لماذا لم ينجح محترفينا في ترك بصمة على الكرة الأوروبية؟ لماذا لا نجد بين محترفينا من يضاهي شهرة دروجبا و كانوتي و أديبايور و إتو و يايا توريه ؟ لماذا لا نجد أي من محترفينا في أندية الصف الأمامي في أوروبا كبرشلونة و تشيلسي و ريال مدريد و الميلان؟ لماذا يعتبر العالم نجوم منتخبنا لاعبين مغمورين على الرغم من فوزنا بكأس الأمم مرتين على التوالي ؟
أسئلة كثيرة خاصة بلاعبينا و الإحتراف نحاول طرحها عبر [b]الأهلي.كوم بموضوعية، مع طرح الحلول المناسبة لعل و عسى تساعد في تحسين مركز لاعبينا المحترفين في الخارج.
بداية، نحاول أن تتذكر أشهر اللاعبين المحترفين في تاريخ مصر، و إنجازاتهم مع الفرق الأوروبية، لطرح القضية بواقعية
من هم أشهر المحترفين المصريين:
أشهر المحترفين المصريين بناء على مستوى النادي و البطولات التي حصل عليها اللاعب، و مشاركاته مع الفريق هم:
أحمد حسام (ميدو): من مواليد 1983، إحترف منذ عام 2000 في جنت البلجيكي، و إنتقل عام 2001 إلى أجاكس حيث لعب 37 مباراة و أحرز 25 هدفآ، و أعير إلى سيلتافيجو الأسباني حيث أحرز معه 4 أهداف في ثمانية مباريات، و عام 2003 إنتقل إلى مارسيليا في صفقة هي الأكبر في تاريخ المحترفين المصريين ب12 مليون يورو. أحرز مع مارسيليا 7 أهداف في 23 مباراة، و تم بيعه إلى روما في 2004 ب 6 مليون يورو، و من بعده إلى توتنهام هوتسبيرز، ثم إلى ميدلزبره و هو فريقه الحالي.
أحرز مع أجاكس لقب كأس و دوري و سوبر هولندا عام 2002، و هو أشهر الأسماء المصرية في أوروبا.
أحمد حسن: من مواليد 1975، إحترف منذ 1998 في تركيا في كوسايليسبور و إنتقل لأكثر من فريق تركي حتى عام 2003 عندما إنتقل إلى بيشيكتاش التركي الذي أحرز معه 30 هدفآ. ثم إنتقل عام 2005 إلى أندرلخت البلجيكي و أحرز معه لقبين للدوري. كما أحرز لقب كأس تركيا.
محمد زيدان: من مواليد 1981 إحترف في أكادميسك بولدكلوب الدانماركي في 1999، ثم إنتقل 2003 إلى ميتلاند، و أحرز لقب هداف الدوري الدنماركي 2004 ب19 هدف، ثم إنتقل إلى فيردر بريمن في 2005 و أعير إلى ماينتز، ثم بيع إليه في 2007 و أحرز معه 21 هدفآ قبل إنتقاله مؤخرآ إلى هامبورج الذي أحرز معه 3 أهداف في 13 مباراة. و أحرز معه كأس الأنترتوتو.
هاني رمزي: مواليد 1969 إنتقل من الأهلي إلى نيوشاتل السويسري عام 1990، و من ثم إنتقل إلى فيردر بريمن الألماني عام 1994، ثم إلى كايزرسلاوترن عام 1998 حتى 2005. و حصل على المركز الثاني في الدوري الألماني مع فيردر بريمن.
عبد الستار صبري: من مواليد 1974، إحترف منذ العام 1997 في تركيا، حتى 1999 و إنتقل إلى باوك اليوناني، ثم بنفيكا البرتغالي عام 2000، و تم بيعه عام 2001 إلى ماريتيمو البرتغالي قبل أن يعود إلى مصر، و لم يحقق أي بطولات مع بنفيكا
و أسماء أخرى شاركت في مسيرة الإحتراف المصري في أوروبا كحازم إمام (أودينيزي الإيطالي) و حسام غالي (فينوورد الهولاندي و توتنهام هوتسبيرز) و هاني سعيد (باري الإيطالي) و سمير كمونة (كايزرسلاوترن الألماني) و أحمد فتحي (شيفيلد يونايتد) و حسني عبد ربه و أحمد أبو مسلم (ستراسبورج) و مجدي طلبة (باوك). كما أن هناك العدي ممن إحترفوا في تركيا كعبد الظاهر السقا و أيمن عبد العزيز.
