم أو لاعب أو مدرب.. نعم هو أسلوب مرفوض ولكنه موجود، فماذا بعد؟!
أعتقد أن الجمهور الذى ذهب ليسب (الحضرى) فى مباراة الكونغو لم يجد وسيلة إلا هذه، ومع تقدير كل مصرى لمهمة منتخب مصر فى حلم الوصول لكأس العالم، وضرورة احترام فانلة المنتخب واسم المنتخب وسلام عشانه؛ فـ(الحضرى) لن يلعب فى مصر على الأقل فى هذه الأوقات إلا للمنتخب، وبالتالى لن يستطيع ضحاياه الانتقام منه أو رد الصاع له إلا بهذه الطريقة للأسف، وكل هذه أمور متوقعة لا تغيب عن أى واحد يمتلك مخاً ولو نص لبة، ولا يغيب عن بال أى واحد مخه فى ضعف الترمسة أيضاً أن هذا أمراً متوقعاً، وأن استعانة (شحاتة) بـالحارس الهارب كلاعب أساسى فى المنتخب سيعمل على تقسيم جمهور مصر إلى فريقين بدلاً من توحد الجماهير خلف فريق بلدها، فقد استطاع استطاع (المعلم) ببراعة أن يسقط جماهير مصر (الأهلاوية منهم بالذات وما أدراك ما عددهم) فى حيرة بالغة، إما أن يساندوا لاعباً خائناً ترك فريقهم فى عز احتياجه له وغدر به وبهم وشوه صورة ناديهم أمام العالم أجمع وافترى وادعى بالكذب والزور ليظهر بمظهر الضحية البريئة الخارجة لتوها من زراعات الذرة على طريق زراعى مهجور والدماء تسيل منها، وإما أن يهاجموه كرد فعل طبيعى جداً ومتوقع خالص ومنطقى إلى أبعد الحدود، والهجوم فى ملاعب الكورة لا يكون مثل الهجوم فى ميادين السياسة بمقاطعة المنتجات مثلاً أو الخروج بمظاهرة فى ميدان التحرير أو الجلوس على سلم نقابة الصحفيين، أو تكوين حركة (كفاية) لمجابهة جبهة (الحضرى) الإمبريالية التوسعية التهربية.. وإنما الاعتراض يكون فى ملعب الكورة، وهذا ما حذرنا منه من قبل ليس بصفتنا أذكى الناس أو (السوبر مِن / جمع مان) ولكن لأن هذه أمور بديهية لو غابت عن عقول المسئولين عن المنتخب لكانت مصيبة سودا ولو حضرت وتجاهلوها كما حدث فهى أسود.. وحدث بالفعل وانقسم الجمهور لمؤيد للمنتخب ومعارض له لوجود الخائن (من وجهة نظر جماهير الأهلى) ضمن صفوفه!
طيب، ما العلاقة بين سب (الحضرى) وانعدام الوطنية؟ وأرجوك لا تقل أننى أدافع عن السباب كمبدأ، وأدعو له وأرجو أن يسود، طبعاً أنا أتمنى أن يكون الاعتراض بشكل أفضل، وإن كنت لا أطمع أن يكون مثل بلاد برة بإلقاء تورتة فى وجه اللاعب فبيت صاحب التورتة وعياله أولى بيها من وجه الحارس الخائن، ولكن السباب كان نتيجة للغضب، طيب هل سب أو حتى الاعتراض على أى شخص فى مصر عموماً يعنى بالتبعية انعدام الوطنية؟! هل الاعتراض على تواجد شخص ما فى مركز معين يعنى أن المعترض أو الرافض بالضرورة هو جاسوس أو عميل لدولة أجنبية؟ إذن فكل الخارجين فى مظاهرات السياسة أو الخبز أو ارتفاع الأسعار كلهم خونة لأنهم يعترضوا على بعض الأشخاص أو الأوضاع (اعمل معروف ولا تفهم كلمة الأوضاع غلط) على كدة البلد مفيهاش وطنيين؟! لأ.. الوطنية ليست (الحضرى) وليست (شحاتة) وليست (زاهر) وليست الأهلى بالتأكيد.. ليست الوطنية بهذه السذاجة ليتم تركيبها وانتزاعها مثل حفاضات الأطفال، وليست الوطنية مثل اللبانة ليتشدق بها (أحمد سليمان) ويتساءل لماذا توجه الجمهور للملعب؟! طيب يا حاج (أحمد) لماذا توجهت أنت شخصياً للملعب؟! بصفتك مدرب حراس مرمى الفريق؟ طيب أرجوك وأبوس دماغك والله أبوسها وأحب عليها وأتجوز كمان، قل لى ولا تخبيش، إنت بتعمل إيه فى حراس المنتخب؟! (الحضرى) كان يأتى جاهزاً من الأهلى ومن تحت يد مدرب الحراس الحقيقى (أحمد ناجى) ليلعب للمنتخب ويتألق، وبعدما ترك الأهلى رأينا كيف أصبحت أخطاءه فى منتهى السذاجة، هدف مسئول هو عنه مائة بالمائة فى مباراة الأرجنتين، ولم يكتفى بالمسئولية وإنما سقط على ظهره رافعاً ساقيه لأعلى فى مشهد مؤسف أذاعه التليفزيون عينى عينك كدة بدون حذف أو إعلان أن المشهد للكبار فقط، وهدف مسئول عنه أيضاً حسب كلام الخبراء مش كلامى أنا الغلبان فى مباراة الكونغو.. يعنى (الحضرى) ابتعد عن (ناجى) ولعب مع المنتخب مباراتين اهتزت شباكه بثلاثة أهداف منهم اثنين مسئوليته مسئولية تامة، يعنى من الآخر نكرر السؤال: (أحمد سليمان) إنت روحت الإستاد ليه؟! طيب أين حراس مرمى المنتخب الباقين؟! لو كان عندك واحد قمت بتجهيزه وإعداده ووثقت فيه وعملت منه حارس دولى بجد، فلماذا رفضتم التنازل عن (الحضرى) وقلتم أنه الأفضل؟ بالتأكيد وحتى الآن هو الأفضل ولكن ماذا تفعل أنت؟ ما هو دورك؟ وماذا فعلت مع (عبد المنصف) فى المباراة اليتيمة التى لعبها ضد اليابان وشال أربعة؟! حاج (أحمد) هما راحوا الإستاد يشتموا (الحضرى).. إنت روحت الإستاد ليه؟!!
