سألني أحد أصدقائي يوما عن حادثه فراق مررت بها
- كيف تري الفراق ؟
فأجبته:
- جرح موجع ينزف رمال صحراء بلا رحمه
- أيؤلمك الفراق ؟
- جداً .. ومن ذا الذي لا يؤلمه الفراق!!
- أري أن من يفارق.. بغيضه يفرح ويهَش ويبَش.
- هذا أمره لا يعنيني .. إنما يعنيني الفراق بين الأحبة.
- وهذا الجرح النازف رمالاً أتراه يندمل؟
- نعم .. فقط علاجه أمل اللقاء القريب.
- فإن كان اللقاء بعيدا.؟؟؟
- فلتتخذ من ذكرياتك مع من فارقت بلسماَ وضماداتِ.
- فإن لم يكن لي خبرة في تصنيع ذلك البلسم وتلك
الضمادات؟
- فلتغمس أصابع الذكري في ماء جرحك الملون
ترسم به لوحة اللقاء البعيد.
- أنا لا أجيد الرسم.
- إذاً عليك بكيِّ ذلك الجرح بنار الشوق.
- فإن كان لاطاقة لي على تحمل ألم الكيِّ.
- فلتبحث عن صديق يستقبل أحزانك.
- فإن وجدته؟
- انزف لديه تفاصيل ألم الفراق.
- فإن لم أفعل وتقوقعت بين أشجار غابة
الفراق الموحشة؟
- ساعتها لن تسمع إلا صوت أنين الآهات المكتومة ..
ولن تشم إلا رائحة القلب المحروق بأحزانه ..
وستُخرج لك الدنيا لسانها تلعق أدمعاً حَوَت تفاصيل
لحظات الفراق.
- فليكن..
- سيقضي عليك رعب الوحدة ولن ترى أمامه
إلا خط النهاية ..
وستذوق طعم كل أنواع الموت..
- وما العمل؟
- إبدأ حياة جديدة على فرش من حنين ..
واتفل من فمك المرارة وامضغ علك الرضا.
- فإن لم أفعل؟
- ستتسول على قارعة اليأس لقيمات من عطف
يقمن أوَدَك.
- من علمك معالجة آلام الفراق؟
- الفراق..
- كيف؟
- علمني الفراق أن الوقت لا يتوقف..
وأن الحياة مستمرة لا تتجمد..
وأن أقوم بطلاء جدران الصمت بضجيج أحلامي..
وأن أستدرج الفرح إلى قلبي وألقي بالأحزان من شرفة آمالي ..
علمني أن رحلة ما بعد الفراق هي رحلة حياة لا رحلة موت بطيئ.
- إذاً أنت تلميذ الفراق؟
- بل أنا ابنه!!
مماراق لي ....