و لم يحقق أي من هؤلاء اللاعبين أي نجاح يذكر مقارنة بقرنائهم الأفريقيين مثال جورج ويا (ميلان) و كالون و مارتينز (إنتر) دروجبا (تشيلسي) و إتو و يايا توريه (برشلونة) و رابح مادجر (بورتو ) و كانوتي (أشبيلية) و ديارا (ريال مدريد) و توريه و إيبوي و أديبايور (أرسنال) و غيرهم.
و إذا كان اللاعب المصري غير مؤهل للإحتراف الخارجي، فكيف فاز المنتخب بثلاثة ألقاب أفريقية خلال عشرة أعوام، منها إثنان خارج مصر ؟ و ما هي المشاكل و العقبات التي تؤثر على نجاح اللاعب المصري في الإحتراف.
1- ضعف التحدث باللغة الأجنبية:
لا يتقن معظم لاعبينا أي لغة أجنبية سواء إنجليزية أو فرنسية أو إيطالية أو أسبانية، نظرآ لضعف اللغات الأجنبية في مدارسنا. و اللغة هي الحاجز الأول الذي يقابل اللاعب في الإحتراف الخارجي للتفاهم مع زملائه أو المدربين.
و إذا قارنا اللاعب المصري بنظيره في شمال و غرب و وسط أفريقيا، نجد أن اللاعبين الآخرين يتقنون الفرنسية و الإنجليزية و البرتغالية نظرآ لكون اللغة الأجنبية لغة أساسية في بلادهم، كالفرنسية في تونس و المغرب و ساحل العاج و الإنجليزية في نيجيريا و غانا و البرتغالية في أنجولا . مما يسهل إنتقالهم إلى أوروبا و تواصلهم مع غيرهم من اللاعبين، كما يسهل عملية تعلم لغة جديدة، لأن اللغات اللاتينية تحوي مفردات مشتركة، و قواعد لغوية متقاربة.و قد عانى لاعبيم مصريين كأحمد أبو مسلم من تجاهل مدربه نظرآ لعدم قدرته على التواصل معه.
و عامة ما يجبر النادي الأوروبي اللاعب أو المدرب الأجنبي على تعلم لغة البلد، لتسهيل عملية دمج اللاعبين، خاصة مع تعدد جنسيات اللاعبين المحترفين داخل الأندية الأوروبية. فنجد كابيلو يتحدث الأسبانية و أريكسون يتحدث الإنجليزية و رانييري يتحدث الإيطالية.
و من الحلول السهلة لتحسين هذا الضعف اللغوي، هو إقحام الناشئين و لاعبي الفريق الأول في برنامج دراسي عبر النادي لإتقان لغة أو إثنين. و إعتبارها جزء من البرنامج اليومي. فلو تعلم لاعبو الأهلي البرتغالية منذ التعاقد مع جوزيه، لإستغنى النادي عن أجر مترجم، و سهل التواصل مع المدرب، كما رفع من فرصة بيع اللاعبين للبرتغال. و بدلآ من الشهادات غير المفهوم جدواها، كمعهد التعاون، يستثمر النادي بتنمية قدرات لاعبيه. على الأقل لن نشاهد الأخطاء الفادحة عبر الفضائيات عند إستضافة أي لاعب من تلفزيون أوروبي كما حدث في غانا.
2- ضعف قطاع الناشئين:
معظم الفرق المصرية تتعاقد بآلاف الدولارات مع مدربي الفريق الأول، و تترك الناشئين لمدربينا المحليين. و يبدأ الناشيء في تعلم أصول الكرة عند تصعيده للفريق الأول، و هو ما يخلق ضعفآ في المواهب المصرية من سن 17 عامآ حتى 22 عامآ. و لم نجد أي موهبة ظهرت كفابريجاس و ميسي و دوس سانتوس و أجويرو و باتو و كريم بن زيما.
و لم يخرج من ملاعبنا أي موهبة ناشئة أصغر من 20 عامآ سوى ميدو الذي "هرب بجلده" مبكرآ من مقصلة المواهب المصرية للناشئين.
كما أن معظم اللاعبين الناشئين غير معروفين للجمهور الكروي، و لا يتم تقييمهم من النقاد و المحللين، و يكفي أن يتربى الناشيء على أساليب تدريبية من طراز "و الله زمان يا سلاحي" و "إمسك مفاتيح اللعب". و هي إنقرضت عالميآ. أو بتعميم أسلوب واحد و هو 3-5-2 في كل مدارس الكرة مما أصاب اللاعبين بتحجر كروي.