لو كان (عصام الحضرى) احترم الجماهير التى تحملته طويلاً حتى صار الحارس الأول فى إفريقيا، ولو كان احترم أفضال ناديه عليه، وخرج بطريقة محترمة، لعاملته الجماهير مثلما تعامل المحترمين من أمثال (وائل جمعة) و(محمد شوقى) مثلاً.. أما لماذا يسبون (الحضرى) بالأخص ولم يسبوا (جمعة) و(شوقى)؟! لأنهما خرجا بطريقة شرعية ولم يأخذاها من الخلف لا مؤاخذة مثلما فعل حارس المنتخب.. وقبل أن نلوم الجماهير على ردود أفعالها، علينا أن نلوم صاحب الفعل، ونعاقبه، لا أن نكرمه ونفتح له أبواب الجنة لأنه غلط فى حق ناديه وفى جماهير ناديه، ثم إن مستوى (الحضرى) فنياً فى الأهلى كان أفضل، بدليل الهدفين السابق ذكرهما، أى أن احترافه الخارجى لم يرفع مستواه ولا يحزنون، ولم يفيد منتخب مصر وإنما العكس، انخفض مستواه فنياً، وانقسم جمهور المنتخب فى وقت حرج، وأصبحت مباريات المنتخب فى القاهرة جحيماً على الفريق.. لماذا؟ لأن (الحضرى) أجرم ووجد مَن يسانده!
أما المنادين بضرورة ترك الحارس وشأنه من أجل مصر، فقد أساء هو أولاً لمصر مع مَن ساندوه، ويكفى أن يعرف السادة فى سويسرا أن فى مصر نادياً يضطهد أبناءه مادياً ودينياً مثلما قيل، ويكفى أنه نادى يزور العقود وجمهوره يهدد لاعبه بالقتل مثلما أعلن ابن كفر البطيخ فى أوروبا، ألم يسيئ الحارس لمصر عندما كاد يتسبب فى خروج الأهلى من البطولة الإفريقية بعدما تركه بحارسين لا ثالث لهما فى سابقة تعد الأولى فى التاريخ أو الإحصاء لا أذكر، وسيظل النادى يعانى من جريمة الحارس الهارب حتى الفوز بالبطولة أو خسارتها، لأنه بالإضافة للخسارة الفنية، فقد خسر مكاناً فى القائمة الإفريقية كان يتوجب عليه قيد لاعب آخر للاستفادة منه بدلاً من أن يتم إجبارة على قيد حارس مرمى ثالث أو بالأصح رابع!
والحقيقة أننى أرغب فى إيجاد أى اقتراحات لحل المشكلة من قبل الجمهور الغاضب، لتفادى موضوع السباب فى الملعب أثناء مباريات المنتخب، ولكن أرى أن حل المشكلة من جذورها هو استبعاد الحارس من الفريق، وهذا ما لن يحدث، وسنجد أنفسنا مضطرين لترتيب الموضوع من أوله؛ الحارس يهرب للخارج ويعلن انضمامه لنادى آخر على الرغم من ارتباطه مع ناديه بعقد واتفاق، ثم يعلن أنه مضطهد ولا توجد عقود، ويعود اللاعب إلى مصر ليجرى عدة حوارات صحفية وتليفزيونية ويجس نبض النادى الذى قام بإيقافه كرد فعل طبيعى جداً، ويرفض اللاعب التوقيع على أى أوراق لإثبات حسن نيته مما يثبت بالفعل أن نيته عكرة، ثم يسافر مرَّة أخرى ليواصل الهجوم على ناديه الذى رباه ونعترف أنه فشل فى تربيته، ثم يقوم الجهاز الفنى للمنتخب الوطنى بضمه للمنتخب ويعلن أن اللاعب هو الحارس الأساسى والحقيقى للفريق وأنه لم يخطئ فى حق المنتخب ولا علاقة لهم بموضوع النادى الأهلى، ثم تقوم الجماهير بسبه والهجوم عليه فى كل مباراة... مسلسل طبيعى للغاية حتى لو احتوت الأحداث على بعض الشذوذ ولكن النتيجة النهائية منطقية رغم اعتراضنا.. منطقية جداً بناءً على المعادلات السابقة ذكرها.. والعملية مش كيميا!