و تستثمر الفرق الأوروبية الملايين في مدارس الكرة سواء في بلدها أو في بلدان نامية، على أن تحتفظ بحق رعاية و تسويق اللاعب. و قد تعاونت الأندية الأوروبية مع فرق أفريقية و لاتينية لإنشاء مدارس كرة في ساحل العاج (أسيك ميموزا) و أخرجت أرونا دينداني و كولو توريه و بدأت في 1993 على يد الفرنسي جان مارك جيلو، و مدرسة الكرة في الإنتر التي تستثمر في كوماسي و تقوم بجذب المهوبين إلى فريق الناشئين . ومثلها في مدارس الكرة في المكسيك و جنوب أفريقيا (أجاكس كيب تاون) و البرازيل. و هو ما أنتج أجيال صغيرة تتمتع بتقنيات اللاعب الناضج، و تحمل نشاط اللاعب الناشيء.
[size=9]سعيد سعيد (14 عامآ) أحد ناشئي الإنتر من كوماسي - غانا
و يفضل أي نادي عالمي التعاقد مع لاعب صغير موهوب، نظرآ لإمكانية الربح الكبير من بيعه، و طول مدة عطائه للنادي. و هو ما حدث مع محمد عبد السلام الذي طالب به برشلونة و رفض الأهلي، و إنتهى به الأمر على دكة حرس الحدود. أو إسلام عادل الذي طلبه تريفيزو الإيطالي و ساو باولو البرازيلي،و لم نراه في الملعب في أي مباراة.
و قد يكون من الحلول الجيدة، هي المشاركة مع نادي أوروبي يقوم بتطوير قطاع النشء في النادي، و يملك نسبة من حق تسويق اللاعب أوروبيآ أو محليآ. و هو ما سيساعد الفريق على تسويق اللاعب بسهولة أوروبيآ، على الأقل في النادي المسئول عن قطاع الناشئين.
و بوضع مدربينا تحت أيدي المتخصصين، سنستطيع أن ننتج جيل تدريبي قادر على سد الفراغ الكبير الحاصل في إنعدام الأسلوب العلمي لتنشئة لاعب الكرة من سن صغيرة. و قد طبق الأهلي هذا الأسلوب مع كروفر و حقق نجاح كبير، و لم يتم تعميم و تطوير الفكرة. بل إيقافها!
و حل آخر هو بإيجاد شركة راعية لقطاع الناشئين فقط، و تقوم الشركة بتأمين مصاريف مدرب أجنبي متخصص في تأهيل الناشئين، و يكون العائد هو نسبة مئوية من قيمة عقد اللاعب عند بيعه أو إنتقاله.
رحلة تشيلسي في غانا بحثآ عن المواهب
و حل آخر هو نقل مباريات قطاع الناشئين و تنظيمها بشكل إحترافي، و كما ينقل التليفزيون الأسباني بطولات البراعم و الناشئين، مما يضع الناشيء تحت ضغط الإبداع، و يعرّف المشجعين بناشئيهم، و يسهل عملية البحث عن مواهب. و مع تعدد الفضائيات بشكل كبير، نجد أن هذا الحل أصبح من الممكن تحقيقه بتعاقد الإتحاد مع فضائيات لنقل هذه المباريات. فتصبح الأسماء كأحمد عطوة و ماندو، و محمد سمير معروفة لدى الجماهير، قبل تصعيدها للفريق الأول. و يمكن جعل مباريات دوري الناشئين قبل مباراة الفريق الأول، مما يتيح لجمهور النادي مشاهدة اللاعبين مباشرة، و وضع اللاعبين تحت ضغط الجماهير من سن مبكر
و بالإمكان إرسال فرق الناشئين لبطولات ودية في أندية أوروبا، مما يتيح تسويق اللاعبين، و وضعهم تحت أول إختبار دولي مبكرآ.
3- إفتقاد المهارات الأساسية :
فرانشسكو توتي في تمرين التسديد
إذا قسّمنا شاشة التلفزيون إلى نصفين، الأول ينقل مباراة في الدوري المصري، و الثانية مباراة في أي دوري أوروبي (إنجليزي أو أسباني...إلخ). نجد الفارق مهول بين المهارات الأساسية للاعبين المحليين عن قرنائهم الأوروبيين. فعند الضغط على حامل الكرة حين تسلمه الكرة، نجد السيناريو التالي في بلدنا: اللاعب يحاول إيقاف الكرة تحت ضغط، و رفع أيديه لحماية كرته، ثم النظر حوله ليرى من هو اللاعب الذي يستطيع التمرير له، ثم يقوم بالتمرير لأسهل لاعب متواجد حوله. هذه العملية تستغرق ثواني معدودة، يستطيع الفريق المنافس ترتيب صفوفه.
نفس الموقف من لاعبي الشاشة الأخرى (ألاوروبية) يستغرق كسر من الثانية، فاللاعب يعلم خياراته عند الإستلام تحت ضغط، و هو إما تغيير الإتجاه و الإنطلاق بالكرة بعد المرور من اللاعب المراقب، أو إعادة الكرة إلى نفس اللاعب الذي أرسلها في حال إغلاق الخيارات، أو تمرير الكرة بدون توقيفها مستخدمآ جميع أوجه القدم (خارج القدم، داخل القدم، كعب القدم، القدم المعاكسة)
هذه أبسط قواعد الكرة الحديثة، و هو ما يجعل الكرة تنتقل بسرعة في أوروبا، و تسير بالخطوة البطيئة في الدوري المحلي. و يفترض أن يكون اللاعب متمرس على هذه القواعد في مدرسة الكرة. و بالطبع هناك إستثنائات كأبو تريكة، و عمر زكي، و حسني عبد ربه، و بركات. لكن القاعدة هي البطء في كل شيء.
كما تغيب المهارات الأخرى، كالعرضيات من الأجنحة، و التسديد من خارج منطقة الجزاء من الوضع المتحرك من لاعبي الوسط، و الرأسيات. و أحيانآ تمر المباراة بدون أن نرى ركنية واحدة تخطت المدافعين، و لا نفهم من يتحمل الخطأ اللاعب، أم المدرب؟.
أما اللاعب الأفريقي فطبيعة الملاعب و الحياة، تساعده على تطوير مهاراته، كما أن سرعته و قوته تجعله متفوقآ على نظيره المصري في نظر المدرب الأوروبي، و حتى إذا إفتقد للمهارات الأساسية، يتم الدفع به و الصبر عليه لإستغلال بنيته و لياقته في الملعب. و تراه الفرق الكبرى كخامة قابلة للتطويع و التدريب لإخراج مواهب كجورج ويا أفضل لاعب في العالم، و إتو و دروجبا.
و عند إختبار لاعبينا في أي نادي (غير تركي أو يوناني) يفشل اللاعب في فرض نفسه كلاعب أساسي، و يقلل ضعف مهاراته الأساسية من قيمته عند الإحتراف. كما يضع اللاعب المحترف أوروبيآ تحت ضغط مستمر لرفع قدراته لتتساوى مع لاعبي الفريق، و هو ما يؤخر الدفع بأي لاعب مصري محترف. كمحمد شوقي، و حسام غالي، و إبراهيم سعيد عند إحترافه مع إيفرتون، و أحمد فتحي.
ديلبييرو في تمرين التسديد
و يجب إستغلال تفوق لاعبينا على الأفريقيين في اللعب الجماعي، و تنفيذ الخطط التكتيكية، بالإضافة إلى عقلية الفوز التي يتمتع بها لاعبونا. و مع تطوير مهاراتنا الأساسية، يصبح اللاعب المصري له مميزات تجعله مطلوبآ في الأندية الكبرى.
الحلول تبدأ بنقل هذه التقنيات للناشيء كأساسيات للكرة، و كحل عملي حتى يتم الإهتمام بقطاع الناشئين، يجب أن يتم تطبيق اليوم الكامل للاعبين الدرجة الأولى. فيتم تدريب اللاعبين منفردين لتحسين مهاراتهم بعيدآ عن التدريب الجماعي.
فيتم إعطاء جرعات تدريبية للتسديد فوق حائط خشبي، على أن توجه الكرة إلى دائرة معلقة في المرمى، و على اللاعب إدخال الكرة داخل الدائرة. و في جرعات تدريبية أخرى، يتم تدريب اللاعبين على تسليم الكرة من لمسة واحدة تحت ضغط خصم لزميل يقف خلف اللاعب يسارآ أو يمينآ. و هي ما يفشل معظم لاعبينا في تنفيذها و خاصة لاعبي الوسط و الأجنحة، كحسام عاشور و إينو و صديق و شديد و حسن مصطفى.
هذه الجرعات لها مفعول السحر لتحسين مستوى اللاعب، و قد صرح أبو تريكة أكثر من مرة أن جوزيه إنفرد بتريكة و متعب كثيرآ لتدريبهم على التسديد من الضربات الثابتة.